يؤكد المؤرخ مصطفى نويصر أن الراحل عبد الحميد مهري كان بالفعل حكيم الثورة التحريرية، ويكشف في هذا الحوار المقتضب جوانب غير معروفة في مسيرة المناضل الراحل كمناضل مغاربي إلى جانب المغربي عبد الكريم الخطابي وآخرين· أنت الذي عرفت الراحل عبد الحميد مهري عن قرب، أي صورة تحضرك بخصوصه؟ عندما اقتربت منه وتعرفت عليه، ثم لازمته مدة ستة عشرة سنة في المؤتمر القومي العربي وفي المؤتمر القومي الإسلامي، أخذت عنه صورة لا أستطيع أن أنساها، كنت دائما أستغل فرص السفر معه في المطار لأناقشه في قضايا الأمة· هو بئر عميقة من المعلومات ومن الأسرار التي ذهبت معه للأسف الشديد· أنت تعرف الراحل من خلال المؤتمر القومي العربي، وهو من كبار القوميين الجزائريين، كيف ''كسب'' مهري قلوب خصومه الإيديولوجيين في بلد تكاد السياسية فيه تتأسس على الخصومات الإيديولوجية؟ ربما يعود هذا إلى شخصية الرجل وتاريخه النضالي الطويل الذي بدأه في بداية أربعينيات القرن الماضي واستمر إلى أن وافته المنية، الرجل معروف بمواقفه عندما كان في تونس، ثم عندما دخل الجزائر مع الحركة الوطنية، وأفتح هنا قوسين وأقول، بما أن الفرصة أتيحت لي سأقرأ فقرة من مذكرات أحد المناضلين الذين كانوا إلى جانب المناضل الكبير عبد الكريم الخطابي الذي شرع في أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات في تأسيس حركة تحررية على مستوى المغرب العربي، وكان للراحل عبد الحميد مهري دور معتبر في هذه العملية وهي غير معروفة لدى الأجيال الجديدة وحتى لدى الكثير من السياسيين، وصاحب المذكرات هو المناضل المغربي حمادي العزيز، وتلك الفقرات تبين المكانة التي يحظى بها الراحل عبد الحميد مهري على مستوى المغرب العربي وعلى مستوى الحركة الوطنية الجزائرية، واعتقد أنه آن الأوان لكشف هذه المعلومات للأجيال الجديدة من أجل فهم مختلف جوانب شخصية الرجل وتاريخه النضالي الطويل· ولا تنسى أنه كان بعد ذلك حكيم الثورة التحريرية· على ذكر الثورة، البعض كان يتهمه بالنزعة المركزية؟ لا، هذه قضية أخرى، هذا من تجليات الصراعات التي كانت داخل الحركة وهي قضية داخلية في النهاية، لكن من يقرأ تأبينية الرئيس أحمد بن بلة وهو الذي كان يمثل الجناح الثوري الراديكالي داخل الحركة، من يقرأ هذه الشهادة يكتشف أنه مهما كانت الاختلافات، إلا أن الرجل حافظ على مكانته كرجل وفاق وتوافق، وكان يُلجأ إليه في فض النزاعات على مستوى الثورة·