توفي أمس المناضل الكبير والأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري بالمستشفى العسكري لعين النعجة بالعاصمة، عن عمر يناهز 85 عاما بعد أسابيع من الصراع مع المرض. وقالت عائلة الفقيد أن عبد الحميد مهري فارق الحياة ظهيرة الإثنين بالمستشفى العسكري بعين نعجة بعد صراع مع المرض الذي ألزمه الفراش خلال الأسابيع الأخيرة. وتشيع جنازة عبد الحميد مهري اليوم بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة حسب عائلته. ويعد مهري من أهم الشخصيات السياسية الجزائرية، التي عايشت فترات ما قبل الثورة التحريرية (الحركة الوطنية) والكفاح المسلح وكذا مرحلة ما بعد الاستقلال، كما كان له تواجد على الساحة العربية كسفير وكذا رئيسا للمؤتمر القومي العربي. ويحظى مهري باحترام كبير في الأوساط السياسية والشعبية في الجزائر وخارجها بسبب مواقفه النضالية، حيث أضحى يسمى ب “حكيم الجزائر” نظرا لمواقفه الرزينة. وولد عبد الحميد مهري عام 1926 بمدينة وادي زناتي بولاية ڤالمة أين تلقى تعليمه الأولي وانخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث اعتقل في نوفمبر 1954 وبقي في السجن إلى أفريل 1955، بعد أشهر عيّن ضمن وفد جبهة التحرير الوطني بالخارج، وشغل منصب عضو في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ثم في لجنة التنسيق والتنفيذ وعند تشكيل الحكومة المؤقتة شغل منصب وزير شؤون شمال إفريقيا في الأولى، ومنصب وزير الشؤون الاجتماعية والثقافية في التشكيلة الثانية. عرف بمشروع يسمّى باسمه، هو مشروع مهري للرد على مشروع ديغول. بعد الاستقلال عُين أمينا عاما لوزارة التعليم الثانوي 1965-1976، ثم وزير الإعلام والثقافة في مارس 1979 ثم سفير الجزائر في فرنسا 1984-1988 ثم في المغرب حتى استدعائه إلى الجزائر ليتولى أهم منصب في حياته كأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني بين 1988 و1996، نظرا للمرحلة الحساسة التي كانت تمر بها الجزائر التي دخلت التعددية السياسية بعد 26 سنة من هيمنة حزب جبهة التحرير الوطني على الحياة السياسية. الذي استقال منه عام 1996 بعد ما يعرف بالمؤامرة العلمية التي أطاحت به من قيادة الأفلان. وكان مهري من دعاة المصالحة خلال الأزمة الأمنية التي اندلعت في الجزائر خلال عشرية التسعينيات. وبقي مهري منذ تلك الفترة بعيدا عن النشاط الحزبي رغم قيادته لمبادرات سياسية على الساحة الوطنية. وتفرغ الرجل في السنوات الأخيرة للعمل الفكري والنضالي لدعم القضايا العربية، حيث شارك في عدة ملتقيات وطنية ودولية كمحاضر في قضايا تاريخية وسياسية وحتى دولية مثل الدفاع عن القضية الفلسطينية.