إرتسمت ملامح التساؤل على وجه حماري الكئيب وهو يحكّ رأسه بقوة ولسانه يردد أين الإصلاحات التي وعدونا بها؟ ضحكت من سذاجته غير المعهودة وقلت له بخبث·· أنت الأعمى الإصلاح من حولك كل يوم وكل ساعة، ولكنك أنت لا تريد أن ترى ذلك·· تعجب لكلامي ونهق مستنكرا مما قلته بضرب ذيله ذات اليمين وذات الشمال وصاح، أنا الأعمى إذن وكل من حولي مبصرون؟ قلت·· طبعا ألم تر إصلاح المنظومة التربوية الذي أسفر عن ضرب الأساتذة وتهشيم وجوههم وممارسة كل أنواع العنف من طرف تلامذتهم؟ ألم تر الإصلاح الذي طال المعيشة فأصبحت النار تشتعل في كل الأسعار ولا رقيب ولا ممانع لذلك؟ ألم تر كيف وصل الإصلاح إلى كل بيت حتى أصبحت الحرفة أكثر مما كانت وأضحى الشباب يعودون جثثا بعد أن يلفظهم البحر أو بعد أن تلقي عليهم الشرطة الأجنبية القبض وترحلهم مثل الكلاب الجربانة؟ ألم تلاحظ قوة الإصلاح التي تعدّت الحدود وأصبحت بنزينا يحرق به الشباب أنفسهم احتجاجا على ما هم فيه حتى يصبحون أجسادا محروقة، ترمى في المستشفى وتحول بعدها إلى المقبرة؟ نهق حماري بعلو صوته وهو يركل ويرفس الأرض رفسا وقال·· ليتني كنت أعمى بحق حتى لا أرى كل ما تقول·· قلت·· هل يتسع صدرك حتى أزيدك من الشعر بيتا آخر حتى تتأكد أن الإصلاح المفروض قد رُسي وأصبح سيد المواقف·· بحزن شديد طأطأ الحمار رأسه وغلبه الدمع وقال·· يا بلدي كفاك جراحا·· قلت·· الجراح هي القدر الذي لا نستطيع الهروب منه وكل ما تراه حولك نتيجة الإهمال واستهبال الناس واستغبائهم·· قال·· لك الله يا وطني·· قلت بأسف·· هذا هو الحال ومن يقول غير ذلك فهو كاذب··