قال حماري التعيس·· الأحداث التي يعيشها العالم العربي وبالأخص سوريا ومصر تجعلني أقلل من امتعاضي جراء ما يحدث عندنا·· قلت·· أنت تعمل بمبدأ من يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته؟ نهق وقال·· هذه المصائب كلها بدمها ونارها وفوضاها عشناها نحن فيما مضى وأنهينا الأمر ولكن مع عودة الاستقرار النسبي لا يمكن أن أتخيل العودة مجددا لذلك·· قلت·· هذه الفترة تكون مرة في حياة الدولة لا تخف أيها الحمار·· قهقه حماري بخبث وقال·· أنت أصبحت مثل ابن خلدون وفلاسفة عصره·· قلت·· ليس كذلك ولكن الهزات لا تحدث دائما وإلا سيكون هناك خلل·· قال·· أنت مخطئ لأننا نعيش الخلل كل يوم·· خلل اقتصادي يجعل التجار يعتصمون من أجل استيراد الشيفون عوض الاعتصام لغلق مؤسسة إنتاجية، وخلل سياسي يجعل الأحزاب تشطح وتردح وتسبق مصالحها الشخصية على الصالح العام الذي وجدت أساسا له، خلل اجتماعي وأخلاقي وإنساني يجعل البلاد كلها بمثابة كرة تقذف بالأعناق والأرزاق إلى حيث لا تعود·· صرخت به·· كفاك تشاؤما أيها الحمار اللعين وانظر إلى نصف الكأس المملوء·· قال·· أنت الذي تتفاءل زيادة عن اللزوم حتى أظن أنك مستأجر·· أطلقت ضحكة غير متوقعة وقلت بدهشة·· مستأجر؟ قال·· يبدو ذلك من خلال نبرة التف التي أسمعها في صوتك وأحسها في كلامك؟ قلت·· هذا جزاء من يقول الحق·· قال ناهقا·· الحق يتطلب الموضوعية والنظر بعين الواقع·· قلت·· في بداية كلامك قلت إنك تحمد الله على هدوء الوضع والآن تنقلب مثل الأفعى·· قال ساخرا·· أنا حمار ولا يمكن أن أسكن في ثوب غيري وقلبي على بلدي لأني وطني ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن أبيع ضميري ولكن دائما يبقى السؤال·· أين الخلل؟