لم تنتهِ الأزمة في الجزائر العاصمة بترحيل سكان ديار الكاف وديار الشمس وبعض الأحياء الأخرى مثل ''الجزيرة'' بباب الزوار وغيرها، وبعد تفجر الوضع في قلب مدينة براقي مع حي ديار البركة منذ شهر من الآن، وبقيت الحلول مؤجلة، ها هو الحي القصديري بدرقانة شرق الجزائر العاصمة، يعلن عن نفسه كمنطقة منكوبة ، حيث لا غاز ولا كهرباء ولا ماء والأمراض تقتل وتهدد السكان في كل حين· وكعادة المنكوبين، لم يجد سكان الحي القصديري بدرقانة للإعلان عن أنفسهم ولفت الانتباه إلى مأساتهم إلا الطريق ليقطعوها بالوسائل البسيطة المعروفة، كحرق بعض العجلات المطاطية ووضع متاريس، وعندما فعلوا ذلك نالوا التغطية الإعلامية ''المطلوبة'' وأصبحت مأساتهم حديث العام والخاص وفي كل مكان، مع أن المأساة تكاد تكون واحدة في كثير من مناطق البلاد وقطع الطريق لم يعد بالعمل الجديد الذي يثير الانتباه، لكن تواجد الحي السكني في الجزائر العاصمة وانعكاس الأمر على حركة المرور كان له الدور الكبير في الأمر· ويهدد السكان بتصعيد الأمر إلى أقصاه، عندما هددوا بقطع الطريق أمام الترامواي القريب من هناك، في انتظار أن تحل المشكلة المتراكمة منذ سنين طويلة وكل مسؤول يؤجل حلها في كل مرة إلى أن انفجرت بهذا الشكل، ومع انفجارها اكتشفنا مآسٍ حقيقية، لأناس يموتون بشكل تراجيدي في كل مرة، وشاهدين على موت بطيء بردا وانتظارا في هذا الفصل البارد، ولا أحد من المسؤولين يتحمّل مسؤولية هذه المآسي· وما يلفت الانتباه، في هذه المأساة الجديدة التي انتبه إليها الرأي العام مع العملية الاحتجاجية الأخيرة، هو أن الحي قد تأسس سنة ,2003 أي قبل الحديث الرسمي عن القضاء على أزمة السكن والبؤر القصديرية في العاصمة، وكان الأمر يتعلق بأحياء سيئة الصيت كالجزيرة وغيرها، وأحياء هي في الأصل من تركات الحقبة الاستعمارية يتعلق الأمر بديار الشمس وديار الكاف التي شيدت في إطار مشروع قسنطينة وديار البركة التي هي أقرب إلى الغيطوهات منها إلى مساكن تليق بآدميين، لكن أن يستمر الوضع مع أحياء جديدة فالأمر يشير إلى أن المأساة متواصلة وتكاد تكون بلا حل في القريب المنظور· وفي الوقت الذي نكشف فيه مأساة حي تأسس سنة ,2003 فمن الممكن أن نكتشف قريبا مآسٍ أخرى لأحياء أخرى تأسست في السنين اللاحقة، والمسؤولون الذين يؤكدون في كل مرة عزمهم القضاء على كل البؤر القصديرية، الكثير منهم الآن يعلق فشله على شماعة السكان أنفسهم المتهمين بالتكاثر، فمن المسؤول يا ترى عن هذه المأساة؟