إنطلقت بقصر الثقافة الإمامة بتلمسان، صبيحة أمس، فعاليات الملتقى الدولي ''عبد القادر.. رجل عابر للزمن''، بمشاركة 100 محاضر ممثل للقارات الأربعة. وأكد سليمان حاشي، مدير المركز الوطني للأبحاث في التاريخ وما قبل التاريخ، أن الجامعة الجزائرية، لم تستثر في البحث عن سمات شخصية الأمير، داعيا في المناسبة ذاتها إلى تسليط الضوء على الجزائر في القرن ال .19 يرى حاشي أن الجامعة الجزائرية لم تستثمر في حياة الأمير عبد القادر من حيث البحث العلمي الجاد، وأن المتوفر حاليا لا يعدو إلا كمية قليلة بالنظر إلى أهمية الرجل، ومقارنة بما تنجزه دوائر البحث الأجنبية :''بعد خمسين سنة من الاستقلال، نخلص إلى نتيجة مفادها أننا لم نشتغل كفاية على شخوص كبيرة مثل الأمير أو يوغرطة أو ماسينيسا وحتى ابن خلدون'' .وأشار المسؤول ذاته إلى أن الدراسات الجامعية، لا تهتم كثيرا بما كان يدور في جزائر القرن ال 19: ''في تلك الفترة كنا نعيش ثقافتنا ونشعر بأهمية محليتنا، أما اليوم، ونحن في القرن العشرين أصبحنا فاقدين لكل اتصال وتواصل فيما بيننا .لهذا أرى أنه من الأهمية أن نعود ونتصفح ما حدث في ذلك العهد''، يردف حاشي الذي تعهد أمام الحضور قائلا :''أؤكد أن المركز الوطني للتاريخ وما قبل التاريخ، سيشرع في سلسلة من الأبحاث العلمية تخص القرن ال ,19 والتزم أمامكم بهذا الأمر''. من جهته، أكد خنشلاوي، رئيس اللجنة العلمية ورئيس دائرة البحث في المركز الوطني، أن الجزائر مدانة للأمير بإنشاء جيش نظامي، وراية وطنية، وإصلاح العدالة، وإنشاء مرافق صحية وتعليمية، وإرساء تقاليد دبلوماسية أيضا، مشيرا في مداخلة استهلالية استعرض فيها إشكالية الملتقى، إلى أن الأمير عبد القادر سليل الأسرة النبوية الشريفة، هو رمز للمكانة المرموقة التي تبوءها واستحقها. ------------------------------------------------------------------------ د. زعيم خنشلاوي (مدير الأبحاث ورئيس اللجنة العلمية للملتقى): الجزائر وكل العالم بحاجة إلى وجه أخلاقي مثل الأمير عبد القادر قلت إنه لو فتح المجال لطلبات المشاركة في ملتقى تلمسان الدولي حول الأمير عبد القادر، لفاق عدد المداخلات 001 متدخل من القارات الأربعة، كيف الإعلان عن الملتقى وكيف تمت المشاركات؟ تم الإعلان عن الملتقى ومحاوره وفق الطريقة المتعامل بها دوليا، حيث وجهنا الدعوة إلى كل جامعات العالم، فقد تعودنا على أن يسعى المنظم للحدث إلى إقناع الأساتذة والمختصين للحضور، لكن هذه المرة حدث العكس معنا، حيث بلغتنا طلبات لا حصر لها تريد الإسهام ويصرون على الحضور، إلا أننا أجبرنا على الاختيار والفصل بين المعروض علينا، حيث رفضنا مداخلات قد تصل إلى 200 مداخلة. بالنسبة للتمثيل، نجد للمرة الأولى مشاركين من بنغلاديش وأوكرانيا، ما هي أهمية مثل هذه المشاركات؟ أظهرت لنا طلبات المشاركة الاهتمام الكبير الذي يحظى به الأمير في دول قد لا نتصورها، وسمعته بلغت مستويات مدهشة، بدليل أوكرانيا والبنغلاديش، التي وجدنا فيهما مراكز أبحاث هامة على غرار مركز بحث جامعة كاليفورينا .وأخرى في السينغال والسودان، الأمير تقام له التماثيل وتسمى الساحات باسمه، كما شأن فرنسا في قلب البلد الخصم، هي ظاهرة غريبة جدا. كيف ستستفيد الجزائر البلد المنظم للملتقى من هذا التنوع في الطرحات والرؤى، من ناحية الأبحاث العلمية المنجزة، وكذا الوثائق الممكن توفرها على مستواهم؟ بالفعل، هو ما نحاول تحقيقه .هذه أول مرة التي تؤسس فيها شبكة من المختصين في حياة الأمير عبد القادر، في الأول كنا مشتتين ومبعثرين، لا نعرف بعضنا البعض كما يجب، لكن هذه الدورة ستكون محطة أساسية لانطلاق سلسلة من الدراسات واللقاءات، وستدعم وحدات البحث حول الشخصية التاريخية هذه، بأخرى إضافية، أبرزها دائرة البحث الأمريكية التي تسمى ''مشروع الأمير عبد القادر للتربية''، في جامعة كولومبيا بواشنطن، التي ستشرف على عديد من النشاطات مبرمجة في هذا الإطار .كما ستتحرك في إطار ثقافة الحوار، التي كان يتميز بها الرجل، كونه كان يشكل صمام الأمان لعالمنا المضطرب والضمانة الأخلاقية لدولتنا وللعالم الذي يفتقر اليوم إلى وجوه أخلاقية. العالم يتقدم نحو مجهول، نوع من الوحشية والبربرية، وحري بنا أن نستلهم من هذه الشخصيات العابرة للأزمنة، فعبد القادر كان يفوق زمانه وحتى زمننا الحاضر. لماذا اخترت الحديث عن ''شجرة الحياة''، ما هي الرمزية التي أردت تبليغها اليوم؟ شجرة الحياة هي دلالة على استمرارية في الحياة، حينما بايع الناس الأمير عبد القادر، أوكلوا له مهمة الحفاظ عن الأمة .أهمية الشجرة اليوم، تظهر أمام الصدمات المتتالية التي نعيشها الآن، أمام القطيعة بين عناصر المجتمع، واللااستقرار، بينما أجدادنا عاشوا في منطق الاستمرارية، وطبقوا تعاليم وسيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). مادمنا نتحدث عن الشجرة والاستمرارية، أين هي عائلة الأمير عبد القادر في هذه المناسبة الهامة، لم نر من أحفاد الأسر أحدا، ألسنا بحاجة إلى شهادات حية من قبلهم، إلى وثائق وممتلكات هي الآن بحوزتهم فقط؟ نحن واعون بأن هذا اللقاء فرصة لجمع شمل الأحفاد الذين يعيشون هم أيضا مشتتين في بقاع مختلفة. هل وجهتم دعوة رسمية إلى هؤلاء، إلى الأميرة بديعة المقيمة بسوريا وكل العائلة مثلا؟ دعونا إدريس الجزائري وتعذر عليهم الحضور لارتباطات مهنية، وتمثلها هنا عقيلته زهور الجزائري .اتصلت بالسيد مكي الحسني الجزائري بدمشق الذي لم يتمكن هو الآخر من الحضور .أما بالنسبة للأميرة بديعة فنحن لم نستثن أحد، فقد اتصلنا بالأميرة جلا، لكنها عجزت عن الخروج من سوريا بسبب الأوضاع الأمنية المتردية هناك .على حد علمي كل العالم يعلم أن الجزائر تحتضن اليوم ملتقى دوليا حول الأمير عبد القادر بتلمسان. ------------------------------------------------------------------------ محمد بوطالب (رئيس مؤسسة الأمير عبد القادر): فيلم الأمير سيساعد الشباب في التعرّف على شخصية المقاوم الأمير عبد القادر بعد خمسين عاما من الاستقلال، مازال بعيدا عن وعي شباب اليوم؟ أعتقد أن الجوانب التي سيكشف عنها الملتقى هامة ومثيرة يجب أن نعلمها جميعا، أبرزها أن الأمير تقلد المسؤولية وعمره 24 عاما .ورفع السلاح ليقاوم الجيش الفرنسي القوي، بزعامة نابوليون الذي حطم أسوار موسكو آنذاك .لم تكن له تجربة عسكرية ولا إدارية، لكن أظهر أنه شاب جزائري، طالب في زاوية سيدي قادة، أسس دولة وجيشا، قاوم 17 عاما .أعتقد أنه يستحق أن يكون مثلا أعلى لشباب اليوم. ما هي الطريقة الأنسب، في رأيك، لتبليغ هذه الصفات لجيل اليوم الذي يبين عن قطيعة مع تاريخه؟ أنجع طريقة في نظري هي التربية والتعليم، لا يمكن أن نغفل دور المدرسة في توصيل مختلف المعلومات بطريقة بيداغوجية ومنهجية وتدريجية .على وزارة التربية أن تدرّس التاريخ الجزائري بكل تفاصيله، بما فيه الأمير عبد القادر الذي يدرج في تقارير تربوية في الخارج، بينما لا نرى من أثره إلا القليل في دروسنا .كما أرى أن لوسائل الإعلام دور بليغ في العملية، سواء الإذاعة أو الصحافة المكتوبة، لا بد أن نحوّل القصة التاريخية إلى مادة قابلة للاستهلاك. ماذا عن السينما وأثرها الكبير في تكريس الوجوه؟ مشروع فيلم الأمير عبد القادر ما زال في يد الوزارة، مع أن إرادة رئيس الجمهورية كانت واضحة منذ البداية، حيث أكد أنه سيموّله مهما بلغت تكلفته، الآن تصوّر أفلام وثائقية فقط، نحن بحاجة إلى فيلم ضخم من شاكلة عمر المختار، نتمنى أن ننتجه ويخرج أخيرا إلى النو.