تابع حماري أطوار ما سمي باجتماع أصدقاء سوريا بأهمية بالغة وكانت آماله معلقة على أن يُسفر عن شيء ما ولكن بمجرد أن انتهت الحكاية ضرب الأرض بحافريه، سبّ وشتم، ولم يجعل أي مجال لكلام آخر وكثر نهيقه وصياحه وهو يقول··· الكلام نوعان، كلام فارغ وكلام مليء بالكلام الفارغ··· قلت له مندهشا··· أنت تقول حكما يا حماري وكأن غضبك زاد عن حده· نهق نهيقا حزينا وقال··· لم أر في حياتي أجبن من هؤلاء العرب الذين أصبحوا ذيلا لقطر وأصبحت تملي عليهم ما تريد··· ليتهم لم يتكلموا وليتهم لم يجتمعوا وليتهم لم يضحكوا على الشعوب··· صدق من قال يحتاج الإنسان سنتين ليتعلم الكلام وخمسين سنة حتى يتعلم الصمت· قلت ساخرا··· الكلام يا حماري من اختصاص المتهورين أما الصمت فهو امتياز الحكمة وكيف تريد للعرب أن يكونوا حكماء وأنت تقول عنهم إنهم مجرد ذيل· قال غاضبا··· على كل حال أنا لم أعوّل عليهم كثيرا وكنت أعرف أن ما بقي من العرب هم في خدمة الغرب وسياساته ولن يكون في خدمة سوريا ولا غيرها··· صحيح كل منظر لا يريك الكثرة في العين الواحدة لا تعوّل عليه· قلت··· إن العرب يا حماري لا يتغلبون إلا على البسائط أما قضايا الدم والشرف ليس لهم فيها من باع سوى استدارة الوجه وغرس الرأس في الرمل مثل النعام· نهق حماري من جديد وقال سأقول شيئا ربما سيضحكك كثيرا··· يقول أحمد مطر إن الصبي قال للحمار يا غبي فقال الحمار للصبي يا عربي··· ضحكت من كلامه وقلت··· تقصد شتيمة بشتيمة؟ قال··· هذا هو حال العرب يا صديقي··· شئت ذلك أم أبيت وما يحدث أحسن دليل على ذلك ولو تقارن ما يحدث في الغابة بين الحيوانات تتأكد أنها أكثر تنظيما مما يحدث بين البشر، فهؤلاء على الأقل لا ينافقون بعضهم وكل يحترم مجال الآخر ولا يحال أن يتعدى عليه ولا يكيد له المكائد· قلت··· معك حق يا حماري في كل ما تقول وكل ما يجمع العرب لا يتعدى أن يفوق الألم والدموع ولن يكون شيئا آخر أبدا·