أخرج حماري رأسه من تحت الغطاء الصوفي في محاولة منه للكلام بعد أن دفن نفسه داخل فرشته التي لم يغادرها منذ أيام، خوفا من البرد والثلج والعواصف التي أصبحت تفتك بالأرواح، ورغم ذلك لم يفوت عليه متابعة ما يحدث في الدنيا· قال، هل صحيح ما يقولون على وزير خارجيتنا إنه ثار ضد القطري الذي يريد بيع العرب في المزاد؟ قلت ضاحكا، كفاك تهكما أيها الحمار اللعين، وأي مزاد هذا الذي تتكلم عنه وأنت لم تبرح مكانك منذ أيام؟ نهق نهيقا باردا محشوا بحشرجات وسعال حاد وقال، قطر التي انبطحت على بطنها وجعلت الغرب يصعد عليها سلما حتى يحقق مأربه ويستبيح العرب ودمائهم· قلت، الجزائر دائما معروفة بمواقفها الرافضة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وما فعله وزير خارجيتنا أضعف الإيمان يا حماري، كنت أريد أكثر من ذلك· قال، أنت تريد وأنا أريد والقوة تفعل ما تريد، لا يحق لك الكلام إلا إذا كنت قويا مثل الأسد في الغابة· قلت مستنكرا ولكن قيل إن القوة تفسد القلة، أما الضعف فيفسد الكثرة؟ قال متنحنحا وهيرودوت أيضا قال اإن أكثر الأشياء إيلاما للإنسان أن تتوافر له المعرفة وتنقصه القوة''· صحت مقاطعا·· مثل دبلوماسيتنا تماما، تتوافر فيها المعطيات ولكن لا يمكنها أن تسيطر برأيها لأنها لا تملك القوة· نهق حماري عاليا وقال، ديغول تكلم عن الدبلوماسيين فنعتهم بأنهم يصلحون فقط لأيام الصحو، أما حينما تمطر السماء فإنهم يغرقون في كل قطرة· ضحكت لهذا الكلام وقلت، يبدو أن برودة الجو جعلتك تتفلسف ومزاجك يروق وقدرتك على التحليل والاستنتاج تنتعش؟ رد عليّ بصوت حزين وقال، ليس هناك ما يؤلمني أكثر من أن تصبح سوريا مطمعا وفريسة لهؤلاء العرب الجبناء قبل الغرب، فالأخ أقسى على أخيه من العدو، هذه هي الدبلوماسية الحقيقية والواقع يقول إن القوة هي أساس الملك·