سعادة السفير، وأنتم تبدون الآن اهتماما بالشاي الجزائري، هل بدأتم تشعرون بنوع من التآلف مع المطبخ الجزائري بشكل عام؟ أكيد، الكسكس والحريرة والبوراك والبروشات على الطريقة الجزائرية، استمتع كثيرا بمختلف المأكولات التي يقدمها المطبخ الجزائري، حتى أني حرصت على أن أتناول وصفات جزائرية في زيارة نزلت فيها ضيفا على الطوارق، حقيقة شاي الطوارق عجيب. ماذا عن الفضاءات المكانية التي تحركت فيها، وما هي انطباعاتك عنها؟ حقيقة، لم أزر الكثير من المناطق، زرت المناطق المحيطة بالعاصمة مثل تيبازة والشريعة وبومرداس، وللأسف لم أتمكن من زيارة تلمسان التي أسمع الكثير من الكلام الجميل بخصوصها، كان من المفترض أن أكون حاضرا خلال فعاليات الأسبوع المصري في تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية شهر جويلية الماضي، لكنها تزامنت مع فترة الاحتفال بعيد الاستقلال، وبالتالي كان لزاما علينا أن نتواجد في العاصمة تحسبا لأية دعوة تصلنا من فخامة رئيس الجمهورية. وهران كذلك أسمع عنها الكثير، باختصار هناك الكثير من الأماكن التي سأسعد بزيارتها. مثلما تعلمون لم أتولَ منصب السفير هنا منذ فترة بعيدة، وأنا مشغول بتقديم اعتمادي، ومقابلة الرسميين من الوزراء. هل ترون أن تحركاتكم الرسمية في الجزائر ميسرة؟ ميسرة بقدر كبير، طبعا الظرف حاليا خاص نوعا ما، بسبب التحضيرات للانتخابات التشريعية، وعلى المستوى العربي هناك زخم كبير، الثورات التونسية والليبية لم تكتمل، والأوضاع في اليمن لم تستقر بعد، المسؤولون في الخارجية والوزارات مشغولون بمتابعة هذه الأحداث، بخصوص الدور الجزائري. رغم هذا تمكنت من مقابلة 13 وزيرا في الحكومة الجزائرية، كما أن لقائي مع فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة دام ساعة و45 دقيقة رغم أن البروتوكول يقول إن اللقاء يدوم ربع أو نصف ساعة فقط، وقد كان اللقاء مفعما بالود والمحبة. سألني عن الأوضاع في المنطقة، والعلاقات المصرية الفلسطينية، الرئيس الجزائري مشرف للواجهة الدبلوماسية الجزائرية، وخلفيته كوزير للخارجية جعلته ملما بالكثير من القضايا الهامة. إجمالا الأبواب مفتوحة، والرغبة واضحة في إعادة العلاقات إلى نصابها، بعد تضررها خلال أزمة كرة القدم عام ,2009 أنا راض عن الفترة التي أمضيتها هنا وأراها مثمرة جدا. توليتم منصب سفير مصر في دول عديدة خلال حكم النظام السابق، ما هي الأمور التي تغيرت في عملكم بعد سقوطه؟ نحن نمثل سياسة الدولة، عمل الدبلوماسي هو عمل رسول ما عليه إلا البلاغ، عملي يحتم عليّ نقل الرسائل التي كانت تردني حرفيا، وإن كنت أشعر أنها خارج السياق، إلا أنني كنت ملزما بالتعاطي معها وفق أعراف العمل الدبلوماسي. مثلا، عملي في دولة عربية أخرى هي سلطنة عمان، مكنني من ربط علاقات جيدة مع السلطان قابوس الذي استطاع أن يبقى على مسافة من أطراف متنازعة في المنطقة، وبالتالي السلطنة كان لها دور مهم في مصالحتين واحدة مصرية - سورية، والأخرى مصرية - عراقية، كان عملي إيجابيا في سياقه، وإن كان يخالف رغباتي في بعض الأحيان، ''أقسم بالله'' أنني كنت أشعر أن الوضع لا يمكن أن يستمر على تلك الحال. في النهاية السفير المحترف ينقل الرأي الرسمي لبلده كما هو. تشتغلون حاليا على جبهتين مختلفتين، الأولى هي تحسين العلاقات الجزائرية المصرية التي تضررت بفعل الأزمة الشهيرة، وتمثيل بلد خارج للتو من ثورة غيرت نظام الحكم، كيف تستطيعون التوفيق بين هاتين الجبهتين؟ عملية إعادة العلاقات إلى نصابها تسير بوتيرة ممتازة، أتعاون مع السفير الجزائري بالقاهرة نذير العرباوي بجد لتحسين الوضع، بالنسبة لي الأمر أشبة باليد التي لا تستطيع التصفيق إلا بالتلامس مع يد أخرى، وقد ساهمت الثورة المصرية في كشف مقدار كبير من التعاطف من طرف الشعب الجزائري الذي يبدو أنه مهيأ لهذا الأمر، كذلك الجالية المصرية في الجزائر تقوم بدور جيد، الأمور سائرة من حسن إلى أحسن.