كشف محمد حماني عضو مجلس الأمة وأحد أعيان التوارق في الجنوب أن وزارة الدفاع كوّنت نحو 300 ''مهاريست'' من التوارق بإيليزي لوحدها، بهدف تشديد الرقابة على الحدود مع ليبيا، وطلبات الشباب الترقي الراغب في الالتحاق بالجيش لتغطية أمنية مريحة تقارب 700 طلب. كيف تقيمون العهدة التشريعية السادسة من حيث ما قدمه نواب الجنوب لمنطقتهم بهدف التنمية؟ أظن أن مشكلة التنمية بالجنوب لا تتعلق بالأساس بالتشريع، فمن الناحية القانونية الجزائريون متساوون جميعا أمام القانون، لكن ما يلاحظ أنه، عند التشريع، لا تؤخذ بعين الاعتبار وبشكل كاف الطبيعة الجغرافية للجنوب، إذ يسود إحساس بأن مرونة القانون المطلوبة في شكل آليات التطبيق غير متوفرة. وقد أستدل على ذلك -مثلا- بانعدام توازن في مناطق التنمية بإيليزي، فالكل يعلم أن الجزائر بلد في شبه قارة والولاية التي ننتمي إليها تتشكل من ست بلديات، ثلاثة منها فقيرة وثلاثة غنية، وهنا يبرز الفرق في التنمية بشكل كبير. واقعيا كيف ذلك؟ بإيليزي هناك مناطق بترولية ثلاثة، وهي الدبداب وعين أمناس وبرج عمر إدريس، وهذه الأخيرة غنية بحكم المداخيل البترولية، لكن بالمقابل بلدية إيليزي وجانت وبرج الحواس وبالرغم من انتمائها إلى إيليزي إلا أنها فقيرة. أردت بهذا المثال أن أبيّن كيف أنه لا توجد مراعاة للخصوصيات في توزيع الثروة بولاية واحدة. أضف إلى ذلك تخضع المناطق الفقيرة المشار إليها إلى موافقة الديوان الوطني لحظيرة الطاسيلي على كافة المشاريع المزمع إنجازها، حفاظا على المنطقة، وهي الآلية التي لا توجد بمناطق أخرى. لكن هذا أمر إيجابي على ما يبدو؟ نعم، أنا لا أقول عكس ذلك بهذه النقطة، خاصة ونحن في البرلمان ندرك أهمية المسألة أكثر من غيرنا، لكن بماذا تجيب سكان المنطقة من التوارق أو غير التوارق عندما يقولون لك إنه لا ينبغي أن يكونوا ضحايا التنمية بسبب حظيرة الطاسيلي، فهم يحتاجون إلى مساكن وإلى طرقات، وفي الوقت نفسه متمسكون بالأرض، وهذه هي الفلسفة الروحية للرجل الأزرق. القضية ينبغي أن لا ترى من زاوية واحدة، والمطلوب في هذا الباب هو التفكير في تنمية إيجابية محسوسة لدى سكان الجنوب بشكل لا يمس بمقومات الجزائر الطبيعية والسياحية، وهذا ممكن جدا ولا ينقصه إلا التخطيط. الجنوبالجزائري، أصبح تحت مجهر كل السلطات اليوم، بفعل الوضع الأمني، ألا تعتقد أن ذلك سيكون له انعكاس إيجابيا على التنمية مستقبلا؟ نحن لا نتحدث عن عدم استفادة مناطق جنوب البلاد من حقها في التنمية، لكن كل المشكلة في بطء إنجاز تلك المشاريع، والعامل الأهم المتحكم في هذا البطء، وإن لم يكن الوحيد، هو العامل الجغرافي والمناخي منه على الخصوص. لقد حرّك والي إيليزي، منذ مجيئه، عدة ملفات كانت راكدة على مستوى التنمية، حتى ولو أن ذلك لم يرق للبعض ممن تعارض مصالحهم وتوجهاته. هو غائب عن منصبه اليوم، بعد حادثة الاختطاف التي تعرض لها، وهناك أنباء تتحدث عن إمكانية عدم عودته بقرار حكومي، كيف ترون المسألة؟ أعتقد أن المسألة فصل فيها، فقد رفعنا باسم التوارق مطلبا إلى الوزير الأول أحمد أويحيى يتضمن تثبيت والي إيليزي في منصبه، لما قدمه للمنطقة من خدمات جليلة، في إطار المهام الموكلة إليه، وقد وعدنا الوزير الأول أحمد أويحيى بتثبيته وإعادته إلى منصبه فور اجتياز فترة النقاهة التي يمر بها. وأداء الوالي ليس إطراء وإنما انطباع جزء هام من أهل إيليزي. عمليا ما الذي ترونه معطلا بالجنوب سبق وطلبتموه من الحكومة؟ الدولة ليست في حاجة إلى جباية تحصلها من مقاولين بالجنوب، فالجباية البترولية تغطي كافة النقائص وتفوق. ومقابل تسريع المشاريع أعتقد أنه ينبغي إزالة الجباية بشكل تام على المقاولين النشطين بالجنوب، تشجيعا للاستثمار الذي ما فتئت الدولة تدعو إليه وتشجع عليه هناك، لكن بآليات محتشمة. نحن نقترح مجددا أن تفتح الدولة المجال على مصراعيه للمقاولين بنزع الجباية عنهم، عندئذ سترى الحكومة كيف ستتقدم المشاريع بشكل كبير من حيث الوتيرة. الامتيازات وحدها يمكن أن تحل إشكالية التنمية في الجنوب. على صعيد أمني، ومع الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، هل من نظرة جديدة عند التوارق للتحكم أكثر في الوضع؟ إذا حظي الرجل التارقي بالثقة، فإنه يعيد الصاع صاعين، وهو جدير بهذه المهمة، لأنه أعرف من غيره بمنطقته. وما يمكن أن ننوه به في هذا المجال، من حيث الجديد الأمني، أن وزارة الدفاع الوطني أعادت إلى إيليزي فصيل ''المهاريست'' بعد تكوين حوالي 300 شاب من التوارق، وهم عبارة عن جنود يجوبون المناطق الصحراوية بالجمال. لقد دربوا بشكل احترافي، وقد كان في ذلك فضل في تخفيض نسبة هامة للبطالة بين شباب التوارق، لكن المنطقة لا تزال في حاجة أكثر إلى ''المهاريست''، فهناك طلب قوي يتراوح بين 600 و700 شاب من التوارق يرغبون في الالتحاق والانخراط في صفوف الجيش الوطني الشعبي، ليس فقط بهدف الشغل، ولكن من أجل المحافظة على أمن المنطقة، فمجتمع التوارق لا يحتمل العيش في وضع أمني مترد، وهذا ما يفسر أكثر قوة الطلب على الالتحاق بالجيش. نتمنى أن يجد هذا المطلب آذانا صاغية لدى الجهات المعنية، فالجيش فك خناقا كبيرا على إيليزي بتوظيفه لنحو 300 مهاريست.