نهق حماري نهيقا مُستفزا وهو يسمع كلام أبو جرة سلطاني الذي انتقل من ''كتابة الحروز'' إلى التنجيم، فقد تنبأ حسب النجوم أن حزبه سيفوز بالأغلبية وأن عمار غول هو من سيكون على رأس البرلمان لأنه محبوب الجماهير. قلت له باندهاش·· وماذا لو كان الأمر صحيحا يا حماري؟ ماذا لو أن الأوامر جاءت بهذا الشكل؟ تراه يُنجم أم يقول حقائق متفق عليها في كواليس الدولة؟ قال وهو يضرب الأرض بحافريه·· إذا تنجيمه كان في محله، فسنكون أمام غول من نوع آخر، غول ربما أشرس من غول الأفلان والأرندي. قلت·· لست أفهم لماذا أبو جرة أثنى نفسه عن التنجيم ولم يقل لنا إنه سيكون رئيس الجمهورية القادم وما علينا سوى أن نربي اللحية ونلبس القميص حتى ننال شرف الرضا من مولانا السلطان صاحب البرهان والبيان. قال ساخرا، والله سأهجر البلد، من فساد إلى فساد، الناس تحلم بمستقبل ليس فيه ''أغوالا'' ونحن ليس لنا قدر سوى الغول؟ قلت·· تشرشل قال إن السياسي الجيد هو ذاك الذي يمتلك القدرة على التنبؤ، والقدرة ذاتها على تبرير لماذا لم تتحقق تنبؤاته، فكيف سيكون رد فعل ''المنجم'' أبو جرة إذا لم يتحقق ما قاله؟ قال ناهقا·· يا خوفي لو تحقق، لست أفهم هل ينطق عن هوى أم أنه عبد مأمور يقول ما يأمر به وأبعد من ذلك حدّد حتى من سيكون رئيس البرلمان؟ قلت·· اختراع المستقبل أفضل وسيلة للتنبؤ به، لذلك لا أظنه يتكلم كلاما من عدم وأكيد أن المستقبل سيكون لهم. قال مندهشا، لست أفهم كيف أثر فيك بكلامه، استسلمت له وانتهى الأمر؟ قلت·· لم أستسلم ولكن أنا لست أفهم كيف يتكلم بهذه القوة والجرأة ولِمَ لم يكن هناك من يحركه؟ قال ضاحكا، قلت لك إن كل ما تراه يتحرك أمامك يسير ب ''التليكوموند'' وليس غريبا عليه أن يقول ما يقول فهو الحالم لأكثر من مرة أن يكون رئيسا للجمهورية، ولكن تنجيمه لم يقل له إنه سيكون رئيسا ولكن لجمهورية الموز.