تعيش الأحزاب السياسية اللحظات الأخيرة قبل الإفصاح وتقديم قوائمها الانتخابية التي تتضمن أسماء مرشيحها قبيل الساعة الصفر من ليلة أمس، ما دفعنا إلى اختبار نبض الشارع حول هذا الموعد ومدى متابعته للأسماء المتداولة المؤكدة منها والتي ما تزال محل نقاش إعلامي وانتظار رسمي. وما لمسناه خلال دردشتنا مع بعض المواطنين هو الآراء المتطرفة أحيانا والمعتدلة أحيانا أخرى، والممزوجة باللامبالاة أصلا بما يجري في الساحة السياسية قبل أقل من شهر من موعد 10 ماي. لقد تراوحت مواقف ذلك المواطن البسيط الذي يفترض أن يكون دوره الأكثر أهمية في الاستحقاق القادم، طالما وأنه مهما قيل عن مرشحي الأحزاب، يبقى هذا المواطن هو الترمومتر الذي يمكننا في الأخير قياس هامش توفيق الأحزاب في الزج ببعض مرشحيها المعروفين (القدامى) والجدد في المعركة الانتخابية القادمة، لأنه هو المطالب بمنح صوته لمن يريد وبحرية تامة. الإنتخابات لا حدث فضلنا في بداية جمعنا لآراء ومواقف المواطنين أن نستمع إلى مولود، مدير فرعي بإحدى المؤسسات العمومية، يتابع باستمرار مستجدات السياسة، وتعرّف على بعض الأسماء التي ترشحت على رأس قوائم الأحزاب بالعاصمة. ورغم أنه يتردد في اعتبار الانتخابات القادمة لا حدث، إلا أنه يرى بأن أحسن الأسماء المرشحة لحد الآن هو وزير الأشغال العمومية عمار غول: ''بالنسبة لي، أصف الانتخابات القادمة في خانة اللاحدث، وأرى بأنه قبل الحديث عن الأسماء المرشحة علينا أن نفكر في المشاركة الشعبية القادمة في استحقاقات 10 ماي خاصة بالنسبة للعاصمة، ولا أخفي عليكم بأنني لا أتابع أخبار الأحزاب كثيرا، بل ولا أثق في أي حزب، فأنا مثل شريحة كبيرة من المجتمع مقتنع بعدم أهمية الانتخابات، لكن في المقابل هناك شخص وصلتني عنه بعض المعلومات عن ترأسه لقائمة العاصمة، ويتعلق بوزير الأشغال العمومية عمار غول. فبغض النظر عن انتماءاته السياسية والحزبية، فأنا أراه مقبولا إلى أبعد الحدود، نظير العمل الذي أنجزه في قطاعه''. ولما كان هذا المدير الفرعي يجهل بقية المترشحين الآخرين في الأحزاب المتبقية، ذكرنا له اسم الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، المرشحة بقوة لترأس قائمة العاصمة، فقال: ''صراحة، لقد أصبحنا نعرف جيدا مواقف أمينة حزب العمال وتصرفاتها، وبالتالي لا يهمني ترشحها من عدمه طالما أنها أصبحت جزءا من هذا النظام''. أسماء مستهلكة شاءت الصدف ونحن نحاول استدراج بعض المواطنين للحديث إلينا إن كانوا على علم بأسماء المترشحين لانتخابات 10 ماي، أن نلتقي بأحدهم، علمنا من خلال كلامه أنه على علم بما يدور حاليا في الساحة السياسية خاصة بعض مترشحي الأحزاب، ودون ذكر الأسماء اختزل رده بالقول: ''كل هذه الأسماء استهلكت في الاستحقاقات التشريعية الماضية، وقد ماتت سياسيا، والنظام اليوم يضمن بقاءها ويسيرها ب ''السيروم'' السياسي لتمديد عمر السلطة، وبالتالي أرى بأنهم مرفوضون شكلا ومضمونا، ولديّ حساسيات تجاههم، وبدل ذلك اقترح إخراج النخبة الجزائرية من الجامعة ومنحها الفرصة، لأن مستقبل الجزائر بيدها إن أردنا فعلا إحداث نقلة نوعية يتغنى بها البعض''. وقال مواطن آخر يدعى ابراهيم ويمتهن التجارة، إن الإشكالية المطروحة اليوم حول قوائم المترشحين لا يمكن فقط حصرها في العاصمة التي لا تتعدى حصتها 37 نائبا، بل علينا أن نتحدث كذلك عن مترشحي بقية الولايات والمناطق: ''رغم أن رمزية قائمة العاصمة لها أكثر من دلالة سياسية، إلا أنني كمواطن أفكر في مصلحة الجزائر وعلينا الاهتمام والحديث عن بقية الأسماء التي تتصدر قوائم المترشحين في بقية أنحاء البلاد، لأن جميعها تشكل ما يسمى بالنواب وممثلي الشعب''. بهذا الحس السياسي والدقيق لمجريات بعض جوانب الحياة السياسية، أراد هذا المواطن الذي لم تشغله مهنته التجارية عن الغوص معنا في موضوع الانتخابات، وتصفح أكثر من صحيفة في اليوم ويترقب كل جديد يطرأ على المشهد السياسي في بلادنا. مواطنون لا يبالون بالأسماء بقدر الدقة التي أجابنا بها بعض المواطنين، صدمنا بلامبالاة آخرين الذين أكدوا لنا بأنهم غير معنيين بتاتا بهذا الموعد الانتخابي، وأن الأحزاب حرة في تحديد الأسماء التي تريدها في البرلمان، وهو ما أفصح لنا به طالب جامعي في السنة الرابعة بكلية الآداب: ''إذا أردت الحقيقة، فأنا لا أتابع بتاتا ما يطبخ اليوم في بيوت الأحزاب، فكل حزب حر في تقديم الوجبة التي يراها مناسبة للمواطن ويراهن عليها لكسب معركة 10 ماي، لأنني مهما أبديت من آراء حول هذه المسألة، فسوف لن أغير شيئا في الوضع السياسي والحراك الحزبي التي تعيشه بلادنا هذه الأيام، وحتى أتجنب الدخول في متاهات أنا في غنى عنها، فضّلت التزام الحياد ربما يقيني شر الحديث عن مواضيع قد تتجاوز مكانتي في المجتمع، باعتباري طالب جامعي لا أفقه في الممارسة السياسية التي تحترفها الأحزاب بما فيها تلك الجديدة التي جاءت لتدعم الساحة السياسية''. الانطباع نفسه خرجنا به من خلال الدردشة التي جمعتنا بإحدى سائقي ''الطاكسي'' الذي تفضّل مشكورا بإبداء رأيه في جمل مبعثرة كونه كان منشغلا بالزبائن الذين ينتظرهم: ''أولا أتمنى من النواب الجدد أن ينظروا قليلا إلى هذا المواطن الذي انتخب عليهم. أما فيما يتعلق بالأسماء التي تتصدر قوائم الأحزاب، فلا علم لي بها، بل ولا أبالي بها، غير أنني أكتفي بالقول إن النواب السابقون لم يغيروا حياة هذا المواطن، حيث كان دورهم سلبيا على منوال المشاكل التي يعيشها الجزائري.