هل يمكن أن نصدق أن البلاد ستشفى من هونها ومرضها وقهرها بعد الانتخابات القادمة، وهل يمكن لعاقل أن يضع ثقته في هذه الوجوه المقرفة التي لا تصلح إلا للعويل والبكاء وليس الإصلاح والتغيير كما هو مفترض؟ قال حماري ناهقا·· لست أدري ولكن الأمور لا تبشر بالخير ولا تعطينا انطباعا بأن الأمور ستتغير مادامت الأحزاب تمارس سياسة ''الشكارة'' أولا وقبل كل شيء· قلت·· هل سيعرف هؤلاء هموم الشعب المسكين وينزلون إلى مستوى مشاكله أم سيهربون منه بعد أن منحهم صوته؟ قال ساخرا، هم أصلا من الشعب ويعرفون كل شيء ولكن السلطة وبريقها تجعلهم يغيرون عاداتهم وأفكارهم وحتى ''عقليتهم''· قلت مندهشا·· لهذا الحد تبدو السلطة مؤثرة وقوية يا حماري؟ قال·· أخطر ما في السلطة أن تكون بقربها، وتطيعها في كل شيء وتصبح عبدا لها دون رفض أو عصيان· قلت·· وهل هناك من يجرؤ على عصيانها يا حماري؟ قال ساخرا·· نعم أنا مثلا لا تغريني السلطة ولا يمكن أن أكون عبدا لها مهما كانت· قلت·· لذلك عشت فقيرا وستموت فقيرا طول حياتك ولم تنعم لا بخيرها ولا بشرها· قال·· الفقر ليس عيبا ولكن مازلت أحافظ على كرامتي وشرفي وكل مبادئي التي أؤمن بها ولن أغيرها لا لعيون السلطة ولا لعيون شيء آخر· قلت، أنت تطبق مقولة فريديك الأكبر الذي قال، لقد انتهيت أنا وشعبي إلى اتفاق يرضينا جميعا، يقولون ما يشتهون وأفعل ما أشتهي· انفجر حماري ضاحكا، وقال بسخرية هو كذلك·· أنا أقول ما أشتهي والسلطة تفعل ما تشتهي، يكفيني أن أتكلم وهي يكفيها أن تطبق ما لا أريد دون مراعاة لشعوري· قلت·· لهذا الحد تكبر الفجوة بين الشعب والسلطة؟ وتصبح خياراتهما مختلفة؟ قال ناهقا·· عندما ترى ما ترى من وجوه وأحزاب تفرض عليك وتمثلك في البرلمان ''بالسيف عليك'' هل هذا مقبول؟ لا أظن ولكن أنت تريد وأنا أريد والسلطة تفعل ما تريد·