لست أدري كيف تقول السلطة إن الانتخابات القادمة هي أهم شيء يمكن أن يحدث للجزائر منذ الاستقلال، ولست أدري كيف أصبح الانتخاب هو الفعل الحضاري الوحيد الذي تتمناه الدولة من الشعب، هل لم يسبق لنا أن انتخبنا؟ وهل لم يكن لنا برلمان من قبل حتى يخرج الموضوع عن إطاره الموضوعي ويصبح مثل الهستيريا والحمى، وتجد الجميع يحاربون من أجل إقناع المواطن البسيط لإعطاء صوته؟ نهق حماري بمكر شديد وقال، المسألة لا تعدو أن تكون زوبعة في فنجان لا أكثر، هل يمكن أن تقنعني السلطة بأن النزاهة ستقول كلمتها في هذه العملية؟ قلت متعجبا، يبدو أنك تخطيت خطوطك الحمراء أيها الحمار وأصبحت تجهر بما ترفضه السلطة وتتهم غيرك بالتزوير؟ قال ساخرا، أنا لا أتهم أحدا ولا أحاول أن أفرض رأيي على الناس، ولكن لست أفهم لماذا عندما يصل وقت الانتخابات تصبح السلطة تتلطف للشعب وتتودد إليه وتقربه منها وتجعله حبيبا وصديقا، وبمجرد أن تأخذ ما تريد منه ''تخبطه على رأسه''· قلت، أنت مخطئ فيما تقول يا حماري، السلطة التي تتودد، لا يمكن أن ترفع الأسعار بطريقة جنونية وتجعل المواطن يدور حول نفسه؟ قال ناهقا، السلطة لم ترفع الأسعار ولكن عدم قدرتها على ضبط السوق وتسيبها هو الذي جعل الدنيا مقلوبة على رأسها· قلت، لم تقل لي هل ستنتخب أيها الحمار أم ستعزف عن ذلك كما كنت تفعل دائما؟ حك رأسه وضرب بذيله يمينا ويسارا وقال، هذا الأمر سري بيني وبين نفسي، لكن لا بأس أن أبدي لك بعض مخاوفي التي أعلم جيدا أنها نفس مخاوف كل مواطن شريف في هذا الوطن، السؤال الأول من هو الذي يستحق صوتي؟ بصراحة، لست أرى أحدا ''يستاهل''، أما السؤال الثاني، إن قاطعت الانتخابات من يضمن لي أن صوتي لم يأخذه غيري ووضعه في الصندوق في غفلة من أمري؟ قلت والضحك يغلبني، أمورك صعبة أيها الحمار، لم أكن أعرف أن الانتخابات ستجعلك تتخوف بهذا الشكل؟ قال، كل الخوف يسكن السلطة التي تريد بأي طريقة أن تظهر للعالم أنها تملك شعبا متحضرا، يحبه رئيسه ويحب نوابه ويحب حكومته وليس على استعداد لقلب الطاولة على رؤوسهم·