هل ممكن أن نتحدث عن صناعة ثقافية بالجزائر؟ هل ممكن أن يتحول المنتوج المسرحي في الجزائر إلى سلعة حقيقية وذات قيمة متعددة؟! هل يستطيع أن يتحول الفاعل الثقافي إلى منتج للقيمة الروحية والمادية في ظل المعطى الإجتماعي والثقافي والسياسي؟! كانت مثل هذه التساؤلات محور النقاش الذي نظمه مهرجان سيدي بلعباس للمسرح المحترف في دورته السادسة المنعقدة من 8 إلى 14 من الشهر الجاري.. ونشط هذه الندوة كل من المسرحي ومدير مسرح بجاية عمر فطموش، وفتيحة راشدي، مديرة إيجيك ابن سينا في المناجمانت، وفيصل. ورغم أن كل من فتيحة راشدي وفيصل جمان ركزا على الجانب النظري، وعلى العلاقة بين الطلب وعرض المنتوج الثقافي، وعلى النجاعة الإقتصادية ضمن الإستراتيجية العامة في مقاربة السوق، كما ركزا على التجارب الأجنبية في مجال المنتوج الثقافي بشكل عام، سواء كان هذا المنتوج في المكتوب أو السمعي البصري في مجال الصحافة والإعلانات.. فإن عمر فطموش قدم شهادة حية عن العلاقة العضوية بين المنتوج الثقافي والجمهور من جهة، وبين طبيعة المؤسسة الثقافية، سواء كانت هذه المؤسسة عمومية أو خاصة، السوق الذي لا يمكن الحديث عنه إلا ضمن خصوصيات التجربة الجزائرية على صعيد سياسي ثقافي، وعلى صعيد تاريخي.. كان النقاش حارا وحيويا، لأنه فجر كل تلك الحساسيات بين مختلف الفاعلين وكل تلك النظرات المتناقضة من حيث الدلالة وما تحمله بقايا ثقافية حول مفهوم السلطة والسوق والقيمة.. كانت المقاربتان التي تقدم بها كل من جمان فيصل وفتيحة راشدي ذات طابع عمومي وتقني ولم تأخذ بعين الإعتبار خصوصية المنتوج الثقافي ضمن سياقه الخاص والعام، وربما يعود ذلك إلى انعدام المعرفة الميدانية لديهما حول ما يحصل ويجري بالفعل على الساحة الثقافية. وبالإضافة إلى ذلك، فضلا الحديث عن المانجمانت الثقافي عن طابع سياسي.. إن العمل الثقافي عندنا لازال راضخا للسلطة البيروقراطية، وهذه الأخيرة لازالت لديها اليد الطولى على المؤسسات الثقافية، ولازالت النصوص غير متحررة من الهيمنة البيروقراطية في ظل التراجعات الكبرى للحياة العمومية.. فالصالات عندنا لم تتجدد، ولم تتعدد.. والمدينة تريفت بحيث اختفت فيها كل الفضاءات الحية الليلية، التي تساعد على خلق المناخ الثقافي الحي لكن المتشابك مع الحياة الإجتماعية... ورغم كل هذه الخلافات.كان النقاش بداية لحوار لابد أن يستمر..