دعا جمال ولد عباس وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أمس، زميليه في الحكومة للتجارة والمالية في مكافحة مافيا الدواء والتحويل غير الشرعي للأموال إلى الخارج حينما قال ''لقد كنا المبادرين لكشف عمليات تضخيم فواتير استيراد مواد أولية دوائية وإبلاغ وزارتي المالية والتجارة رغم ذلك ليس عملنا وحدنا، فالوزارتان مسؤولتان أيضا''، وقال الوزير هذا الكلام قبيل دقائق من إبرام قطاعه صفقة مع الدانماركيين لإنتاج الأنسولين ب 15 مليون دولار مقابل أرباح تدرها السوق تقدر ب 100 مليون دولار· أثنى جمال ولد عباس ومحمد بن مرادي وزيرا الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، أمس، كثيرا على المخبر الدانماركي ''نوفو نورديسك'' الذي أبرم صفقة لإنتاج تشكيلة أنواع الأنسولين في أفق 2014 ليس لوحده بل بالشراكة مع مؤسسة صيدال· وقال الوزير بن مرادي ''الخيار وقع على المخبر الدانماركي لأنه أحد الرواد الثلاثة العالميين في مجال إنتاج الأنسولين''، وقال ولد عباس ''كان المخبر الوحيد الذي احترم دفتر شروط الجزائر خاصة ما تعلق منه بالسيادة الوطنية فضلا على امتلاكه لسياسة تسويق قوية''· وجاءت انطباعات الوزيرين في أعقاب سؤالين من القاعة يستفسر الأول عن صحة أنباء رفض مسؤولين كبار في الدولة لهذه الصفقة، والثاني عن سبب اختيار نوفو نورديسك دون مخابر أخرى· وكان درقاوي بومدين الرئيس المدير العام لصيدال قد كشف للصحفيين أن مقدار الصفقة المالي يقدر ب 15 مليون أورو، إلا أن الوزير ولد عباس كان قد كشف أن قيمة سوق الأنسولين في الجزائر تقدر ب 100 مليون دولار ما يعني أن المخبر الدانماركي يكون قد أبرم أهم صفقة له هذا العام عبر العالم، إذ بالإضافة إلى هذا الهامش الكبير جدا من الأرباح مقابل قيمة الصفقة لن يخضع المخبر الدانماركي لقاعدة 4951 بالمائة التي تطبق على الاستثمارات الأجنبية في الجزائر التي تنص على ضرورة امتلاك المجموعة الوطنية للأغلبية· وحسب وزير الصناعة محمد بن مرادي، فالسبب يعود إلى طبيعة الصفقة ''فنحن بصدد شراكة في التكنولوجيات وليس في رؤوس الأموال''· ويقابل هذا التصريح، تأكيد لوزير الصحة الذي كان إلى جنبه على المنصة بأن المخبر الدانماركي سيوسع مجال إنتاج الأنسولين في المرحلة الأولى يكون بشكل تقليدي أي على شكل الخرطوشات ثم إنتاج النظير على شكل زجاجات وخرطوشات، وأما المرحلة الثالثة فهي الدعم التقني من ''نوفونورديسك''، تهدف إلى تأسيس وتطوير وحدة إنتاج الأنسولين البشري المعروف باسم ''بانفيل'' المستعملة في الأقلام الحاقنة، وهذا في أفق 2014 بالرغم أن الانتاج سيكون من وحدة صيدال بقسنطينة· هذا، ولم يحدد الوزيران النسبة التقديرية للأرباح التي ستعود إلى صيدال والأرباح التي تعود إلى المخبر الدانماركي· مافيا الدواء لا تزال في نشاط وفي سياق استيراد الدواء، قال جمال ولد عباس إنه اكتشف في العام الماضي وجود 38 منتوجا ضمن المواد الأولية لإنتاج الدواء ويجلبه للجزائر مستوردون، مضخم الفواتير بقيمة 84 مليون دولار، وأن موادا مفوترة ب5 آلاف دولار للكيلوغرام بينما تباع في السوق ب 200 دولار، كاشفا عن اجتماع سيجمعه بالمستوردين بعد ثلاثة أيام لتدارس وضعية قائمة الأدوية المستوردة للقضاء على الندرة خاصة في مجال الأمراض السرطانية والقلب· وأوضح ولد عباس أنه بمبادرة منه أوقفت مصالحه تحويل ما قيمته 153 مليون دولار خارج الجزائر بطريقة غير شرعية ''رغم أن هذه مهام ومسؤولية أيضا تقع على عاتق وزارة التجارة والمالية، ولقد أبلغنا المصلحتين بذلك لأن وزارة التجارة تعلم الأسعار الدولية للمواد والجمارك يراقبون كيفيات استيرادها''، مضيفا ''لقد قمنا بذلك لأننا نحارب ونكافح الفساد وأعلم أنني بهذا أقلق كثيرا من الأطراف والجهات لكننا لن نحيد عن القضية''· وكشف الوزير أنه وجد في قطاع الصحة 666 مستورد معتمد ''لا يوجد بينهم أكثر من 20 مؤسسة تنشط فعلا، أما ما تبقى، فهم مجرد مناسباتيين هدفهم ربح مليار أو مليارين في السنة ثم يختفون من الساحة''·