''أنا لا أريد أن أعيش بدون أم، ليتني لم أولد في هذا اليوم الأسود، لن أسامحك مطلقا لأنك جنيتي علي مرتين الأولى حين ولدتني والثانية حين رميتني في هذا المكان، أريد ماء أرجوكما ألا يوجد ماء في هذا المكان، أرجوكما لا تنظرا إلى وجهي ،ابتعدا وإلاّ سوف يقتلوكما مثله، فهو كان ينسج لي أشعارا جميلة، سأسافر إلى الشيخ عبد الله الرقاني، وسأحضر لك السبحة المقدسة التي ستخلصك من هذه اللعنة وأنا سأذهب إلى أروان لإحضار الرمل الطاهر الذي سيخلصك هن هذه اللعنة وسأسعى جاهدا للظفر بقلبك أيتها الفاتنة''،هي مقاطع متفرقة لمسرحية حب وحال من الجزائر، قدمتها أمس، جمعية فرسان الركح من ولاية أدرار، على ركح خشبة مولاي الحسن بدار الثقافة الحسيمة تزامنا وفعاليات المهرجان النكور المتوسطي للمسرح في طبعته الرابعة والمنظم من طرف جمعية تيفسوين للمسرح الأمازيغي. يعود تأليف مسرحية حب وحال للكاتب عقباوي الشيخ، أما النظرة الإخراجية فقد قام بها هارون الكيلاني، في حين جسد أدوار شخوص العرض وجوه مسرحية قدمت من الجنوب الجزائري العميق، والمتمثلة في عبد القادر رواحي، العيد شادي وصارة بن حسان الوجه الجديد بالفرقة. تحكي المسرحية قصة أجمل فتاة في الصحراء تحدت الدستور القبلي الذي يمنع حب الغرباء، ووقعت في حب شاب من خارج قبيلتها لتحل اللعنة بالمكان وتتحول الفتاة إلى نصف صخرة، ما دفع أهل القرية إلى هجرة المكان، وتتوالى الأحداث إلى أن تمر قافلة تضم شابين ليقعا في حبها وتتكرر المأساة، غير أن الأسطورة تقول أن خلاص اللعنة مرتبط بحب حقيقي، يذهب الشابان في رحلة بحث عن العلاج فمن ينجح في تخليص الفتاة، من قتل لأجل الحب؟ أومن مات لأجل الحب؟ ماميز العرض تقديمه باللغة العربية السليمة، كما أن الممثلين استحضروا تراث الجنوب بأجسادهم الإفريقية الجميلة وذلك من خلال تقديمهم عرضا كوريغرافيا يوحي بمأساة الحادثة الأليمة التي عاشتها الفتاة من جراء اللعنة التي لحقت بها، وعن حالة التشتت والهجرة التي عرفها أهل القرية جراء ذلك، وهذا ما برع فيه الممثلان عبد القادر والعيد، حين قدموا للجمهور أروع اللوحات الكويغرافية عن زمن الحب الملعون، أما السينوغرافيا فقد كانت مميزة بالعرض، حيث أن المخرج استغل كل الموجودات من التراث داخل نص حب وحال، وقد تجسد ذلك في استحضار موسيقى الجنوب ذات الإيقاعات الساحرة، حيث سافرت بالجمهور إلى أعماق الصحراء الجزائرية رفقة التندي والقمبري والحضور إلى الزمن الصحراوي الجميل. بالنسبة للإضاءة، فإن كان معظمها باهتا فإنها كانت شحيحة على المشاهد للاستمتاع أكثر بحضور الممثلين ركحيا، وإن كثير من المشاهد كانت في قمة الروعة، غير أن وجوه الممثلين لم تكن واضحة الملامح لكن رغم ذلك فإن العرض تلقى استحسان الجمهور الذي تفاعل مع العرض طيلة تقديمه وهذا ما أدلى به لنا بعض أهل الاختصاص.