أضحت ولاية تبسة، الواقعة أقصى شرق الوطن، بعيدة عن أنظار السلطات العليا في البلاد بالرغم من الخطر الذي قد يأتي منها بعد تحوّلها إلى مرتع حقيقي لأباطرة التهريب وتبييض الأموال، دون علم وجهتها، والتي قد تهدد فعلا أمن البلد، فالكل يتذكر شبكة بئر العاتر التي تم تفكيكها مطلع التسعينيات بتهمة التهرب الضريبي وتبييض الأموال، والشكوك التي حامت حول علاقة هذه الشبكة بالتنظيم الإرهابي القاعدة· في هذا الإطار، كشف مصدر أمني مطلع بولاية تبسة أن مصالح الأمن المختصة تمكنت خلال السداسي الأول من هذه السنة من إحباط خمس محاولات لتهريب العملة من تبسة إلى دول أخرى كتونس وبعض دول الخليج العربي خاصة بإمارة دبي التي أصبحت مرتعا حقيقيا لتبييض أموال التهرب الضريبي والتجارة غير القانونية بولاية تبسة وما جاورها مثل ولايات أم البواقي أو خنشلة، وقدر المبلغ المالي المحجوز بحوالي 80 مليار سنتيم بالعملة الوطنية عبر خمس محاولات للتهريب، والتي تمكنت مصالح الأمن من إحباطها، في حين أن عمليات مماثلة تكون مصالح الأمن المختصة لم تتفطن لها· بارونات أقصى الشرق يغسلون أموال ''الشيفون'' في شراء عقارات بفرنسا والإمارات أصبحت تبسة بحكم موقعها الجغرافي وتوفرها على شريط حدودي يتجاوز طوله 320 كلم يمتد عبر 10 بلديات من مدينة الونزة شمالا إلى مدينة نقرين جنوبا، ووجود 4 مراكز حدودية، تعرف على مدار أيام السنة حركة عبور كبيرة من خلال توافد مئات المواطنين الذين يقصدون الجمهورية التونسية أو الوافدين إلى أرض الوطن، ناهيك عن المركبات والشاحنات الثقيلة وما تحمله من سلع وبضائع مستوردة، تبقى هي أكبر ولاية تصلها الألبسة الرثة أو ما يعرف لدى عامة الناس ب ''الشيفون'' بالطرق القانونية وغير القانونية عن طريق التهريب· ويقوم أباطرة التهريب بتأجير مئات المرائب والمحلات، وفتح أكثر من 40 مصنعا عبر مختلف مناطق الولاية مختصة في تنظيفها وتوظيبها، وتقدر الكمية التي تستقبلها ولاية تبسة يوميا ب 10 أطنان يوميا، التي يتم توزيعها بعد ذلك على مختلف ولايات الوطن، بعضها عن طريق النقل المنظم سواء بالشاحنات أو القطارات، والبعض الآخر عن طريق الحقائب بطريقة غير قانونية· ومع مرور الأيام تحوّلت كل من مدينتي تبسة وبئر العاتر الواقعين على بعد 90 كلم جنوب عاصمة الولاية تبسة، إلى أسواق كبرى ل ''للشيفون''، سواء بالتجزئة أو بالجملة، فكان لمدينة تبسة سوقين كبيرين أحدهما يقع بوسط المدينة يعرف بسوق'' ليبيا''، والآخر بسوق ''العرامي'' قرب محطة المسافرين، بالإضافة إلى مستودعات ومحلات أنجزت خصيصا لذلك بحي 4 مارس، بجانب وداخل سوق الفلاح سابقا، وهي الأماكن التي ظلت تعج بالمواطنين من مختلف المناطق والولايات الجزائرية حتى أصبحت ولاية تبسة قبلة لتجار ومقتنيي الألبسة القديمة· ومع مرور السنين برز أثرياء جدد بولاية تبسة يملكون ثروات طائلة تمكنوا من تحويل مبالغ مالية ضخمة إلى الخارج، ومن ذلك شراء عقارات بتونس وباريس وحتى بإمارة دبي بمبالغ خيالية· منطقة أقصى الشرق أهم منفذ لتهريب الأموال تقوم عصابات تهريب ''الشيفون'' في أقصى المناطق الشرقية من الوطن بتهريب مبالغ هامة من العملات الصعبة نحو تونس وفرنسا وإمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث يتم استثمارها في تمويل نشاطات التهريب الدولي وتمويل عمليات الاستيراد· وكشفت أرقام المديرية الجهوية لجمارك تبسة التي تغطي كل من ولايتي تبسةوأم البواقي، خمس محاولات لتهريب مبالغ ضخمة من الأورو نحو تونس والإمارات العربية، حيث تمكنت مصالح الدرك بأم البواقي من حجز مبلغ مليون أورو كانت موجهة نحو تونس· وفي عملية ثانية لأمن خنشلة، تم حجز مبلغ 1.2 مليون أورو كانت أيضا موجهة نحو تونس، إضافة إلى عملية أخرى تعد الأكبر والتي سمحت لجمارك تبسة بحجز 3.661 مليون أورو لدى أحد المهربين، كما تمكنت مصالح الدرك بأم البواقي بعد ذلك من حجز ما قيمته مليون أورو في عمليتين منفصلتين، ويقدر المبلغ المالي بالعملة الوطنية بحوالي 80 مليار سنتيم أي ثمانية ملايين أورو·