في حديث له مع وفد مصري موجود بإيران، قال الرئيس الإيراني إنه لا يرى أي سبب يحول دون زيارته إلى مصر بعد رحيل الذين لا يريدونه هناك، حيث يقول أحمدي نجاد في طهران، إنه ''كان في القاهرة مسؤولون يرفضون حضورنا لمصر'' والآن رحلوا.. ولكن ننتظر أن توجه لنا دعوة رسمية، ووقتها سأزور مصر على الفور''. أي أن نجاد، يريد القول للمصريين إن الخلافات المصرية - الإيرانية ،هي خلافات شخصية، وليست خلافات مصالح وأمن قومي، وبالتالي فكون النظام السابق قد زال فقد زال العارض بين البلدين، هكذا بكل بساطة. فالرئيس الإيراني يحاول استغلال الرفض المصري للنظام السابق لمصلحة بلاده، وبطريقة شعبوية تسطيحية، حيث يريد القول للمصريين إن إيران ظُلمت من مبارك مثلكم. وهذا ليس كل شيء، بالطبع، -حسبما نقل عن المصريين هناك- فإن نجاد قد تحدث عما قال إنها مؤامرات غربية تهدف لتفتيت العالم العربي والإسلامي، وضرب قوته العسكرية والاستراتيجية، وبحسب نجاد فإن ''تضامن مصر وإيران كفيل بمحو غطرسة الكيان الصهيوني، وتحجيم أمريكا''، وإن ''صمود الشعوب، وفي مقدمتهم مصر، سيبلور شرق أوسط جديدا بلا أمريكا وإسرائيل''. كما ذكر نجاد زواره المصريين بأن أمريكا تضع شروطا لإقراض ومساعدة بلادهم، بينما إيران لن تقوم بوضع شروط للمساعدة! وكما أسلفنا، فإن لم تكن هذه هي الشعبوية، والتسطيح، بل والإساءة لمصر والمصريين، فماذا عساها أن تكون؟ فنجاد، بحديثه هذا، من الأساس يضع شروطا مسبقة لمصر التي يريد.. مصر من دون الرجال الذين لا يريدون إيران، ومصر الممانعة والمقاومة، أي أن تتحلل مصر من إتفاقية السلام، مما يعني حربا جديدة، وأن تكون مصر كحزب الله، وحكومة المالكي.. مصر المنضوية تحت عمامة المرشد! وعلى من يصدق نجاد، أو يعتقد أنه يريد الخير لمصر، أن يتأمل تحالفات إيران في المنطقة، وقريبا وليس بعيدا، فإيران تحالفت مع ''القاعدة'' في العراق، وأفغانستان، وطهران هي التي قدمت مساعدات لواشنطن عند غزو العراق، وهناك تحالف إيران - حزب الله وحماس وسوريا، يوم حظيت إيران بالتعاطف القطري - التركي، خصوصا بعد حرب إسرائيل وحزب الله في 6002، في ما عرف بمعسكر الممانعة والمقاومة. ومن هنا فعلى المصريين أن يسألوا أنفسهم: ما الذي جلبه ذلك التحالف للمنطقة ككل، وللمتحالفين، بل والمتعاطفين معهم؟ فهاهي تركيا وقطر تقفان مع الشعب السوري الأعزل لحمايته من آلة القتل الأسدية، بينما إيران نجاد هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمد الأسد بالسلاح والمال، والرجال، وها هم العراقيون يجاهدون لإسقاط حكومة المالكي، بينما تقف معه طهران بكل قوة، فهل هذه هي الدولة التي يجب أن تكون حليفة لمصر؟ أو ينبغي طي صفحة الماضي معها وفقا لوعود وشعارات؟ أمر لا يستقيم بالطبع. بل إن على المصريين التحسب جيدا لفكرة وجود نجاد في مصر لحظة تصويتهم لاختيار الرئيس الجديد، وأي دولة يريدون في مصر، المدنية أم الدينية، فالدولة المدنية قد تعيد العلاقات مع إيران لكن وفق المصالح، أما الدينية فإنها سترتمي في أحضان إيران الولي الفقيه.