إتفق الكاتبان الشابان الجزائري سليم باشي والفرنسي آرنو برتينا، على أنهما يخوضان بمجرد الشروع في الكتابة، يدخلان في مغامرة أدبية لا يعرفان أين ستنتهي. باشي قال إنه لا فرق بين الأدب والصحافة وعلم الاجتماع، بينما أكد برتينا أنه يكتب مواضيع تصنفها دور النشر الفرنسية في خانة ''اللاأدب'' و''غير النبيلة''. سأل الناشر سفيان حجاج ضيف المقهى الأدبي، المنظم على هامش المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب (14 - 23 جوان)، ببهو رياض الفتح بالعاصمة، عن اللحظة التي تبدأ فيها المغامرة الأدبية عندهما، علما أنهما انطلقا في الكتابة في الفترة نفسه، وكلاهما يعتمد على أسلوب المغامرة في سرد الحكاية. على ضوء روايته الأخيرة ''أنا مغامرة''، ناقش برتينا أسلوبه الأدبي، ومنهج تعامله مع الموضوع ومع ذاته المبدعة: ''على الكاتب ألا يكرر نفسه، لهذا لا أكتفي بقصة جيدة أو سيناريو جاهز، بل أحاول العثور على نقطة توازن بداخلي، تجعلني أصل إلى لحظة إبداع يشعر بها القارئ''، يقول الكاتب الفرنسي )1977(، الذي يزور الجزائر لأول مرة. مضيفا: ''أعرف أن الكاتب لا يجب أن يضلل قارئه، وألا يبالغ في إدخاله في متاهات لا حصر لها، لكني كقارئ عشت هذه المتاهة، وأبحرت في روايات أشعرتني بالاضطراب أمام سيل الأفكار المتنوعة التي يقدمها المؤلف''، مؤكدا: ''شخصيا أحب الأفكار الاعتراضية التي تفاجئ القارئ وتحيله إلى أفكار أخرى غير مغلقة، تماما كما هو حاصل في الحياة اليومية، فنحن لا نقضي يوما واحدا دون أن نتعرض إلى أكثر من حادثة وتغييرات غير متوقعة، نعيشها لحظة بلحظة، على هذه الهيئة أريد أن تشبه حكايتي حياتنا''. تناول آرنو في ''أنا مغامرة''، قصة صحفي يطمح للقاء لاعب التنس العالمي روجي فيدرار. وعن طريق هاتين الشخصيتين تطرق إلى موضوع رياضي، غالبا ما لا يصنف في فرنسا على أنه أدب: ''منذ العام 2000 توجه جيل من الكتاب الجدد إلى كتابة مواضيع مختلفة عن السابق، عن الموسيقى والرياضة والموضة، وهي تعد خطوة جريئة في عالم النشر الفرنسي الذي يعتبر هذه الكتابات غير نبيلة ولا ترقى إلى المواضيع الكلاسيكية التي تبحث عنها دور النشر عندنا''. وعن الاشتغال على شخصية اللاعب فيديرار أورد قائلا: ''الشخصية في حد ذاتها مغامرة، لأنها على قيد الحياة، ولم يكن طموحي نشر سيرتها الذاتية بقدر ما اتخذتها ذريعة (استعارتها) لتناول موضوع أعرف أن الساحة الأدبية الفرنسية تعتبره غير نقي''. بتعبير آخر يردف: ''لم أفكر فيما إذا كان نصي أدبا أو مجرد هوس بحدث راهن''، علما أنه تحدث عن مسألة تعاطي المخدرات، وحاول الاقتراب من نفسية الرياضي، الذي يتعرض إلى القهر الجسدي والألم، بعيدا عن الصورة المثالية التي يشتهر بها. يعد سليم باشي من الأقلام الجزائرية التي فرضت نفسها منذ مطلع الألفين، حائز على جوائز هامة في فرنسا، على غرار غونكور. وعن بدايته يقول: ''كان طموحي تقديم رواية تشبه رواية فولكنر، وكان ذلك في عملي الأول ''كلب أوليس'' سنة .''2001 لكنه مع مرور التجارب، تيقن أن: ''كتابة الرواية لا تعني الامتثال لدفتر شروط يتوافق مع ما أنجز من قبل'' بقدر ما هي صياغة ''اللامنتظر واللامتوقع'' على أساس أنه الأصل في أي عمل روائي. من هذه الفكرة يحدد باشي، ابن عنابة، مفهومه للمغامرة في الأدب: ''الكتابة في حد ذاتها مغامرة لا نعرف أين تأخذنا الفكرة..'' فباشي عندما يكتب لا يعرف أين سيصل قلمه، لهذا يقترح على القارئ ''اتباع مسار الشخصية تماما كما اتبعها الروائي''، ليبين لاحقا أن نجاح القارئ في تقصي النقاط المظلمة والمنيرة في روايته، هو دليل على نجاح الكاتب في خوض المغامرة. المغامرة الأخرى التي خاضها المؤلف الجزائري المغترب، كانت في ''اقتلوهم جميعا''، النص الذي كتب عقب ''الكاهنة'' (غاليمار 2003)، وكان رهان صاحبه تأليف نص مختلف عن سابقه: ''لم أشعر أنني خنت نفسي في ''اقتلوهم جميعا'' )2006(، رغم أني لبست جلدة الإرهابي، بقدر ما اشتغلت على الريتم الذي طبع اللحظات الأخيرة قبل تنفيذ الهجوم''. فباشي باستعانته بشخصيات واقعية، مثل خالد كلكال )2012(، يرى أن الأدب لا تفصله حدود عن الصحافة أو علم الاجتماع أو الرياضة.