خير رد على مشاركة الجيش والدولة الروسية في جرائم نظام بشار الأسد، هو أن ينشق طيار سوري على متن طائرة مقاتلة من طراز ''ميغ'' الروسي، من نفس مخازن الدب الروسي التي تغذي الأسد! قبل يومين، أعلن الأردن أنه منح اللجوء السياسي لقائد الطائرة الحربية السورية الذي انشق وهبط بطائرته في قاعدة عسكرية جوية في منطقة المفرق، شمال المملكة، ''بناء على طلبه''. وأورد التلفزيون السوري أن العقيد الطيار حسن مرعي الحمادة كان يقود طائرته جنوب البلاد، ثم انقطع الاتصال به. ثم اعترف صراحة بحادثة الانشقاق ووصف الطيار بالخائن. سفن الإمداد الروسي إلى النظام الأسدي لم تتوقف، وهي تتزايد بشكل وقح؛ من سفن تحمل مروحيات مقاتلة، إلى سفن تحمل مقاتلين وأسلحة متنوعة، وكل هذه الأسلحة توجه إلى صدور الأهالي في كل مكان؛ من حمص إلى حماه إلى إدلب شمالا ووسطا إلى درعا جنوبا ودير الزور شرقا، وبعد ذلك كله يحاضرنا ''الملا'' لافروف عن الحل السلمي، وعن عدم التدخل الأجنبي في سوريا! حسنا فعل الأردن بمنح اللجوء السياسي لهذا الطيار المنشق عن عصابات الأسد وجيشه القاتل، وهو خير من الكلام المرسل الذي حشا به العالم رؤوسنا منذ 51 شهرا، حول التمني على النظام الكف عن القتل. الكلام السياسي يتنامى كالفطر، ولكن، في الجهة المقابلة، نجد فيلق القدس الإيراني وكتائب وعناصر حزب الله الإيراني - اللبناني، تمد النظام بكل وسائل القوة المادية والعسكرية، فضلا عن الإسناد الإعلامي، ثم ثالثة الأثافي بفتح خزائن الجيش الروسي إلى ميناء طرطوس، وتحرك قطع الجيش الروسي البحرية للدعم السافر للأسد القاتل.. وبعد ذلك نتحدث عن حل سلمي، وعن وجوب عدم تدخل الدول في تسليح المعارضة، كما يتحدث بكل صلف واستفزاز الملا لافروف؟! المتوقع تزايد وحشية النظام بعد حركة الانشقاق هذه، وربما تصدير الانتقام بشكل تخريبي إلى الأردن، وربما قطر والسعودية. ولكن من المهم معرفة أن تكلفة تسليح المعارضة وتوجيهها واحتضانها أقل من تكلفة تركها للفوضى والارتجال، كما أن دعم النظام الأسدي الذي تقدمه روسيا وإيران، مكلف على هذه الدول، أكثر من تكلفة دعم المعارضة والجيش الحر على الدول العربية - وربما بعض الدول الغربية - الداعمة. بكلام واضح، يجب سلوك كل السبل لتسليح المعارضة السورية، وتوجيه مسارها، واحتضانها، حتى نضمن عدم جنوحها يمينا أو شمالا، وهذا ما سيحدث لو تركت المعارضة لحال سبيلها. حانت ساعة الحقيقة، ومجرد منح الأردن حق اللجوء السياسي لهذا الطيار المنشق، على بساطة هذه الخطوة، قياسا بدعم روسيا وإيران، سيكون له أثر كبير وفعال في إضعاف معنويات جيش الأسد، وتشجيع تركه والانقلاب عليه. ففعل واحد خير من عشرات من خطب نبيل العربي أو تصريحات الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض الأمريكي. افرض الوقائع على الأرض، وبعدها تحدث مع الآخرين.. هكذا يفعل الخصوم معك، فافعل ما يفعلون.