بحسب ما نقلته صحيفة النهار اللبنانية عن الرئيس الأسبق عمر كرامي فإن الرئيس بشار الأسد يرى أن القصة انتهت، وأننا مرتاحون إلى طي صفحة هذه الأحداث، وهي تحت السيطرة، وأن بالنا ليس مشغولا· فهل فعلا استتبت الأوضاع للنظام الأسدي بسوريا؟ أشك، ففي ظرف ثمان وأربعين ساعة حصلت أحداث تنفي ذلك، حيث أعلن عن تشكيل المجلس الوطني السوري باسطنبول، وكانت فرنسا من أوائل المرحبين به، وعلى إثر هذا الإعلان عمت المظاهرات مختلف مدن سوريا تأييدا للمجلس، كما انتشرت الأخبار بأن النظام الأسدي قد باشر باستهداف أعضاء من عائلة المعارض السوري البارز برهان غليون، كما أشارت تقارير سورية إلى أنه تم تحطيم تمثال للرئيس حافظ الأسد، والد بشار الأسد، ليس بإحدى القرى السورية، بل بالعاصمة، وهو أول تمثال يحطم بالعاصمة! هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فما زال المتابعون بانتظار التفاصيل الضرورية لمعرفة أبعاد اغتيال ابن مفتي سوريا، فهناك شك كبير حول الرواية الرسمية الصادرة من دمشق، وعملية استهداف ابن المفتي ستكون مؤشرا على أمر ما يحاك في الظلام، ومؤشرا على انشقاقات أكبر، خصوصا وقد بدأت استقالات في صفوف الإعلاميين السوريين! وبالطبع هنا التزايد المستمر بمسلسل الانشقاقات العسكرية، واستمرار المواجهات بين أمن النظام الأسدي، والمنشقين عنه· كل ما سبق، وهو حصيلة يومين فقط، يدل على أن الصفحة التي طويت بسوريا هي صفحة أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة السورية، كما أن قول الأسد بأنه مرتاح، وباله ليس مشغولا، يعني أن النظام الأسدي لن يقوم بأي إصلاحات، ولا يمكن أن يرجى منه ذلك، لأن كلام الأسد يعني أن الحل الأمني هو الخيار الوحيد للنظام، وبالتالي فإن كل الأحاديث عن الإصلاحات السياسية لم تكن إلا للمناورة، وهنا قد يتساءل البعض: وهل من جديد في أن النظام الأسدي غير مؤهل للقيام بإصلاحات سياسية، أو هل كنا نرجو منه ذلك؟ الإجابة لا بالطبع، لكن أهمية هذا الأمر اليوم أنه دليل إضافي للدول التي تعتقد أن النظام الأسدي سيقوم بإصلاح حقيقي لاستدراك الأوضاع في سوريا، وأبرز تلك الدول التي كانت تؤمل بإصلاحات سيقوم بها النظام الأسدي هي روسيا· ولذا فإن قول الأسد بأنه مرتاح، ويعتبر أن صفحة الثورة قد طويت هو دليل على أنه لا أمل في هذا النظام، وهذه هي الرسالة التي على الروس فهمها اليوم، مثلما أدرك الأتراك قريبا أن لا مصداقية للنظام الأسدي· فالروس كانوا وإلى فترة قريبة يتأملون أن يقوم النظام الأسدي بخطوات من شأنها خلق حوار بين النظام والثوار السوريين، لكن النظام الأسدي يرى اليوم أن الأمور قد حسمت، وهو غير قلق، فأي إصلاحات تلك التي سيقوم بإنجازها، وعن أي حوار يتحدث النظام، أو من يحاولون التوسط له؟ وعليه فإن صفحة الثورة لم تطو، وربما تكون الصفحة التي طويت هي صفحة من يريدون تصديق النظام الأسدي، ووعوده الإصلاحية المزعومة·