طفت إلى السطح من جديد قضية جسر سيدي راشد الذي بلغ قرنا من الزمن منذ أن دبت فيه الحركة عام ,1912 حيث أن الغموض والضبابية أصبح أهم ما يكتنف مصيره المجهول بعد أن أكدت الدراسات التقنية التي أجراها مكتب الدراسات الإيطالي ''سينيكسول'' أن انهياره أمر جد وارد بل ومحتوم مستقبلا إذا بقيت الأمور على حالها بالنظر للشروخ الكبيرة التي مست السواد الأعظم من أقواسه البالغ عددها 27 قوسا، يضاف لذلك أشغال الجسر العملاق التي أثرت بشكل مباشر على المدخل الشرقي منه خاصة بعد قطع أزيد من 300 شجرة كان لها دورا مدروسا في حماية معلم قسنطينة الحجري من التصدعات وانجراف التربة... تواصل السلطات المحلية بقسنطينة سياسة ''البريكولاج'' والترقيع لحماية أطول جسر حجري في العالم من الانهيار، وهي العملية التي خصصت لها ميزانية تقدر ب80 مليار سنتيم، تم صرف نصفها السنة الماضية في أشغال الصيانة والترميم التي مست أولى دعامات المدخل الرئيسي للجسر وتم فصلها عن بقية الأقواس بغرض الحد من التصدعات، غير أن ذلك لم يحد من الخطر الذي يهدد الجسر حسب أحد مهندسي مؤسسة ''سابتا'' المكلفة بإنجاز المشروع لأن التصدعات التي مضى وقتا طويلا عليها أتت على باقي الأقواس الشيء الذي يجعل حتمية غلق الجسر أمام حركة السيارات والمركبات أمر أكثر من ضروري لحماية الجسر من الانهيار، وهو نفس الاستنتاج الذي توصل إليه مكتب الدراسات الإيطالي الذي أنجر دراسة معمقة عن الجسر ورفعها بالتفصيل إلى والي الولاية السابق عبد المالك بوضياف سنة ,2007 غير أنه لم يعر الأمر اهتماما الشيء الذي جعل الجسر يصل إلى ماهو عليه في الوقت الحالي وأصبح يتطلب أشغالا إضافية تصل إلى 200 بالمائة مقارنة بتلك التي كانت ستحميه لو أجريت عليه قبل أربع أو خمس سنوات. هذا، وقد باشرت في ال 23 من الشهر الماضي، المؤسسة الجزائرية أشغال الصيانة للمرة الثانية على التوالي في أقل من سنة على أن تمس الصيانة هذه المرة الدعامات التي تتوسط الجسر من خلال ترقيع الشروخات الكبيرة التي أصبحت تتوسطها وهي المهمة التي تطلبت حسب أحد المهندسين بالمشروع تسخير إمكانيات ضخمة للقيام بها على أن يتم الانتهاء من ذلك نهاية شهر أوت القادم، ليعاد بعدها فتح الجسر أمام حركة السير مع احتمال غلقه مرات أخرى لنفس العملية لأن الأشغال الجاري إنجازها لن تعيده إلى سابق عهده كما أضاف ذات المتحدث وتقتصر على أشغال ترقيع فقط من الممكن أن تنجح إلا في حالة واحدة وهي فتح مساره الذي يمتد على مسافة تقارب ال 500 متر أمام حركة الراجلين فقط، دون المركبات وهو أمر من الممكن تحقيقه بعد استلام الجسر العملاق. الجسر العملاق الخطر القادم على جسر سيدي راشد بالرغم من التحذيرات التي وجهت لمديرية الأشغال العمومية والسلطات الولائية بقسنطينة قبل الشروع في أشغال الحفر الخاصة بالجسر العملاق في جزئه الشرقي ومدى تأثيرها على الدعامات الرئيسية لجسر سيدي راشد وإمكانية تسببها في انهيار بعض أقواسه إلا أن لا أحد أعار مكتب الدراسات الإيطالي الذي قام بالدراسة أي اهتمام في حادثة تشبه سابقتها التي حصلت مع الوالي السابق وهو الأمر الذي يحصد جسر سيدي راشد ثماره في الوقت الراهن، حيث أن أشغال الحفر الخاصة بالجسر العملاق زادت من حدة التصدعات التي أصابت الأقواس الأولى للمعلم العتيق في مدخله الشرقي في حين تسبب القطع الذي مس أزيد من 300 شجرة معمرة في جعل الجسر بلا حماية من الانجرافات التي مست التربة بسبب تدفق المياه في وضعية لم تشد انتباه المسؤولين الذين وجدوا في غلق الجسر على مراحل الحل للظهور في صفة الواعي بالمسؤولية والمتحمل لها غير أن الواقع يظهر العكس تماما ويطرح العديد من الأسئلة ولماذا القيام بدراسات تكلف الملايير ثم يرمى بها في أدراج المكاتب دون العمل بنصائح وتوجيهات من قاموا بها. لهذه الأسباب أصبح جسر سيدي راشد على ماهو عليه مع حلول السنة الجارية، بلغ جسر سيدي راشد قرنا من التواجد غير أن مئويته تزامنت مع موعد انهياره بسبب العديد من العوامل التي أدت به إلى ماهو عليه وتأتي في مقدمتها حركة السير غير المدروسة للحافلات والشاحنات التي كانت تمر فوقه لمدة تزيد عن 40 سنة، حيث أن دعامات الجسر أنجزت لتحمل السيارات والمركبات الخفيفة فقط ومن أجل حركة مرور محدودة، غير أن مديرية النقل فتحته أمام الحافلات خاصة من نوع ''طاطا'' التي كانت السبب حسب الدراسة الإيطالية في تصدع الدعامات الرئيسية للجسر بالنظر لوزنها الثقيل وعددها الكبير حيث أن ما معدله 1500 حافلة كانت تعبر الجسر يوميا بين الذهاب والإياب قبل حلول سنة 2007 التي تقرر معها إزالة محطة كركري التي كانت تقع في المخرج الغربي للجسر يضاف لذلك غياب الصيانة الدورية للجسر حيث أنه لم يخضع للمراقبة لمدة تزيد عن 10 سنوات قبل سنة 2006 التي باشر خلالها مكتب الدراسات الإيطالي ''سينيكسول'' دراسة دقيقة أظهرت حال انتهائها أن المعلم دخل مرحلة ''الميؤوس منه'' ودعت إلى غلقه الفوري وإخضاعه لعملية ترميم جذرية لكن الوالي السابق رفض المقترح وترك الأمور على حالها لمدة تجاوزت الأربع سنوات كانت كافية لتأزم الوضع أكثر وصار على ماهو عليه بالرغم من أن الخط كان كبيرا والشروخات كانت تشاهد بالعين المجردة وتساقط الحجارة كان بصفة يومية بل وتسبب في سقوط جدران بعض البنايات التي تقع أسفل الجسر غير أن كل هذا لم يحرك ساكنا في السلطات التي فضلت غض النظر تحاشيا لأزمة نقل وحركة سير كانت ستشهدها المدينة لو تم غلق الجسر الذي يستقطب أزيد من 60 بالمئة من حركة السير من وإلى قلب المدينة الصخر. هذا، وتعد مياه الصرف الصحي للمدينة القديمة من بين الأسباب التي زادت من حدة التشققات وانجراف التربة، بالرغم من أن هذه النقطة جاءت أيضا في الدراسة الإيطالية إلا أن الأمور لا تزال على حالها إلى اليوم. إستنكار شعبي ومطالب بمحاسبة المتسببين في الوضعية خلف قرار مديرية الأشغال العمومية بقسنطينة القاضي بغلق جسر سيدي راشد حالة تذمر وسط سكان المدينة الذين اعتبروا القرار تعسفي وغير مسؤول وحمل جميع من تحدثت إليهم ''الجزائر نيوز'' القائمين على الولاية مسؤولية ما حل بالجسر وتدهور وضعيته واعتبروا أن اللامبلاة والإهمال هي السبب في تردي وضعية الجسر الذي يعد من أهم معالم الولاية التاريخية والقلب النابض لحركة السير بها لأنه يربط بين ضفتي المدينة ويختصر مسافة 20 دقيقة في ثلاث دقائق، محمد وهو طالب هندسة معمارية قال ''الوضعية التي آل إليها الجسر هي نتيجة الإهمال الذي تعرض له لأنه من المفروض أن يخضع للصيانة بشكل دوري خاصة وأنه أنجز في مرحلة كانت فيها حركة السير قليلة جدا واستعماله في الوقت الحالي، والحظيرة الوطنية للسيارات ترتفع من يوم لآخر كان من الواجب أن تواكبه دراسة لمعرفة مدى تحمل الجسر للعبىء المضاف إليه وهو ما لم يحصل عندنا ونحن حاليا نحصد ثمن سوء التسيير ومثل هذه الأمور نجدها في جميع المجالات وهو ما تسبب في تأخر ولايتنا وتربعها على ذيل ترتيب الولايات''. هذا، واستنكر سكان الولاية أيضا التوقيت الذي اختارته السلطات لغلق الجسر للترميم لأن جميع المنافذ المؤدية لوسط المدينة مغلقة بسبب أشغال الترامواي والجسر العملاق، وبالتالي كان من الواجب اختيار توقيتا آخر لتجنب الفوضى التي تعيشها الولاية حاليا،ئعمدا وهو تاجر قال ''صدقني لم أفهم بعد الطريقة التي يفكر بها المسؤولين ولماذا اختاروا هذا الموعد لغلق الجسر الذي يستقطب حوالي 60%ئمن حركة السير من وإلى وسط المدينة والطرق في الجهة الأخرىئالتي يمكن للمواطن أن يسلكها والتي تنتشر بها ورشات الترامواي بالجملة ما يعني أننا سنعاني أكثر بسبب مخططات المسؤولين الفاشلة''، من جهتهم، عبر سائقوا سيارات الأجرة عن امتعاضهم الشديد من القرار واعتبروه تعسفيا وغير مدروس بالنظر للوقت الحساس الذي تم اختياره لمباشرة الأعمال، كريم وهو صاحب سيارة أجرة قال ''منذ زمن ونحن نعاني بسبب غياب المواقف والاكتظاظ في حركة السير قبل أن نتفاجأ بهذا القرار الذي سيقتل المدينة ويدخلها في حالة من الفوضى لن نخرج منها إلا بعد فتح الجسر من جديد''. هذا، وطالب آخرون بمحاسبة المسؤولين المتسببين في الوضعية خاصة وأنهم كانوا على علم بها ولم يحركوا ساكنا إلا بعد فوات الأوان. سليمة، وهي ممرضة بالمستشفى الجامعي بقسنطينة، قالت ''قرأت منذ سنوات في الجرائد أنه توجد دراسة أظهرت أن الجسر مهدد بالانهيار ويجب غلقه فورا من أجل الترميم لكن ذلك لم يحدث إلا بعد سنوات وهذه في رأيي تصرف لا مسؤول يجب محاسبة من كانوا السبب فيه لأن الأمر يتعلق بمعلم هو الأهم في قسنطينة''. ولأن الوضع خطير حسب بعض سكان الولاية، صار من الواجب الاهتمام أكثر بالجسر وإخضاعه لعملية ترميم شاملة حتى ولو تطلب ذلك وقتا أطول لكن المهم هو ألا تفقد الولاية معلمها الذي يعد مفخرة الجزائر وواحدة من منتجاتها التاريخية التي لا يمكن الاستغناء عنها.