إهمال مستمر يضع شريان قسنطينة أمام الأخطار [Image]ظلت على الدوام خصوصية سيرتا وميزتها وهويتها. وبقت حلقة ربط بين مختلف نواحي قسنطينة وشريانها. كيف هي حالتها وإلى أي درجة تقاوم رياح التحول العمراني وسيرورة المتغيرات وتحديات الازمنة؟ هل تحظى بالترميم المناسب الضامن لها الديمومة كمنشآت ومرافق تحمل اسرار المدينة العتيقة وتروي تاريخها الطويل؟ انها اشكالية تثيرها «الشعب» وتحاول الاجاية عليها اعتمادا على شهادات في هذا الاستطلاع الجدير بالمتابعة والمطالعة. تعرف جسور عاصمة الشرق الجزائري في الآونة الأخيرة تراجعا ملحوظا وإهمالا ظاهرا للعيان خاصة توقفت عنده «الشعب» في جولة ميدانية لعددها السبع رغم انها تلعب دورا استراتيجيا في حركة المرور بالولاية. كشفت الصورة لنا عند معايتنا لجسور باب القنطرة، شارع الصومام، المصعد، سيدي مسيد وغيرها حيث لاحظنا حالة من الإهتراء وعدم المتابعة التقنية الدورية لهذه المنشآت الحيوية التي تعود لسنوات مضت. بمجرد أن تراها تلاحظ وطأة الإهمال الذي لمسها خاصة أن جسور قسنطينة عموما يبلغ عددها حوالي 30 جسرا راحت معظمها ضحية التسيب ومثال ذلك كثير لاسيما وان مسألة ترميم هذه المعالم التاريخية التي تحمل في طياتها تاريخ مدينة أسطورية تسقط على عاتق جهتين الأولى تابعة لمديرية الأشغال العمومية وأخرى للبلدية إلا أن التدخلات تعد غائبة في إعادة تهيئة هاته الجسور. بعضها تتصدر قائمة الصيانة والترميم... وأخرى يهددها شبح الانهيار يعد جسر سيدي مسيد بصفة دورية عمليات صيانة من قبل تقنيين كل خمس سنوات ذلك على حسب الضرر حيث تكلف العملية خزينة الدولة سنويا مبالغ مالية ضخمة تقدر أحيانا 11 مليارسنتم. وهو الجسر الوحيد الذي يعرف عمليات صيانة دورية إذ يعد من اعلي جسور المدينة وأهمها على الإطلاق باعتباره يشكل تحفتها المعلقة على ارتفاع 175 متر فوق وادي الرمال وبطول 160 متر بناه الفرنسيون سنة 1906 وتم تدشينه في 1912م. عرف الجسر عملية تفقدية في الآونة الأخيرة مست كافة تجهيزاته من طرف شركة إيطالية مختصة في صناعة الجسور العملاقة وصيانتها، إلا أن هذه المتابعة لم تشمل معظم الجسور فمنها من تعرض للانهيار. ولم ترمم إلى حد كتابة هذه الأسطر ذلك على غرار جسر يقع بمحاذاة الجامعة الذي تعرض للانهيار سنة 2007 ليبقى إلى حد الآن مجرد أطلال لا أكثر رغم انه يلعب دورا فعالا في فك الخناق على شبكة المرور حي كان يستعمل للمشاة خاصة منهم الطلبة الجامعيون لتبقى مهمة ترميمه مهمة صعبة على الجهات المكلفة بالعملية سواء كانت مديرية الأشغال العمومية أو مصالح البلدية التي لا ترى ربما نفعا في ترميمه والاستفادة من خدماته. سيدي راشد.. سنوات الانتظار تعرض سيدي راشد في العديد من المرات إلى انهيارات وانزلاقات خطيرة على مستوى دعاماته الأساسية وأقواسه جراء مياه الصرف الصحي الصادرة عن سكنات المدينة القديمة التي لا تنفك وأن تنهار متسببة في أضرار جسيمة على سلامة الجسر الإستراتيجي الذي يبلغ طوله 447 متر وعرضه 12 متر أما علوه فيقدر ب105 متر. يحتوي الجسر على 24 قوس قطر أكبرها 70 متر تم بناؤه سنة 1907 ودشن في 19 / 04 /1912. كما عرف في عديد المرات لاهتزازات وتحطمت بعض أجزائه بمرور الوقت نظرا لحركة النقل المكتفة والعبء الكبير الذي يتحمله يوميا، حيث تقرر في العديد من المناسبات القيام بصيانته وترميم أقواسه إلا انه تم التغاضي عنها لأسباب مجهولة رغم تحديد مبلغ 80 مليار سنتيم إلا أن التماطل في ترميمه إلى انهيار أجزاء كبيرة منه تسببت في إتخاد تدابير إستعجالية كان أهمها إصدار قرار غلق الجسر. انطلقت أخيرا أشغال صيانة إستعجالية على مستوى الجسر الحجري سيدي راشد الذي تم غلقه أمام حركة المرور إبتداء من يوم 21 من شهر أوت المنصرم لمدة سبعين يوما وذلك رغم الأهمية البالغة التي يلعبها في حركة المرور والتنقل إلى وسط مدينة قسنطينة إلا أن الخطر الحقيقي الذي أصبح يحدق بهذا الشريان والصرح التاريخي المهدد بالانهيار قد جعل غلقه أمرا حتما للحفاظ عليه. وهو الأمر الساري المفعول على كل جسور مدينة الصخر العتيق التي تعتبر هذه الأخيرة من أهم وأبرز معالم سيرت. باب القنطرة.. سوق للتجارة الفوضوية تحول الجسر في الآونة الأخيرة إلى مكان تعمه الفوضى والإهمال بسبب الانتشار الواسع للباعة الفوضويين الذين سببوا في خروج المشاة من الرصيف الذي احتلته أسلعتهم إلى الطريق وهو الامر الذي أثر على سير حركة المرور وشكل خطرا على سلامة المارة، فضلا عن تعرضه للإهتراء بسبب التسربات الناتجة عن اعطاب دائمة بقنوات الصرف الصحي مست بنايات شارع العربي بن مهيدي العتيق والتي تسببت في تشكل البرك المائية والمستنقعات التي أضحت ديكور جسر باب القنطرة الجديد. فالزائر لهذا المعلم يلاحظ ومن الوهلة الأولى التسيب والإهمال الذي طال أقدم جسر بالمدينة إذ يمتد على مسافة 90 مترا طولا وحوالي 11 مترا عرضا يربط ما بين شارع محطة السكة الحديدية بشارع العربي بن مهيدي بوسط المدينة إلا أن الجهات المعنية تبقى غائبة عن رؤية الخطر المحدق بهذه الجسور التي يعتبر إهمالها ضربا من الجريمة المتعمدة مع سابق الإصرار والترصد مدير الأشغال العمومية... يؤكد على انطلاق ترميم 30 جسرا حسب مصدر مسؤول بمديرية الأشغال العمومية لولاية قسنطينة في تصريح ل«الشعب» فإن عاصمة الشرق الجزائري قد استفادت من مبلغ مالي قدره 3 ملايير ونصف مليار سنتيم كغلاف مالي مخصص تحديدا لصيانة وإعادة الاعتبار ل30 جسرا الموزعة عبر مختلف تراب الولاية منها سبع جسور متواجدة بمدينة قسنطينة. وجاءت العنابة بعد أن أضحت تعرف العديد من المشاكل التي أثرت بشكل جلي على سلامة بنيتها لدرجة أن بعضها مهدد بالانهيار لاسيما وأن تاريخ العديد منها يرجع إلى الحقبة الاستعمارية على غرار جسر سيدي راشد الذي يعتبر شريانا حيا يلعب دورا أساسيا في حركة المرور بقسنطينة، ذات المسؤول أفاد أن أشغال الصيانة لهذه الجسور تنحصر في تبديل الفواصل وحماية ركائز بعضها وتحصينها بشكل يؤمنها من أي ضرر قد يلحق بها.