صرح مصدر رسمي بوزارة الخارجية السعودية مستنكرا، ومتسائلا، حول الدوافع الروسية خلف التصريح الصادر عن مفوض وزارة الخارجية الروسية لحقوق الإنسان عن المملكة، الذي اعتبرته السعودية ''تدخلا سافرا وغير مبرر بأي حال من الأحوال في شؤون المملكة''. وجاء التصريح السعودي بعد صدور بيان روسي حول إلقاء السعودية القبض على الإرهابي نمر النمر في العوامية، شرق السعودية، وكان من اللافت في البيان الصادر عن الرياض التساؤل الذي جاء على لسان المسؤول بالخارجية السعودية، حيث قال: ''وتأمل المملكة ألا يكون صدور مثل هذا التصريح الغريب يهدف إلى صرف النظر عن المجازر الوحشية والشنيعة التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه، وبدعم ومساندة لأطراف معروفة تعرقل أي جهد مخلص لحقن دماء السوريين''. والحقيقة، وردا على التساؤل السعودي، فإن الإجابة هي نعم، وبكل تأكيد، وهناك مؤشرات عدة تؤكد ذلك! فموسكو ما زالت تبرر جرائم الأسد بحق شعبه، التي راح ضحيتها إلى الآن قرابة سبعة عشر ألف سوري وسورية، وآخر تلك التبريرات التصريح الروسي حول مجزرة التريمسة في سوريا، التي راح ضحيتها قرابة الثلاثمائة قتيل، حيث قالت موسكو إن من يقف خلف تلك المجزرة هي ''الأطراف المستفيدة من إطالة الصراع'' في سوريا، على الرغم من أن المراقبين الدوليين يقولون إن المجزرة وقعت بعد مشاركة القوات الجوية الأسدية، ولكن موسكو ما زالت تدعم الأسد، وتعطل تحرك مجلس الأمن لحماية المدنيين السوريين! والأمر الآخر الذي يجب أن لا ننساه هو تصريحات وزير الخارجية الروسي التي حذر فيها من دور السنة في سوريا، وقوله إن سقوط نظام الأسد يعني وصول السنة للحكم هناك. وبالطبع هناك تصريحات سابقة صادرة عن موسكو تجاه السعودية، وذات علاقة بالشأن السوري، وردت عليها الرياض في حينها بكل حزم، حين اتهم المتحدث باسم الخارجية الروسية الرياض بدعم ''الإرهابيين'' في سوريا، لكن هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فالبيان الروسي الأخير يعتبر الثالث في نفس الخصوص، أي إلقاء القبض على الإرهابي نمر النمر، فقبل موسكو أصدرت طهران بيانا بهذا الخصوص، ومعهما حزب الله، الذي سمى الإرهابي نمر ب ''سماحة الشيخ''، فهل بعد هذا كله يمكن أن يقال إن البيان الروسي بمعزل عن تشتيت الأنظار عما يحدث في سوريا؟ بالطبع لا، فالاتساق والسياق واضحان، وليسا بحاجة إلى مزيد من التقصي، لكن الأمر الجيد في كل هذه الصورة القاتمة أن الصراخ على قدر الألم، كما يقال، فموسكووطهران وحزب الله وكل حلفاء طاغية دمشق، باتوا يشعرون بخطورة اللحظة والموقف، وباتوا على علم بأننا أمام اللحظات الأخيرة من عمر نظام مجرم عانت منه منطقتنا، وقبلها السوريون، فسقوط الأسد الحتمي هو المسمار الأخير في نعش تجار الموت بمنطقتنا؛ من إيران وروسيا وحلفائهم. ولذا فإن حلفاء الأسد يفعلون المستحيل اليوم لصرف الأنظار عن جرائم الأسد، والواجب على الجميع اليوم أن لا ينشغل بذلك، ومنهم السعودية التي حاربت التطرف السني مثلما هي تحارب التطرف الشيعي!