أثار عرض بانوراما «40 سنة من السينما الجزائرية»، لصاحبها سليم عقار، سهرة الجمعة المنصرم بفضاء «بلاصتي»، إشكالية الأرشيف السينمائي الجزائري المتواجد بفرنسا وإيطاليا ويوغسلافيا، حيث دعا المخرج والمنتج فاتح علي عيادي المدراء السابقين للمؤسسات السينمائية المحلة الكشف عن مضمون الاتفاق الذي تم بين الجزائر والمخابر المودع فيها النسخ السلبية لأشهر أفلامنا. يبلغ عمر البانوراما التي أنجزها سليم عقار 26 دقيقة، قدم خلال أبرز الأفلام السينمائية الجزائرية المنتجة منذ 66 إلى غاية 2008، بدءا ب «معركة الجزائر» الذي قال عنه عقار إنه أفضل وأحسن فيلم ثوري بكل المقاييس الجمالية والتقنية، وأن الجزائر برغم كل الإمكانات المسخرة للموضوع، لم تتمكن من إنتاج عمل يشبه ما قام به بونتيكورفو، مضيفا إن التكلفة الإجمالية لمعركة الجزائر تقل بعشرين مرة على «خارجون عن القانون» لكنه يظل الأول على الإطلاق. يتجول عقار عبر صور أرشيفية تحصل عليها من مصلحة الأرشيف بالتلفزيون الجزائري، فيما ابتاع أخرى بأمواله الخاصة -على حد تصريحه- بهدف إنجاز هذه البانوراما التي قال عنها إنها «ليست فيلما وثائقيا بالمعنى المتعارف عليه» لكنه وقفة عند أهم المحطات الذهبية للشاشة الكبيرة الجزائرية. وقد اختار عقار لذلك أعمال مثل: «حسان طيرو»، «ريح الأوراس»، «العصا والأفيون»، «وقائع سنين الجمر»، «جبل باية»، «عمر قتلتو الرجلة»، «رحلة المفتش الطاهر»، «الطاكسي المخفي»، «انديجان»، «كان يا مكان في الوادي»، «باب الواد سيتي»، «فيفا لالجيري»... وقد بدا جليا أن المخرج اكتفى بمشاهد متتابعة دون التعليق عليها، تخللتها حوارات قصيرة مع المخرج العالمي حامينا يدعو فيها إلى فتح المجال للطاقات المغتربة للعمل في مجال الفن السابع، يقول عقار في هذا الباب: «أدرجت شهادة حامينا لأنها مهمة تخص قدرات الجزائر الفنية والتقنية ذات السمعة العالمية». كما أشار الفيلم إلى إسهام الجزائر في مساعدة المخرج الراحل يوسف شاهين في أولى أعماله، عندما أقفلت الأبواب في وجهه ببلده مصر، فجاء للجزائر التي ساعدته في إخراج وإنتاج أولى أعماله مثل «العصفور». قال عقار إن مشكلة السينما الجزائرية ليس المال، بقدر ما هو الرؤية الفنية والجمالية للموضوع: «مشكلتنا في السياسة الداعمة للفن السابع، رغم ما يحتاجه هذ ا الميدان، إلا أن الأموال لا تضمن نجاح العمل، فعلى المخرج أن يكون متطلب على المستوى التقني والفني والتمثيلي أيضا». وعن قناعته بكون فيلم «بن بولعيد» هو آخر أكبر إنتاج ضخم للجزائر، علق موضحا: «اعتبرته كذلك من منطلق الميزانية الضخمة المخصصة له، ومشاركته في مهرجان دبي السينمائي». وعن إخفاقات المخرج الذي اعترف بها شخصيا، أردف المتحدث: «راشدي غامر بقبوله إخراج الفيلم، وقد وفق في جوانب كثيرة من عمله». علي عيادي: ملكية أرشيفنا السينمائي لنا أم لهم؟ إستعمال عقار لمقاطع من أعمال يفوق عمرها الأربعين سنة، طرح إشكالية وصول الباحث إلى بعض النسخ المراد استعمالها لغرض فني أو معرفي. وقد أكد المنتج علي عيادي أن «أرشيفنا في الخارج يكلف الجزائر كثيرا»، في إشارة منه إلى المبالغ الضخمة التي تضخها بلادنا إلى المخابر بفرنسا وإيطاليا وحتى يوغسلافيا، حيث أودعت النسخ السلبية لأشهر الأعمال، بسبب غياب مخبر محترم وفق المعايير الدولية، مضيفا: «في يوغسلافيا أعرف أن المسؤولين هناك يقومون بواجبهم على أتم وجه ويتكفلون بشكل جيد بالنسخ الجزائرية، وحتى تلك التي صورت أثناء الثورة من قبل صحفيين أصدقاء آنذاك»، لكنه يتساءل: «لا نعرف لحد الآن كيف كان يتم الاتفاق بين مدراء المؤسسات السمعية البصرية العمومية وبين هذه المخابر، وأتمنى لو يوضح لنا مما زالوا على قيد الحياة مثل عمار العسكري وأحمد راشدي وحتى حامينا، كيفية تلك المعاملات»، وهو الغموض الذي يمنع عيادي وآخرين من تأكيد ملكية الجزائر لهذه الأفلام السلبية، واضطرارها في كل مرة إلى شراء نسخ عنها بمقابل معتبر. لاسترجاع هذا الأرشيف، يرى علي عيادي: «علينا أولا تشييد مخبر يليق بحفظ تلك الأعمال، وليس مركز أرشيف يشبه مزبلة ببئر خادم».