تعيش مدينة مستغانم، منذ مساء الأحد الماضي، على وقع فعاليات الطبعة ال 45 لمهرجان مسرح الهواة، بمشاركة 12 فرقة ممثلة لتسعة ولايات، جاء عناصرها للتنافس على المراتب الأولى لفنون العرض المسرحي، تحت عيون لجنة تحكيم برئاسة بوزيان بن عاشور. الافتتاح تميز بعرض “تاريخ بلادي" مستلهم عن نص “132 سنة" لولد عبد الرحمن كاكي. امتلأت ساحة دار الثقافة ولد عبد الرحمن كاكي لولاية مستغانم، الأحد الماضي، بالاحتفال الجماهيري الخاص بافتتاح الطبعة ال 45 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة، حيث شاركت الفرقة النحاسية للحماية المدنية بالحميز، بمقاطع موسيقية لأشهر الأناشيد الوطنية، ما بث الحماس في نفوس الحضور من الأحياء المجاورة، الذين غص بهم المكان، فاختلطوا بوجوه من الفن الرابع من المنطقة وخارجها، وعلى رأسهم بن مكي بن سعيد مؤسس مهرجان الهواة، وزملائه من أوائل الناشطين في هذا المجال الإبداعي. تحاول مستغانم حماية إرثها الثقافي من الاندثار والتبدد، خاصة بعد 45 سنة من التواجد في الساحة الفنية، إلا أن روادها وأصدقاؤها، ما زالوا يتمنون أن يصبح هذا المهرجان ذو صيت وطني حقيقي يتمتع بامكانيات تجعله مدرسة فعلية لتزويد الخشبة الجزائرية بطاقات تمثيلية وكذا في مختلف مجال العرض المسرحي. وهي الأمنية التي أبان عليها رشيد جرورو محافظ المهرجان للسنة الأولى، خلفا لجمال صابر، حيث قال في كلمته القصيرة: “برنامجي هو استمرار لبرنامج بن صابر"، في إشارة منه إلى نيته في عدم إحداث القطيعة مع الإدارة السالفة، وطموحه في إمداد المهرجان بنفس متجدد. وقد شوهد جرورو في ساحة دار الثقافة رفقة بن صابر، متعانقان متفاهمان، كرسالة واضحة للحضور عن تفاهمهما. تتألف لجنة تحكيم هذه السنة من بوزيان بن عاشور رئيسا، والأعضاء بلحفيظ سويسة، العربي بن زيدان، خالد بلحاج، عبد القادر بلكروي، يوسف تاعوينت، سينظرون في الأعمال المقترحة من زاوية أحسن إخراج، أحسن نص، أحسن سينوغرافيا، أحسن دور نسائي، أحسن دور رجالي.. «تاريخ بلادي".. تحية لعبقرية كاكي كانوا أربعين ممثلا وممثلة من شباب معظم الفرق الهاوية للفن الرابع بمستغانم، وقفوا جميعا في صف واحد على المنصة، بزي موحد بالأبيض والأسود، شكلوا عناصر فرقة ولد عبد الرحمن كاكي المسرحية، التي أوكلت لها مهمة تقديم العرض الافتتاحي لهذه الطبعة المصادفة للذكرى الخمسين للاستقلال. وقد وقع المخرج تاكيرات محمد العرض المسمى “تاريخ بلادي" المبني على نص ابن مستغانم الراحل كاكي الذي كتب “132 سنة" سنة 1957، ضمن فيها أبرز محطات تاريخ الجزائر القديم والحديث، وقطع عبره أشواطا من معاناة الشعب الجزائري منذ احتلال أرضه سنة 1830 إلى غاية يوم النصر والاستقلال في 1962. أما النص الثاني فكان للكاتب الشاب شارف بركاتي الذي دون بدوره خواطره في نفس الموضوع، ما أعطى نصا مزدوجا أداه الممثلون بلغة دارجة جميلة. غلب على العرض لوحات فنية كثيرة، اصطف مؤدوها في صفوف طويلة وقصية، ورسموا مواقف عبروا بها عن المضمون، مستعينين بالغناء وبعض الحركات الكوريغرافيا (لعبد الحليم رحموني)، وقليلا من الرقص، لتأثيث الخشبة، وكذا صور الفيديو المعروضة على جدار الخلفية، إلا أن الصور هذه لم تكن واضحة ولم تؤدِ دورها كما أريد لها فيما يصطلح عليه بالمسرح الحديث. نجح عناصر الفرقة التمثيلية في زرع البهجة والحيوية في القاعة، ما ضمن للافتتاح نجاحه. إذ زرع الممثلون البهجة على الخشبة، خاصة وأن نص كاكي كان قويا في معانيه، ما أثار تساؤل الحضور ممن شاهدوا ملحمة “أبطال القدر" لعبد الحليم كركلا، التي عرضت بمناسبة 5 جويلية المنصرم، حيث استغربوا كيف يتم تجاهل عمل كاكي بمثل هذا القدر من الجمال الفني والدقة التاريخية وقربه إلى النفسية الجزائرية، عكس عمل كركلا الذي بدا إنتاجا هجينا كتب بيد غير جزائرية؟