إذا كانت خيارات تعيين الطاقم التنفيذي الجديد كرّست أغلب الوجوه القديمة في الجهاز، مع إحداث بعض التوازنات في تقسيم الأدوار، بطريقة تثير التساؤل لدى البعض والاستغراب لدى البعض الآخر، فإن الوجوه الجديدة التي أفرزتها هذه الحكومة هي الأخرى واقعة في المنطقة نفسه، بين الاستغراب والتساؤل. يعد عبد اللطيف بابا أحمد (1951 بتلمسان) من بين الوافدين الجدد الذين خلفوا اندهاشا كبيرا لدى المتتبعين للشأن الوطني، فهذا الرجل آت من بيت مشتعل لإطفاء نيران وطنية. فالعام الماضي لم يكن أبدا “سنة السعد" بالنسبة لبابا أحمد، الذي ترأس منذ العام 2006 جامعة سعد دحلب بالبليدة، وكان العام الماضي من أكثر الأوقات العصيبة في فترة تسييره لها، حيث فاحت رائحة التزوير والفساد بالجامعة حتى وصلت إلى القضاء. وإذا كان الرجل فوق الشبهات، إلا أن أحد أهم وأقرب معاونيه كان وسط العاصفة، ورشقه عمال وأساتذة الجامعة بالكثير من التهم المشينة، بل وصلوا إلى المطالبة في حركة احتجاجية قوية بإقالته من الجامعة والتحقيق معه. وكون بابا أحمد كان بعيدا عن تهم الفساد لم يجعله محميا، لأن الأسرة الجامعية بالبليدة اعتبرت أنه بشكل من الأشكال تغاضى وقدم الحماية لمعاونه الذي لم يتم التحقيق معه، لكن الرجل برر الأمر في تصريح ل “الجزائر نيوز"، العام الماضي، بقوله “لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضد شخص دون وجود أدلة تثبت تورطه في التجاوزات، سواء المتعلقة منها بالتسيير المالي أو الإداري، وإلى حد الآن لم نتلق أي شكوى ضد مستشار رئيس الجامعة". لكن السؤال الذي ظل مطروحا، كيف يمكن أن تظهر الأدلة دون التنقيب عنها وتجاهل الأصوات التي تحاول كشفها وفتح تحقيقات لتقصي الحقائق؟ بابا أحمد الحاصل على دكتوراه دولة في الكيمياء النوعية بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا سنة 1985، اعترف بلسانه الموسم الجامعي الماضي أنه رجل يعاني مشكلات بشأن مسألة التسيير “أنا لست محنكا في الإدارة والتسيير"، فهل سيكون من الهين عليه التعامل مع قطاع حساس ولديه غلاف مالي كبير وطاقم بشري مهمّ، ويعرف حراكا يملك تنظيمات وتقاليد لم يُعرف مستوى أفضل منها في هذا الشأن بالجزائري، خصوصا وأن بابا أحمد في صراعه مع النقابات الجامعية العام الماضي وصل إلى منطقة حمراء انتهى الأمر بها إلى أروقة العدالة، حول ملف واحد وركز هو في تسيير الأزمة على أن الإضراب غير شرعي، لأن النقابة غير معتمدة، ومع هذا ظل الانسداد طويلا، لذلك على الرجل أن يكون حذرا، فهو اليوم أمام ملفات عديدة وشبكات عمالية منظمة وطنيا يمكنها أن تشل القطاع بنداء واحد وفي وقت قصير، خصوصا في وجود العديد من الملفات التي ظلت تراوح مكانها رغم محاولات الوزير المخضرم الراحل حديثا، بوبكر بن بوزيد، حلها بطرق دبلوماسية وأخرى ملتوية ككسر الإضرابات والتآمر مع زيد ضد عمر ومع عمر ضد زيد، لكن هذا لم يجعل القطاع يوما يسجل دخولا قد يوصف بأنه كان “بردا وسلاما". إلى جانب مشاكل القطاع المعروفة هذه وغيرها، يواجه عبد اللطيف بابا أحمد، الذي تقلد عدد من المناصب في التكوين البيداغوجي بالجامعة بين الجزائر وتلمسان (2002 / 1973)، أهم ملف يؤرق كل الجزائريين، ويجعل الأسر تعيش في قلق دائم على مستقبل أبنائها، وهو ملف الإصلاحات التربوية، فإصلاحات بن بوزيد التي أسالت الكثير من الحبر بداية من المنهج إلى الكتاب المدرسي نحو الأخطاء الواردة في الكتب ثم طريقة التدريس وبعدها التوقيت والنشاطات الصفية واللاصفية... كلها أمور تحدث فيها الأولياء وأبناء القطاع والصحافة الوطنية.. لكن لا جديد، غير إحساس يعتري الجميع بأن المدرسة الجزائرية التي باتت تعرف الكثير من العنف، تعيش أسوأ عهودها، وأنها لم تعد كالماضي تمنح للعقول الصغيرة ما تحتاج إليه من تكوين ضروري، فهل سيقدر بابا احمد على تقديم البدائل الحقيقية للمدرسة الجزائرية ويحل مشكلات الجسد العليل ويحمي العقل الصغير؟ لهذا سيكون الرئيس السابق لجامعة البليدة ووزير التربية والتعليم الجديد عبد اللطيف بابا أحمد أول شخص يخوض امتحان الجهاز التنفيذي الجديد بداية من يوم الأحد المقبل.