لجأت، أمس الأحد، السلطات المحلية بسيدي امحمد بالعاصمة إلى تهديم وإزالة كافة المحلات التجارية الفوضوية غير المرخصة التي كان ينشط أصحابها على مستوى سوق علي ملاح الذي يتبع إقليميا للبلدية المشار إليها، وقد جرت العملية، التي انطلقت منذ الساعة الخامسة صباحا، بحضور كثيف لأعوان الشرطة وعدد من فعاليات السلطات المحلية بسيدي امحمد فضلا عن عدد من أصحاب المحلات التي شملها التهديم والإزالة. وقد تحول الرواق الرئيسي، الذي كانت المحلات الفوضوية غير المرخصة تنتشر على جانبيه بالسوق، إلى ما يشبه “الورشة" الحقيقية، حيث كانت الجرافات والشاحنات التي وكل إلى سائقيها تهديم هذه المحلات والتخلص من بقاياها لا تزال موجودة بعين المكان في حدود الساعة الواحدة ونصف زوالا، أما على جانبي هذا الرواق الذي يمتد من مدخل السوق على مقربة من مقر وزارة الشباب والرياضة وإلى غاية مخرجه أمام محطة حافلات النقل الجماعي بأول ماي بالعاصمة، فقد كان جزء كبير من ركام هذه المحلات والطاولات الفوضوية لا يزال موجودا على أنقاض هذه المحلات المهدمة. وقدّر رئيس بلدية سيدي امحمد مختار بوروينة عدد المحلات التي مستها العملية ما بين 150 و200 محل فوضوي، من ضمن عدد إجمالي من المحلات التي كان يضمها سوق “علي ملاح" يصل إلى 771 محل وفق تقديرات نفس المصدر. وشملت هذه العملية ما سماه رئيس بلدية سيدي امحمد بالنقاط السوداء أيضا، وهي نقاط النشاط التجاري الفوضوي التي كانت تعيق التحرك السلس داخل السوق ومنها بعض المحلات التي أنشئت في وقت سابق عند مدخل هذا الفضاء التجاري الذي تعود بداية نشاطه إلى السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضي. وأظهر بعض من أصحاب هذه المحلات التي جرى تهديمها بالسوق هدوءا كبيرا وبرودة أعصاب لافتة في حديثهم معنا، رغم أن المحلات الفوضوية التي كانوا ينشطون من خلالها كانت تجذب زبائن كثر وتدر عليهم أرباحا مالية معتبرة وفقا لاعترافهم أمس خلال حديثهم إلى “الجزائر نيوز" بعين المكان، وهو الهدوء الذي يبدو أن التحسيس الذي قام به رئيس البلدية مختار بوروينة منذ حوالي أسبوع بشأن عملية التهديم قد ساهم في بثه داخل نفوس هؤلاء الشباب، وقد أكد رئيس البلدية، في هذا الشأن أيضا، أن آخر لقاء جمعه مع “ممثلي هؤلاء الباعة قد جرى يوم الخميس الماضي". وقال أحد الباعة السابقين في هذا السوق، تم تهديم محله الفوضوي، ويدعى “بوخماشة عز الدين" أن لدى هؤلاء الباعة “ثقة كبيرة في رئيس البلدية" في اتجاه إيجاد حلول لهم بعد تهديم محلاتهم الفوضوية، مشيرا إلى كون مساعي بعض هؤلاء الباعة، وهو واحد منهم، لإيجاد حلول لوضعيتهم ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ سنوات وفق المعطيات التي قدمها لنا. كما أكد لنا هذا الشاب، الذي كان يملك محلا فوضويا يبيع من خلاله الحلي البسيطة، بعض المعلومات التي تشير إلى كون عدد من الباعة الفوضويين كانوا يمارسون “الابتزاز" ضد التجار الأصليين بسوق علي ملاح، حيث كانوا يخيرونهم، وفق ما أكده هذا البائع الشاب وكذا باعة آخرون ورئيس بلدية سيدي امحمد، بين دفع مبلغ مالي شهري أو تنصيب محلات تجارية فوضوية بالقرب وأمام المحلات التي يملكها التجار الشرعيون في السوق. وقد أشار رئيس بلدية سيدي امحمد ضمنيا، وبخصوص هذه النقطة بالذات إلى أن هؤلاء الذين كانوا يمارسون “الابتزاز" سيتم استثناؤهم ضمن العملية المرتقبة لإيجاد بدائل يستفيد منها “التجار" أصحاب المحلات الفوضوية الذين هدمت محلاتهم، حيث أشار مختار بوروينة في هذا الإطار إلى أنه سيتم إستغلال بعض الأماكن المسموح بها (الناتجة عن عمليات التهديم) ومنحها لمن يستحقها من التجار القدامى والجديين والذين يكونون من أبناء سيدي امحمد وفق تعبير رئيس البلدية. وبدا بائع آخر يدعى حاجي نبيل وكان يملك محلا لبيع “الخمارات" النسائية وجرى تهديمه أيضا، متمتعا بروح الدعابة عندما قال “لقد أتى بعض معارفي لتعزيتي في فقدان محلي وتهديمه، لكني طلبت منهم عدم تعزيتي إطلاقا كون لدي الثقة في رئيس البلدية، من ناحية أنه (أي رئيس بلدية سيدي امحمد) سيجد حلولا مناسبة للباعة الذين هدمت محلاتهم الفوضوية. يظهر من كلام بائع آخر، هدم محله المختص في الملابس الداخلية النسائية هو أيضا، ويدعى “عزي عمار" بعضا من الأسباب التي جعلت هؤلاء الشباب يلجأون في وقت سابق إلى إقامة محلات فوضوية بسوق “علي ملاح"، وذلك عندما يشير بقوله “لم يأت بنا الخير إلى هذا المكان، فأنا أقطن في مسكن ضيق بحي محي الدين ولا أملك أية شهادة مهنية يمكنني من خلالها إيجاد وظيفة". عموما، فقد أجمع بعض الباعة الذين تحدثنا إليهم على كون أحد الأسباب التي جعلتهم يلجأون إلى إقامة محلات فوضوية داخل سوق علي ملاح، بالإضافة إلى عنصر الحاجة، هو غياب العدالة في توزيع المحلات الأصلية الموجودة في السوق عند بداية نشاطه خلال السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضي. للإشارة، فإن تهديم المحلات الفوضوية في سوق علي ملاح تطلب تجنيد عمال ووسائل بلدية سيدي امحمد فضلا عن تجنيد مصالحها التقنية وفق رئيس البلدية الذي أشار أيضا إلى أن العملية تطلبت أيضا الإستعانة بآليات عدد من المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري بالجزائر العاصمة.