استقبلت قاعة الحاج عمر، بالمسرح الوطني الجزائري، ظهيرة أول أمس، أربعة كتاب من الجيل الجديد، في إطار نشاط أدبي حول علاقة الرواية بالمسرح، والتي اختير لها اسم المؤلف الراحل حميد سكيف. تبادل الحضور تجاربهم الكتابية، وفي خضم الحديث قال حميد عبد القادر إن طاهر وطار أحدث انحرافا خطيرا في علاقة الرواية بالثورة، حينما خدم إيديولوجيته اليسارية لا غير. لم يكن حميد سكيف حاضرا في الجلسة الأدبية التي نشطها عبد الرزاق بوكبة، أول أمس، رغم أن معظم الحضور في القاعة كانوا من شباب الفن الرابع الصاعدين، لا يعرفون عن كتاب الجزائر ومبدعيها إلا القليل جدا. ومع ذلك ظل اسم سكيف مجرد عنوان علق عاليا، دون أن يتطرق إلى مسيرته المميزة في مجال الكتابة الشعرية والقصصية والروائية، بل وحتى علاقته بالمسرح، خاصة وأن سكيف أو بالأحرى محمد بن مبخوت، هو ابن “مسرح البحر" التحق بالفرقة سنة 1968، لينتقل فيما بعد إلى العاصمة، حيث واصل نشاطه رفقة مجموعة من الشعراء والكتاب على غرار جمال أمازيتن وعبد الحميد لغواطي ويوسف سبتي. كان مفيدا لو تطرقت الجلسة إلى بعض ملامح هذا المثقف الراحل عنا في مارس 2011، ليعرف أفراد فرقة تمنراست الحاضرين أن سكيف ابن بوسعادة، ينحدر من قبيلة حوحي التي ينحدر منها الكاتب رضا حوحو. سكيف الذي تذكره المهرجان الوطني للمسرح المحترف هذه السنة، خلف مجموعة من الأعمال الشعرية والرواية والقصصية نذكر منها: “بيت الصمت"، “الأميرة والبهلوان"، “جغرافية الخطر".. قرأ بعض الشباب الهاوي مقاطع من نصوص الخير شوار، حميد عبد القادر، محمد بن زيان وعبد الوهاب بن منصور، ضيوف الجلسة الأدبية حيث تحدثوا بحرية عن تجربتهم مع الكتابة والتأليف، فقال بن زيان من وهران أن “الكتابة هي آلية من آليات امتناعنا عن الموت، الكتابة منذ البداية ارتبطت بها لاأستطيع أن أعيش حياة لم تتحقق لحد الآن"، واكتفى بذلك قولا. بينما فضل بن منصور القادم من ندرومة التلمسانية، أن يحيلنا إلى اللحظات الأولى التي صنعت منه روائيا يعشق التصوف، بلغة تحن إلى البدايات قص على الحضور قريته الصغيرة والجامع البسيط حيث لقن أولى كلمات سور القرآن الكريم. وكيف تحول الحب إلى صدمة عقدته من الشعر وأرسلته إلى صفحات الروايات والقصص. من جهته، أعلن الخير شوار، أنه بصدد انتظار صدور روايته الجديدة بعنوان “الثقوب الزرقاء"، والتي كان يتمنى أن تصدر في إطار الدورة 17 لمعرض الكتاب الدولي، إلا أنه يعد بإصدار جديد ثانٍ يضم مجموعة مقالاته موسوم “عرائس العنكبوت". حميد عبد القادر القادم من حي بالعاصمة يطل على الأزرق المتوسط، أكد أن الهدوء الذي طبع طفولته والمحيط المميز دفعه إلى القراءة، وأن الكتاب بدوره رمى به إلى أحضان قاعات السينما لمشاهدة أمهات الأفلام السينمائية. عوالم لا تنفك إن تتفتح أمامه كما قال، إلا أنه لم يكن راضيا بالكتابات التي تتناول الواقع اليومي، فقال في نفسه إن هذا الواقع لا يستحق أن نكتب عليه، وفي الجامعة تعرف على التاريخ وبدأ يتصور الفاعلين شخوص روائية تصلح أن تكون أبطال قصص من تأليفه، ومن يومها قرر أن يشتغل على الذاكرة. يرى عبد القادر أن في الجزائر “لم نصل بعد إلى كتابة نص الثورة" كما يجب، في سياق رده على سؤال بوكبة. ويحلل مؤلف “الانزلاق" جوابه بالقول: “بل قرأنا الثورة إيديولوجيا" مضيفا: “وطار أحدث انحرافا خطيرا في علاقة الثورة بالأدب، قدمها لنا من زاوية انتمائه إلى اليسار العربي"، مردفا أن أمثال عمي الطاهر: “لم يقدموا خدمة للثورة بل خدموا إيديولوجية، وعليه فالثورة بحاجة إلى كتابة جديدة ومغايرة"، في نظر عبد القادر.