أثار إعلان اسم الكاتب الصيني مو يان، الفائز بجائزة نوبل للآداب 2012، ردود أفعال متضاربة شككت في مصداقية أكاديمية نوبل السويدية، ومدى التزامها بمبادئ الحرية والديموقراطية، حيث أخرج معارضو “النوبلي" الجديد مواقفه السياسية السالفة، فوصفوه بالكاتب “الرسمي"، بينما أكد آخرون أن “مو" لا يعتبر مجددا في الأدب الصيني. بررت الأكاديمية السويدية اختيارها للمؤلف “مو" بأنه قلم عرف كيف يدمج الحكايات الشعبية والتاريخ والحياة المعاصرة مع الواقعية التي تتسم بالخيال. وهي الميزة التي جعلته أقوى المترشحين للجائزة هذه السنة، من بين 210 اسما عبر مختلف العالم، من بينهم 46 اسما جديدا. وأوضح بيان الأكاديمية أن مو يان أقام من خلال “الجمع بين الخيال والواقع وبين البعد التاريخي والاجتماعي، عالما يذكّر من خلال تعقيداته بعوالم كتاب مثل وليام فولكنير وغابريال غارسيا ماركيز، مع جذور ضاربة في الأدب الصيني القديم وتقليد القصة الشعبية"، مضيفا أنه “رغم انتقاده للمجتمع يعد أحد أبرز كتاب بلاده". ولد غوان موي المشهور ب “مو" سنة 1955 من والدين فلاحين في منطقة شاندوغ، حيث قضى طفولة صعبة، تحدث عنها في مناسبات كثيرة داعيا فيها للتعريف بنفسه وأدبه. فقد اضطر مو في خضم الثورة الثقافية إلى مغادرة مقاعد الدراسة وعمره لا يتجاوز 12 عاما ليعمل في الحقول ثم المصانع، تاركا نعومة الطفولة ورائه، مستقبلا حياة الكبار بكل القسوة والزيف الذي بدا يتعرف عليه مبكرا. مرحلة حاسمة ستلهم الرجل فيما بعد، ليكتب نصوصا تعكس مشاعره في تلك الأثناء، قصص تؤرخ للفساد والانحطاط الذي ألم بالمجتمع الصيني، وتروي ما حل به جراء سياسة التخطيط العائلي والحياة في الريف، اشتهر مو بمقولته الشعار: “الوحدة والجوع غذيا إبداعي". في 1976، انضم الشاب إلى الجيش الشعبي للتحرير، حيث درس في المعهد العسكري للفنون والآداب قبل أن يدخل الجامعة في بكين. أول قصة أصدرها كانت سنة 1981 في مجلة أدبية، تبعتها نصوص أخرى بلغت 80 رواية اليوم، كلها موقعة باسم “مو يان" الاسم المستعار الذي رافقه كل هذه السنين والذي يعني “الرجل الذي لا يتكلم". «مو» الكاتب “الرسمي غير الديموقراطي" أثار إعلان اسم مو كصاحب جائزة نوبل للآداب هذا العام، غضب الوسط الإعلامي والأدبي الصيني، إذ يرى البعض أن هذا الكاتب يميل إلى أفكار الحزب الشيوعي الصيني، حتى وإن تعرضت بعض أعماله للرقابة والمنع من قبل السلطة الحاكمة. فلسانه يظل قريبا إلى لسان السلطة، علما أن “مو" يحتل اليوم منصب نائب رئيس جمعية الكتاب الصينيين، ويصف الإعلام المحلي كتابته ب “الجريئة والمحرضة"، بينما يصفه بعض الكتاب الناشطين في منظمات حقوق الانسان ب “الكاتب الرسمي"، وأن تصريحاته تميل إلى خطاب السلطة غير الديموقراطية، ما يجعل تتويجه بنوبل للآداب، في نظر الحقوقي تونغ بياهو “غير لائق". أما الفنان المعروف آيي ويويه فعلق على الخبر قائلا إن أكاديمية السويد تقترف خطأ جسيما بمنحها هذا اللقب لمو. الكاتب والناقد يو شيكون، من جهته، استقبل الخبر بكثير من التحفظ، مفسرا ذلك بأسباب أدبية “أعماله تعود إلى سنوات الثمانينيات، عندما كان متأثرا بالأدب اللاتيني الأمريكي. لا أعتقد أنه أبدع عملا خاصا به. لا نعتبره مجددا في الأدب الصيني"، ليسقط بذلك الهالة التي اكتسبها مو فور إعلانه فائزا.