تعرف محطة نقل المسافرين بالخروبة حركة غير عادية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، حيث يسارع المواطنون الذين يقطنون في المدن الداخلية إلى الالتحاق بمدنهم بغية قضاء العيد وسط ذويهم وأهلهم. ولئن كان المشهد يتكرر كل موسم، فإن ما وقفنا عليه، يوم أمس، لا يختلف عن الظروف التي ميزت المواسم الماضية. وجهتنا الأولى كانت بمحطة الحافلات بالخروبة، التي تشهد ازدحاما كبيرا في كل شبابيك بيع التذاكر سواء تعلق الأمر بالناحية الغربية الجنوبية أوالشرقية، مما أفضى على الأجواء نوعا من القلق حينا والغضب أحيانا أخرى لدى المواطنين الذين وجدناهم في الانتظار وسط طوابير طويلة أمام شباك التذاكر. ولعل ما يستدعي الانتباه هو أن الشبابيك الخاصة بحافلات الناحية الشرقية كانت الأكثر ازدحاما، وهو ما حاول أحد مسؤولي المحطة تفسيره بكون الجهة الشرقية تعرف حركة كثيفة أيام الأعياد الدينية خاصة بخلاف بقية مناطق الوطن. مواطنون ملوا من طوابير الانتظار وجهتنا الأولى فضلنا أن تكون باتجاه المواطنين الذين التقيناهم، وكم هم كثيرون، حيث علمنا منهم أنهم جاءوا منذ الصباح الباكر لحجز مكان والفوز بتذكرة تقلهم إلى ذويهم كحال مواطن وجدناه عند طابور الاتجاهات الشرقية، حيث أكد لنا بأنه يأمل أن يحجز تذكرة باتجاه باتنة، غير أن ذلك لم يتحقق له: “لقد وصلت إلى المحطة في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا وأنا الآن أحاول أن أشتري تذكرة نحو مدينة باتنة، ولست أدري هل أتمكن من ذلك أم لا". هاجس هذا المواطن لا يختلف عن هواجس بقية المواطنين، حيث وجدنا رب عائلة رفقة أبنائه في حالة يرثى لها، وهو الذي قدم إلى العاصمة منذ ثلاثة أيام لقضاء بعض حاجياته مع العائلة، واضطرته الظروف للبقاء إلى غاية يوم أمس الأربعاء، وهو موعد تزامن مع تدفق أعداد هائلة من المواطنين، رب هذه العائلة الذي تحدث إلينا أبدى لنا قلقه من الوضعية التي يوجد عليها، خاصة وأنه لم يحجز بعد التذاكر باتجاه مدينة سوق أهراس: “لأول مرة أجد نفسي في مواجهة هذا الموقف لأنه لم يسبق لي أن سافرت في الأيام التي تسبق العيد، لكن الظروف حتمت عليّ أن أتواجد على بعد مئات الكيلومترات عن مدينتي. ورغم التطمينات التي تلقيتها من طرف أحد العاملين بمحطة الخروبة الذي أكد لي بأن عدد الحافلات كافٍ وأن الأماكن موجودة لكل المواطنين إلا أنني جد قلق، خاصة وأن العيد على الأبواب ولا تفصلنا عنه سوى 48 ساعة. مصلحة الاستغلال بالمحطة تطمئن المواطنين حملنا هواجس هؤلاء المواطنين وقصدنا مصلحة الاستغلال المتواجدة بالمحطة التي تسهر على توفير وتسيير الحافلات في كل الاتجاهات، وللأمانة فقد وجدنا كل التسهيلات للوصول إلى السيدة بن سمان فائزة، وهي مديرة الدراسات بمصلحة الاستغلال، حيث أبدت استعدادا تاما لمدنا بكل المعلومات والإجابة عن كل تساؤلاتنا، وقد أكدت لنا بأن الاحتياطات قد اتخذت من أجل تدعيم شبكة النقل بالحافلات البرية، وهذا منذ يوم 21 أكتوبر كما جاء على لسانها: “من أجل تسهيل المأمورية على المسافرين، فقد شرعنا منذ 21 من هذا الشهر في تخصيص شبابيك للحجز قبل موعد الرحلات بأيام وهذا حتى نتحاشى مشكل الازدحام الذي حدث في المواسم الماضية خلال أيام العيد، كما أننا اتخذنا قرارا بتقديم الرحلات عن موعدها المعتاد من خلال توجيه المسافرين في محاولة منا لامتصاص الاكتظاظ". ومن خلال بعض الأرقام والإحصائيات التي قدمت لنا بمديرية الدراسات بمصلحة الاستغلال، فإن عدد المسافرين ما انفك يزداد منذ 21 أكتوبر، الذي سجل فيه 16 ألف مسافر، ويوم 22 أكتوبر 22700 مسافر، ويوم 23 أكتوبر 28700 مسافر، فيما بلغ العدد، أمس الأربعاء، على الساعة الثامنة صباحا 13 ألف مسافر. 968 رحلة يومية ودائما بلغة الأرقام التي قدمت لنا، فقد وصل عدد الرحلات الاجتماعية التي تنطلق من محطة الخروبة 968 رحلة باتجاه كل المدن الجزائرية أي بمعدل 16 ألف مسافر يوميا، وتحتل الناحية الشرقية المرتبة الأولى من حيث عدد الرحلات حيث وصل إلى 210 رحلة يوميا، وتليها الناحية الغربية والجنوب الغربي ب 149 رحلة، ثم تأتي منطقة الجنوب والجنوب الشرقي ب 121 رحلة، ثم مدينتي جيجل وبجاية ب 104 رحلة، والمنطقة الأولى ممثلة في البويرة ب 68 رحلة، والمنطقة الخامسة الخاصة بتيزي وزو ودلس ب 249 و35 رحلة على التوالي. أما فيما يتعلق بيوم العيد، فتخصص منطقة واحدة لبيع التذاكر وتقديم الخدمة عبر كل الاتجاهات وتشهد في الغالب إقبالا محتشما. المواطنون تائهون بمحطة “الطاكسي" غادرنا محطة الخروبة الخاصة بالنقل عبر الحافلات، وغير بعيد عنها دفعنا فضولنا الصحفي إلى تفقد أحوال المسافرين الذين فضلوا التنقل عبر سيارات “الطاكسي". وهناك لم يختلف المشهد كثيرا عن الذي وقفنا عليه بمحطة الحافلات، حيث وجدنا الحركة دؤوبة، كل يجري في كل الاتجاهات بحثا عن سيارة “طاكسي"، وإذا كان الضغط على سيارات الطاكسي المتجهة نحو الشرق قليل نوعا ما، فإن مهنة المواطن بدت جلية بالنسبة لسيارات الأجرة المتجهة نحو الغرب بسبب النقص الفادح المسجل على مستوى جل المدن الغربية، وهو ما أثار حفيظة بعض المواطنين الذي وجدناهم بالمحطة كحال عبد الكريم الذي يعتزم السفر إلى مدينة سعيدة لقضاء العيد مع ذويه: “منذ الصباح الباكر وأنا في المحطة ولم تصل لحد الآن أي سيارة أجرة باتجاه سعيدة، وكذلك الشأن بالنسبة لمعظم المسافرين نحو الجهة الغربية". تركنا هذا المواطن بعد أن تمنينا له الوصول إلى مدينته سعيدة بسلام وقضاء عيد سعيد مع أسرته، وقبل أن نغادر المحطة حاولنا الاستفسار عن ظاهرة النقص المسجل في سيارات “الطاكسي" المتجهة عبر بعض المدن الجزائرية، ولم يطل استفسارنا، حيث سرعان ما وجدنا الإجابة عند العديد من أصحاب هذه السيارات الذي فسر لنا المشكلة بكون العديد من أصحاب السيارات يحجمون عن القدوم هذه الأيام في ظل غياب المسافرين القادمين إلى العاصمة، وهو ما يعني أن صاحب الطاكسي لا يستطيع المجيء إلى العاصمة دون مسافرين. هكذا كانت أو بدت لنا الصورة قبل يومين تقريبا من حلول عيد الأضحى، ولسنا ندري كيف سيكون الحال اليوم (الخميس) قبل حلول عيد الأضحى غدا الجمعة، هل يتمكن جموع هؤلاء المسافرين الذين تعج بهم محطات الحافلات وسيارات الأجرة من السفر نحو مدنهم لقضاء عيد الأضحى وسط ذويهم أو سيضطرون إلى السفر عبر وسائل أخرى مثل القطار أو سيارات “الكلوندستان". وما يسعنا قوله لكل هؤلاء المواطنين هو عيدكم سعيد وكل عام والنقل متوفر.