كمال زواوي، أنت حكواتي مشدود بشخصية جحا؟ لا أعرف لماذا هذا الانجذاب نحو هذه الشخصية بالذات، وبالتالي لا أدري هل أنا من اختارها أم جحا اختارني. الأكيد أنه ثمة حكمة عميقة في هذا الرجل، بمجرد أن نفهم معنى أفعاله وأقواله. يتميز عرضك بالبساطة والوضوح أثناء الحكي وتجسيد الشخوص؟ لأن كل شيء مبني على الكلمة، وليس على شيء آخر كالموسيقى مثلا، فالقاعدة أن أعمل مثلما كان يعمل القوال في الزمن الماضي، هذا الرجل الفريد الذي يتقمص أكثر من شخصية، فيشد الحضور من حوله، ويغريهم بمزيد من الإصغاء، وتحرير خيالهم. الكلمات تكفي، في رأيي، لنشكل عالما من الخيال، فنسبح فيه كما نشاء. العرض نفسه قدمته، مؤخرا، في كاليدونيا الجديدة، حيث التقيت بمواطنين من أصول جزائرية؟ نعم، كانت تجربة مؤثرة ومفيدة، خاصة عندما تسمع بدورك في حكاية أحفاد المنفيين إلى تلك الأرض البعيدة، أحفاد المقراني كما يقولون. رغم مرور وقت طويل على غربتهم، إلا أن أبناء اليوم لم ينسوا الجزائر، ويكنون لها الحب، هذا ما شدني فيهم. لدرجة أنني أهديتهم حجرا صغيرا كنت قد التقطته من حديقة جدتي عند أول زيارة لي للبلد، كنت سأحتفظ به لنفسي، إلا أني وجدت من هم أكثر حاجة إلى أي رمز يبقيه على تواصل بأرض الأجداد. يقال إن الحكاية في زمن وسائل الاتصال الحديثة، تجد طريقها بصعوبة إلى مسامع الناس وقلوبهم؟ بالعكس، أظن أن الحكاية منتشرة في كل مكان، وحاضرة أيضا في المجتمعات المعاصرة، ولولا هذه القصص التي نتداولها لشعرنا بالملل، بالتالي أرى أنه لا يجب أن نتوقف عن الحكي، ففي القصة نعثر على تراثنا المليء بالمعاني الداعية إلى العيش سويا. كما أشير إلى أن التكنولوجيات الحديثة لن تعيق مسير الحكواتي طالما يتمسك هذا الأخير بحلمه، بل العكس أتوقع أن تساعد هذه التكنولوجيات على تسجيل تراثنا الشفهي وتلقين تراثنا اللامادي للأجيال اللاحقة.