اُختتمت، أمس، الحملة الإنتخابية لمحليات 29 نوفمبر التي تميزت بالفتور عكس الانتخابات التشريعية، حيث وجهت أصابع الإتهام إلى الأحزاب نتيجة افتقار أغلبها إلى برامج وخطابات سياسية جالبة لإهتمامات المواطنين، لكن بالرغم من ذلك، فإن الأيام الأخيرة منها عرفت إنتعاشا نسبيا في بعض المناطق لاسيما في العاصمة. وإن كانت الحملة الخاصة بالمحليات قد خلقت أجواء خاصة على مستوى البلديات، لأن المنتخبين المرشحين من أبناء المنطقة، فإن الحملة كان لها طعم آخر على مستوى الولايات والمنتخبين الولائيين. ولأول مرة، سجلت هذه الإستحقاقات المحلية مشاركة 52 حزبا فيها، إلا أن الفتور وبرودة التعامل الشعبي مع مفعلي الحملة كانت الأجواء المميزة لهذه الحملة التي يتوقع الملاحظون لها أن تسجل أكبر نسبة عزوف شعبي لها، وهذا باعتراف وزير الداخلية الذي خرج مؤخرا عن صمته ليعلن أنه في حال تسجيل نسبة مشاركة انتخابية أقل من تلك المسجلة في التشريعيات السابقة، ستلجأ مصالح وزارته إلى التحقيق في أسباب ذلك، مؤكدا في نفس الوقت أن النسبة ستكون 43 بالمائة، وهي نفس نسبة التشريعيات. وبغض النظر عن غياب خطاب سياسي جالب لإهتمامات المواطن باعتباره المعني الأول بالعملية الإنتخابية وما ستسفر عنه من مسؤولين محليين، فإن الأمر الملاحظ في هذه الحملة هو غياب قوائم مترشحي بعض الأحزاب في اللوحات الخاصة بها على مستوى مساحات البلديات، والتي من المفروض أن تنشر منذ الساعة الأولى لبدء الحملة على اعتبار أنها القائمة التي من خلالها يتعرف المواطن على ما تعرضه الأحزاب من مرشحين ليتمكنوا من اختيار من هو الأمثل لهم. ويبدو أن الأحزاب لم تعد تكلف نفسها عناء إطلاع المواطن على مستوى بلدياتهم على مرشحيها في خطوة يراها المتتبعون بالضرورية، لتتم العملية الإنتخابية بناء على منافسة قوائم المترشحين، لكن ما حصل أن غالبية الأحزاب لم تهتم حتى بهذا الجانب الذي يكشف عدم مبالاة الأحزاب حتى بعملية عرض مرشحيها لإنجاح التصويت، كما يقول قادتها. وقد وقفت “الجزائر نيوز" في جولتها الميدانية عبر شوارع العاصمة في ختام الحملة الإنتخابية على ظاهرة الإنتشار العشوائي لقوائم المترشحين التي تم إلصاقها على أي شيء جامد وآخر متحرك، فالمتجول بالشوارع الكبرى للعاصمة، أمس، يلاحظ إقدام الأحزاب على وضع قوائمها أمام جدران مقرات بعض البلديات وعلى كوابل الكهرباء وفي الأعمدة والأشجار وفي مداخل المطاعم ومطاعم الأكل الخفيف، البنوك، بالرغم من علم هذه الأحزاب بأن هذا الأمر يعد خرقا للقانون الذي ينص على ضرورة نشر القوائم في لوحات الإشهار الخاصة بها، والتي يتم وضعها من قبل مصالح البلدية عشية الإنطلاق الرسمي للحملة وتحمل ترقيم كل حزب، إلا أن ما حدث هو العكس، حيث لم تلتزم غالبية الأحزاب بما ينص عليه القانون أثناء الحملة، إلى جانب غياب القائمة في مواقعها القانونية. وإن كانت بعض الأحزاب التي حمّلت المواطن في خطاباتها مسؤولية عدم نظافة الأحياء لغياب ثقافة تنظيف المحيط والمحافظة على البيئة، إلا أن هذه الثقافة مفقودة لدى إطاراتها ومسؤوليها بدليل نشرها العشوائي لملصقات مرشحيها في كل الأحياء والشوارع مع أنها تعي جيدا أن ذلك سيكلف مسؤولي البلديات بعد انتهاء الحملة والإنتخابات أعباء إضافية لإزالتها. وفي جولة “الجزائر نيوز" عبر شوارع العاصمة، لاحظنا ظاهرة انتشار مداومات مرشحي الأحزاب في محلات بعضها خاص ببيع الألبسة، وأخرى كانت عبارة عن مقهى وأخرى في محلات بيع الأحذية، وقد أعادت إلى أذهاننا ظاهرة انتشار محلات بيع الزلابية والحلويات الشرقية في شهر رمضان. وفي خضم كل هذه المفارقات، ارتأت “الجزائر نيوز" إجراء جولة خاطفة إلى بعض مقرات الأحزاب للوقوف على الأجواء الأخيرة وآخر الروتوشات للإختتام الرسمي للحملة، وكانت وجهتنا الأولى المقر الولائي للعاصمة للتجمع الوطني الديمقراطي الذي تزين بملصقات وقوائم المترشحين وكذا صور الأمين العام للحزب أحمد أويحيى، حيث استقبلنا مسؤوله النائب شهاب صديق الذي وجدناه في جلسة عمل مع بعض إطارات الحزب على مستوى العاصمة لضبط آخر الروتوشات، مؤكدا أن الحملة ستتواصل بتنظيم إطارات الحزب ومرشحيه للقاءات جوارية وتحسيسية على مستوى البلدية إلى غاية انتهاء العملية الإنتخابية ، باعتبار أن الأمر غير محظور قانونا. بعدها توجهنا إلى مقر حزب الجبهة الوطنية بشارع العربي بن مهيدي، إلا أننا تفاجأنا بأبوابه المغلقة وعدم وجود أي حركية وغياب شبه تام للملصقات الخاصة بقوائم المرشحين، رغم الانتشار الفوضوي لقوائم أحزاب أخرى في نفس الحي. وغير بعيد عن مقر حزب تواتي، لاحظنا تواجد مداومة لحزب الفجر الجديد التي اتخذت من محل لبيع لوازم الإعلام الآلي بنفس الشارع مقرا لها، إلا أنه كان خاليا من الحركة ماعدا إحدى المكلفات بالإستقبال على مستواه وكانت واجهة المحل مغطاة بقوائم مرشحيه التي كانت تنافسها في ذلك قوائم مرشحي الأفلان، الأرسيدي، الأرندي، وكذا حزب العمال وحزب عمارة بن يونس وأغلبها تحمل صور رؤسائها بالحجم الكبير عوض أن تبرز متصدر قوائمها في خطوة للتعريف به على مستوى بلدياتهم. عرّجت “الجزائر نيوز" بعدها إلى محافظة الأفلان لسيدي امحمد للإطلاع على الأجواء العامة بها لاختتام الحملة، إلا أننا تفاجأنا كذلك بالأبواب المغلقة للمقر في عز الحملة، وهو الأمر الذي دفعنا للإستفسار عن السبب، وقيل لنا أن مقر المحافظة تم احتلاله من قبل المحافظ لأنه من متصدري الحركة التصحيحية، هذا التصرف لم يمنع مرشحي الأفلان على مستوى منطقة سيدي امحمد من فتح مداومات وتحويل أجواء الحملة إلى مقر بعض القسمات التي كانت في حالة نشاط غذتها أصوات مسجلات النشيد الوطني والملصقات المنتظرة عبر كامل جدران محلات وعمارات الحي، المتواجدة فيها مقر القسمة. وختمنا جولتنا أمام صعوبة التنقل بسبب زحمة حركة المرور في شوارع العاصمة بالمقر الولائي للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يحتل أعالي شارع ديدوش مراد أين وجدناه فارغا بسبب تنقل إطاراته ومسؤوليه إلى التجمع الشعبي الذي نشطه محسن بلعباس بسينما إفريقيا التي لا تبعد كثيرا عن المقر، إلا أن هذا لم يمنع الأمين الوطني على مستوى الحزب والمكلف بالإقتصاد من التحدث إلينا عند مدخل المقر بعد أن قدم اعتذاره لنا عن عدم تمكنهم من استقبالنا لغياب المسؤولين بسبب التجمع الشعبي، حيث أكد أن الحملة رسميا إنتهت إلا أنها ليست كذلك داخل مقرات غالبية الأحزاب لاسيما الأرسيدي الذي سيعمل على ضبط قائمة ممثلين والبحث عن أحزاب يمكن التنسيق معها لسد العجز المسجل على مستوى الحزب وأحزاب أخرى في مجال ضمان ممثلين وملاحظين لها على مستوى مكاتب ومراكز التصويت لنقص الإمكانيات بالنسبة لغالبية الأحزاب ماعدا الأرندي والأفلان، كما قال. وما عدا ذلك، فإن العمل، قال، سينصب على المنتخبين لإتمام العمل الجواري على مستوى بلدياتهم باعتبارها من مهامهم لجلب الأصوات للحزب.