تغذيها المصالح والعروشية وأصحاب «الشكارة» تزايدت حدّة البلطجة السياسية خلال الحملة الانتخابية لتشريعيات العاشر ماي بشكل لافت هذه المرة، وبدا واضحا أن الظاهرة وجدت التربة الخصبة كي تتشكل وتصبح جزءا من المشهد السياسي في بلادنا الذي لم يسبق وأن عرف البلطجة على النحو الذي سجلته هذه المرة الطبقة السياسية واللجان الولائية واللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات. وزيادة على تمزيق الملصقات والكتابات الحائطية المشينة والمخلّة بالأداب العامة بحق مترشحين، فإن «البلطجة» السياسية وصلت درجة الاعتداء أو محاولة الاعتداء على المترشحين ومتصدري القوائم وقادة الأحزاب السياسية. وبصرف النظر عن الوقائع بحيثياتها المعروفة من شرق البلاد لغربها، فإن «البلطجة» التي تحولت إلى مهنة جديدة لموسم الانتخابات من شأنها أن تتحول إلى ظاهرة قائمة بحد ذاتها يدير خيوط لعبتها من يدفع أكثر. ويرى بعض المراقبين أن الظاهرة تغذيها حرب المصالح التي تصنعها الترشيحات، حيث يدفع رجال المال والأعمال بمرشحين في أكثر من ولاية لضمان تكتل غير ظاهر ولا معلن للدفاع عن مصالح مالية ومشاريع قوانين وقوانين تخدم المصالح الكبرى لأصحاب المال، هذا الرأي يقابله رأي آخر يقول إن «البلطجة» تدفع بها المشاحنات القبلية والعروشية التي تجنّد الشباب للدفاع عن متصدر القائمة الذي تقف من ورائه مصالح العشيرة والقبيلة، وهذا أمر مرحلي سرعان ما يتلاشى بنهاية المنافسة الانتخابية، لكن الأخطر هو محاولة سيطرة أصحاب «الشكارة» على الدوائر الانتخابية التي يرسمونها وفق معرفتهم بمناطقهم وهذا أمر يتكرر في الانتخابات، حيث يقضى بعض النواب أو «السيناتورات» أكثر من عهدة بفضل هذا النمط من التجنيد الانتخابي المتواصل الذي يصنع فئة جديدة من المنحرفين الذين يتلقون الحماية على طريقة الأفلام، وهذا ما بدأ يظهر في المجتمع بسبب التغيير الذي يطرأ على أنماط إدارة الحملات الانتخابية. وإذا كان البعض يرى أن البلطجة كتعبير دخل قاموس التعبير الجزائري بعد سلسلة الثورات التي ضربت تونس ومصر وليبيا واليمن، فإن الطبقة السياسية سبق وأن عايشت هذا المظهر السلبي من مظاهر الحملات السياسية عندما اعتدى أنصار من الحزب المحل على الراحل محفوظ نحناح بالأحذية وهو يلقي درسا دينيا. وكان للسلطة أو بعض المحسوبين عليها نصيبا من «البلطجة» السياسية عندما تصاعدت حدة الخلاف داخل حزب جبهة التحرير الوطني وطارد «بلاطجة» التصحيحية أنصار الأمين العام السابق علي بن فليس في صائفة 2004. وغير بعيد عن هذا اقتحم «بلاطجة» في ربيع 2007 جمعية عامة لحزب جبهة التحرير الوطني بتلمسان واعتدوا بالضرب على قياديين محليين للأفلان، وبعد أيام من بدء الحملة الانتخابية هاجم «بلاطجة» مقر محافظة الحزب بنفس الولاية واعتدوا على مناضلين بالداخل وخلفت المعركة خمسة مصابين. وفي الطارف تعرض مترشح في قائمة الأفلان إلى طعنات نجا من حدتها بأعجوبة، وفي المدية دفع «بلاطجة» بالشباب نحو محاولة الاعتداء على قادة تكتل الجزائر الخضراء، ودفعت المخاوف من البلطجة بمحيط الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني إلى تخصيص 20 فردا من عناصر الحماية المقربة، ونفس الشيء بالنسبة للأمين العام للأرندي الذي يحل في تجمعاته بجيش من رجال الحماية. أما زعيمة حزب العمال لويزة حنون فحصنت نفسها برجال الحماية المقربة وبوسائل تأمين مضادة للرصاص على طريقة الحماية التي يحظى بها رؤساء الحكومات وقادة الدول. تشريعيا فإن قانون الانتخابات حافل بمواد تعاقب كل من يمس بالعملية الانتخابية، لكن لم يسمع الرأي العام في تاريخ الاستحقاقات بإجراء واحد تم بحق أو ضد هؤلاء «البلاطجة» وكأنها مهنة جديدة تظهر بظهور الانتخابات. عبد السلام بارودي الحملة الانتخابية... أهلا ب«البلطجية والحشاشين»! المال، الضرب والسكاكين... يقنعون الناخبين غرقت الحملة الانتخابية التي لم يعد يفصلنا عن نهايتها سوى 4 أيام، في مجموعة من المظاهر الشاذة والسلوكات المتطرفة التي لم يسبق للشعب الجزائري أن تعود عليها في السابق، بشكل يوحي بوجود خلل كبير في التركيبة السياسية القائمة الآن بالساحة الوطنية. وقد شهدت أغلب ولايات الوطن حوادث وممارسات وصلت إلى حدود الحرق والضرب، اعتمادا على بعض «البلطجية» الذين تم الاستنجاد بهم لهذا الغرض وهي وضعية تطرح أكثر من علامة استفهام عن المستوى المتدني الذي وصلت إليه الممارسة السياسية في الجزائر. كما تثير تساؤلات أخرى حول حقيقة اقتناع غالبية المترشحين ببرامج أحزابهم، إن كانت موجودة أصلا، وقدرتهم على إيصال أفكارهم للناخبين بدلا من انتهاج تلك الأساليب غير الحضارية. هذا وتفاجأ أغلب المواطنين من هزالة الأداء السياسي الذي ميز الساحة السياسية طوال الأسبوعين الأخيرين من الحملة الانتخابية، بعدما قررت أغلب الأحزاب الاختفاء وراء مكاتبها والامتناع عن التواصل المباشر مع المواطنين «المستقيلين» أصلا من النشاط الانتخابي، والاكتفاء ببعض المناورات التي تسببت في تعفين المشهد السياسي الذي يعاني أصلا من قلة المصداقية، بعدما اعتقد العديد من المتتبعين أنه سيتخلص من عقدة «الحجر» التي فرضت عليه في العشرية الماضية، خاصة وأن الإصلاحات الأخيرة سمحت بعديد الفعاليات التي كانت تنشط وراء الستار، بالتنافس مجددا، لكن الذي حدث هو العكس تماما. ويبدو أن لظاهرة «البلطجية» أو «الحشاشين السياسيين»، كما يفضل البعض تسميتها، مجموعة من العوامل التي تبرر تواجدها في ساحة الحملة الانتخابية في الظرف الراهن، لعل أهمها ذلك الاستهداف العنيف الذي مارسته بعض الأطراف الإعلامية على المواطن الجزائري، قبل أن تنطلق الحملة بشكل جعله ينفر من هذه الانتخابات التشريعية، وأغلب مرشحيها الذين تحولوا بالنسبة له إلى مجرد باحثين عن عالم المال والأعمال والحصانة، اعتمادا على العضوية في البرلمان، وهو الأمر الذي يكون قد تحول إلى شبه عقدة حقيقية بالنسبة لجميع الأحزاب التي وضعت برامجها وأفكارها جانبا وراحت تعتمد على أساليب أخرى من أجل دغدغة عواطف هذا المواطن وحمله على الذهاب للتصويت وفق منهجية ظلت مفتوحة على جميع الاحتمالات، بما في ذلك العنف اللفظي والجسدي، كما رأيناه في عديد الحالات. ويضاف إلى هذا العامل الأول أيضا، الانفتاح الغريب والمغشوش للساحة السياسية التي أضحت مغلفة بعشرات من الأحزاب لا ترقى في نشاطها وفي مستوى مسؤوليها حتى إلى حجم لجنة حي، خاصة بالنسبة لبعض الأحزاب الجديدة التي تم اعتمادها مؤخرا، حيث حاول رؤساؤها بجميع الطرق المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، مما جعلها عرضة لانتساب كل من هب وذب، وهي جزئية هامة من شأنها أن تفسر هذه الظاهرة أيضا. ولأن لعبة المال صارت من الركائز الأساسية في معادلة إدارة الحملات الانتخابية، فإن الثابت أيضا أن عددا كبيرا من الأحزاب التي لا تفقه في عمل السياسة أي شيء، تكون قد اهتدت إلى فكرة التخلص من المناضلين واستبدالهم بمجموعة من «الكومبارس» أو الموسميين الذين تستعين بهم طوال هذه الحلمة الانتخابية مقابل مبالغ مالية، وتستعملهم مثل «روبوهات» يطبقون إملاءاتها بالحرف الواحد، وهي الحقيقة التي وقف عليها العديد من المناضلين في أغلب ولايات الوطن، حيث جندت بعض الأحزاب مجموعة من الشباب في عمليات تمزيق الواجهات الإشهارية لمنافسيهم من الأحزاب الأخرى ووصلت في بعض الحالات إلى الضرب والحرق.. وهي جميعها مشاهد تجعل أغلب الجزائريين يحنون إلى مراحل سياسية سابقة عندما كان ركح السياسة واجهة لرجال ملأوا الساحة بالأفكار والبرامج مثل الراحلين أحمد بن بلة، الشيخ محفوظ نحناح والأمين العام الأسبق للأفلان عبد الحميد مهري. كريم حجوج الظاهرة لم تعشها الجزائر حتى في وهج انفتاح التسعينيات صراعات عنيفة بين المترشحين.. أدواتها أطفال ومنحرفون! لم تكشف مجريات الحملة الانتخابات لتشريعيات 10 ماي المقبل عن عمق «الهوة» بين الناخبين والمترشحين بالاستناد إلى حجم الاستقطاب للمهرجانات والتجمعات الشعبية فقط، بل أفرزت أيضا ظاهرة جديدة تتمثل في محاولات الاعتداء على المترشحين أنفسهم أو رشق مواكب زعماء أحزاب سياسية بالحجارة ووصل الأمر إلى «تعبئة» أطفال ومراهقين لشن حملة معادية لتمزيق صور مترشحين وتحطيم لوحات انتخابية. وتعكس هذه الممارسات التي لم تشهدها الجزائر حتى في وهج التعددية سنوات التسعينيات رفضا لشرائح واسعة من المجتمع لهذه النخبة السياسية، لكنها تخفي برأي مراقبين»حربا خفية» بين أجنحة في السلطة والمعارضة لتنفيذ أجندات أخطرها المراهنة على نسف العملية الانتخابية. تعيش الساحة السياسية هذه الأيام على وقع ظاهرة استهداف مترشحين وتمزيق صور ودعايات المرشحين في وضح النهار وقد يتساوى الكثير من المرشحين في تلك المعركة الخطيرة التي تؤسس إلى تنشئة سلبية في عقول الأجيال وتخلق «فتنة سياسية» قد تؤدي إلى حرب حقيقية على الأقل إذا ما عدنا الى حصائل جرحى شجارات بين أنصار أحزاب في عدد من الولايات. والأكثر استغرابا حسب مترشحين قاموا بإيداع شكاوى لدى المصالح الأمنية تنفذ تلك المعركة بأيادي الأطفال والذي يخطط لها وفقا لاتهامات البعض هم كبار الرجال من الساسة. ويقول أحد رؤساء اللجان الولائية لمراقبة الانتخابات أن «ارتكاب تلك التجاوزات هو سلوك غير ديمقراطي وغير حضاري ولا ينمّ عن وعي انتخابي سليم؛. ويقول محللون إن «هذه المعركة التي ينفذها قصر ومراهقون ليست عشوائية وإنما منظمة ومخطط لها مسبقاً ومن الممكن ان تقف وراءها جهات وأحزاب منافسة أو خارج اللعبة الانتخابية تسعى لخلق حالة إرباك وتشويش في اختيار الناخب للمرشح أو لتحقيق أهداف معينة وهي إسقاط الخصوم السياسيين بالعنف والترهيب». فإذا سلمنا بكون العزوف أو الامتناع الانتخابي الذي عكسته أجواء الحملة الانتخابية إلى حد الآن قد تحول إلى هاجس بالنسبة للسلطة التي تراهن على حملة مركزة للتحسيس بأداءات إدارية وسياسية، وإلى أداة وسلاح يستعمله المقاطعون أملا في حصد منافع ما يسمى ب «الأغلبية الصامتة». إلا أن الدعوة الى المقاطعة باستعمال أساليب جديدة في العمل السياسي الجزائري من خلال رفع شعار «العنف « قد يعكس تأثر بعض الفئات في المجتمع بتداعيات ما يسمى «الربيع العربي» الذي حذرت منه كل خطابات المترشحين ورؤساء الأحزاب. إن لعبة استهداف المترشحين وتمزيق الملصقات والصور للمرشحين هو»تعبير عن حالة عنف انتخابي وإفلاس سياسي لدى البعض ومؤشر كبير في ضعف الثقافة الانتخابية، وعدم احترام نظم وقواعد الدعاية الانتخابية من قبل بعض الكيانات السياسية». فالبعض يعتقد أنه من خلال معركة تمزيق وتشويه صور ودعايات المرشحين والأحزاب يمكن أن تساهم في إضعاف وإفشال الكيانات المنافسة في العملية الانتخابية. إلا أن هذه الممارسات تنتج حسب مختصين في علم الاجتماع السياسي «سلوكا منحرفا ينعكس على نفسية المراهق والطفل وينمي فيه روح الكراهية والانتقام. وتخلق لديه فهما مشوها للواقع السياسي والاجتماعي نتيجة لتلك المؤشرات الخطيرة التي تساهم في تفكيك المجتمع». وتترك تلك السلوكيات حسب المختصين «تداعيات مهولة على نفسية الفرد السياسي الجزائري في ممارسة العمل الجماعي الديمقراطي. كما تؤثر تلك الأزمة على السلوك السياسي للأحزاب والقيادات السياسية والجماعات» إذا لم تبادر الجهات المختصة إلى احتوائها. بهاء الدين.م المختص في علم الاجتماع الأستاذ يوسف حنطابلي الاعتداءات تعبير عن سخط المواطن والحملة فرصة لرفع المطالب يعتبر المختص في علم الاجتماع، الأستاذ يوسف حنطابلي، أن ما حدث في بعض التجمعات الخاصة بالأحزاب في الحملة الانتخابية، انتهاز من المواطنين للفرصة للتعبير عن سخطهم وتذمرهم من خطاب السياسيين الذي لم يعد يجدي نفعا. فضلا عن تفسيره لهذه الظاهرة بأنها ناتجة عن تأثير الإعلام وعلى وجه خاص الظروف الإقليمية التي تشهدها المنطقة العربية. فتيحة/ ز كيف تفسرون الحوادث والتجاوزات غير المسبوقة التي صاحبت عمر الحملة الانتخابية في عدد من الولايات؟ أولا وقبل شيء، الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر ماي الجاري جاءت في ظروف اجتماعية تميزها الاحتجاجات الاجتماعية والتي تعود إلى شهر جانفي 2011 وتستمر خلال الأيام الأخيرة وهو ما يفسر حالة الاحتقان التي تعرفها الجبهة الاجتماعية ومطالب العمال في كل مرة والتي تعرفها مختلف القطاعات هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ظاهرة الاعتداءات على بعض قادة الأحزاب السياسية تعتبر حالات شاذة. كيف تفسرون ظاهرة الاعتداءات وخطف مرشح حزب جبهة التحرير الوطني الذي يحتل المرتبة الثانية ضمن قائمة ولاية الطارف طارق طريدي من قبل مجهولين كانوا مدججين بأسلحة بيضاء؟ هي بطبيعة الحال اعتداءات غير مقبولة، لكن السؤال هل هذا الفعل جماعي أم فردي.. هناك مؤشر على وجود قطيعة بين المواطن والمنتخب والمرشح ولا توجد لغة مناسبة تعطينا هذه السلوكات، تعبر عن عدم التواصل بين المترشحين والناخبين أو المواطنين بصفة عامة. لماذا لم نرها في الحملة الانتخابية السابقة؟ أرى أن الواقع يؤكد أن المواطن الجزائري شعر بأن الانتخابات فرصة للتعبير عن رغبته في التغيير وشعوره بالإهمال، وعندما تأتي الأحزاب السياسية إليه في إطار الحملة الانتخابية فالمواطن يشعر بأنها تمثل مصالح الدولة، أو الوجه الآخر للدولة وبالتالي يصب جام غضبه عليها والطبيعي أنها فرصة للمطالبة بتحقيق مطالبه التي ترتبط بوضعه الاجتماعي، خاصة وأن ما يحمله المواطن من أفكار عن هذه الأحزاب أنها تمثل النظام السياسي والنخبة السياسية. كما أن الفضائيات لم تكن متاحة مثلما هي عليه الآن ولم تكن في عهد سابق وفي انتخابات سابقة، الآن وفي ظل الاعلام العربي والفضائيات يطلع المواطن على همومه في القنوات التي تهتم بمشاكله.. الحزب السياسي مع محدودية الحراك السياسي في الحزب والانقسامات التي تحدث في بعض الأحزاب يتغنى بأن لديه مشروع اجتماعي، لكن المواطن يرد على الأحزاب بالقول أنتم لم تتفقوا فيما بينكم، كيف تريدون أن نتفق عليكم. هل للإعلام دور في ظهور مثل هذه الحوادث في هذه الظروف بالذات؟ الشعب الجزائري أصبح لديه تصورات تتجاوز القطرية، والإعلام ساهم في تطوير ثقافة المواطن مهما كانت درجة مستواه التعليمي، فالإعلام الذي يدخل البيوت وأصبح يهتم بالشأن الجزائري مثل القنوات الفضائية أصبحت ملاذه الوحيد وتعطيه تصورات وأفكارا دفعته إلى التعبير عن سخطه وتذمره من خلال تلك الأفعال، لأن هناك وسائط إعلامية تعطيه القدرة على التجاوب مع الواقع وهذه الوسائط المنفتحة فيها وجهات النظر المختلفة. ^ البعض يقول إن هذه السلوكات «دخيلة» على الثقافة السياسية للجزائريين وتم استيرادها من دول عربية أخرى لها باع طويل في ممارسات «البلطجة»، ما رأيكم في هذا؟ هذه الظاهرة لها علاقة بالوضع العربي وما يسمى ب«الثورات العربية» والحراك الاجتماعي الذي تعرفه بعض البلدان العربية والطبيعي أن الظرف الحالي له علاقة بالظروف الإقليمية هناك إحساس وشعور في المجتمعات العربية بضرورة الاحتجاج والمطالبة بأي شكل كان. ت تجاوزات الحملة الانتخابية بباتنة: تكلفة «تمزيق» اللافتات تفوق ثمن تعليقها دوّنت اللجنة الولائية لمراقبة الانتخابات بباتنة، منذ بداية الحملة الانتخابية، جملة من التجاوزات التي قامت بها مختلف الأحزاب والتشكيلات السياسية المترشحة، وقد صنفت بعض التجاوزات في خانة التعدي الصارخ على القانون العضوي للانتخابات وقررت اللجنة اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق مرتكبيها. وفي اتصال باللجنة الولائية لمراقبة الانتخابات بدار المربي، أكدت أن أهم التجاوزات تتمثل في احتكار القاعات المخصصة للتجمعات ما يعرقل رغبة الأحزاب المنافسة في إقامة التجمعات، وهو ما تلقت اللجنة بشأنه طعونا كثيرة، بالإضافة إلى الطعون في بعض المؤطرين عبر البلديات كونهم ناشطين ومناضلين في أحزاب مختلفة وهو ما يخالف نص القانون، ويدفع بصاحبه حسب اللجنة إلى الوقوع تحت طائلة عقوبات صارمة. وحسب التقارير الواردة من مختلف بلديات الولاية، فإن هناك الكثير من التشكيلات السياسية اضطرت إلى إلغاء تجمعاتها بسبب خواء القاعات وانعدام الإقبال من طرف المواطنين. كما أن هناك أحزاب معينة وردت في حقها شكاوى أكثر من غيرها من طرف المواطنين والمنافسين. ولم تفوت الكثير من التشكيلات السياسية استغلال بهجة فصل الربيع بالمنطقة وعمدت إلى تنظيم رحلات للشباب والمواطنين نحو مناطق تتميز بالطبيعة الخلابة مع تقديم بعض «الإكراميات» من مأكل ومشرب. وفي نفس السياق تم حسب محدثتنا تخصيص 173 مراقبا من كل حزب على المستوى الولائي و61 بالمكاتب المنتشرة عبر كافة البلديات، إلى ذلك اشتكى الكثير من المواطنين من فوضى الملصقات التي طالت سكناتهم ومحلاتهم التجارية. وحسب الكثير منهم، فإنهم يلجأون إلى إزالتها، غير أن الوضع سرعان ما يعود كما كان مع صباح كل يوم، حيث تعمد التشكيلات السياسية المختلفة إلى تكليف شباب ومراهقين بوضع الملصقات بمقابل مادي. وحسب معلومات متطابقة، فإن من الأحزاب من يدفع نقودا أكثر لمن يقوم بإزالة ملصقات الأحزاب المنافسة، وكثير منها تعاقد شفهيا مع شباب معينين للقيام بالمهمة وتقاضي أجرهم كل صباح بعد استظهار الملصقات المزالة للأحزاب الأخرى وتعليق ملصقات الحزب المستفيد مكانها، وأكدت لجنة المراقبة الولائية أن الكثير من التصرفات التي تقوم بها الأحزاب تخرج من نطاق العمل الرقابي للجنة إلا إذا قدمت بشأنها طعونا وشكاوى. فيما أكد والي ولاية باتنة أن القانون واضح جدا بخصوص سير التحضير للانتخابات، لا سيما المادة 195 التي تتيح للوالي التدخل لتوقيف الفوضى والإخلال بالقانون، كالأمر بإزالة الملصقات التي توضع في غير محلها عبر كل بلديات الولاية، حيث قامت مصالح الولاية بتوجيه رسالة في هذا الشأن إلى رؤساء البلديات. المعتز بالله التبراح والتخريب مهنتان تحتلان الصدارة الحملة الانتخابية...سوق للتوظيف المؤقت للبطالين! تعيش الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي المقبل بولاية البليدة جوا من الفوضى فيما يتعلق بالملصقات الإشهارية والتي استقطبت الكثير من الشباب البطال، حيث تم توظيفهم بصفة مؤقتة من أجل إلصاق صور وقوائم المترشحين فيما تم تجنيد عدد آخر من أجل تمزيق ملصقات الأحزاب، كما خلقت الحملة مهنا جديدة يتقدمها البراحون. البراحون في التجمعات الشعبية عرفت مختلف التجمعات الشعبية التي نظمتها بعض الأحزاب السياسية ظهور عدة أشخاص يقومون بمقاطعة رؤساء الأحزاب بهتافات وتصفيقات لصالح متصدري القوائم إلى حد الآن يبدو الخبر عاديا في حين أن غير العادي الذي سجلته «البلاد» قيام نفس الأشخاص بالهتافات لصالح مختلف متصدري القوائم، هذا وقد كشفت بعض مصادر «البلاد» أن بعض متصدري قوائم الزحزاب الجديدة قاموا بدفع مبالغ مالية تصل إلى 3000دج لأصحاب الهتافات حتى يشتغلون كبراحين لهم في التجمعات الشعبية، إذ يتنقل بعض الانتهازيين من مقرات مداومات الأحزاب من أجل الحصول على صفقة مع متصدري القوائم تتمثل الصفقة في التخفي وسط الجمهور لإصدار هتافات تنادي بنظافة وكفاءة متصدري القوائم أثناء التجمعات مقابل حصولهم على المال. هذا وقد ظفر أحد الانتهازيين بأكثر من صفقة، حيث كان حضر أكثر من مرة التجمعات الشعبية التي عقدت بالمركز الثقافي بأولاديعيش، إذ كان يتخفى وسط الجمهور ويزكي بصوت عال متصدري القوائم، حيث يتوهم الحاضرون أنه شخص من العامة على دراية كاملة بهوية متصدر القائمة الذي يبرز خصاله ونزاهته في حين لم يكن هذا الشخص إلا انتهازيا براحا يطلق تلك الهتافات مقابل الأموال، في حين انتهج عدد آخر من الانتهازيين فرصة التشريعيات للإطاحة ببعض المترشحين في المقاهي والأسواق عن طريق الإشاعات بعدما حرموهم أولئك المترشحون في التشريعيات الماضية من الحصول على بعض أموال الدعاية رغم فوزهم، هذا وقد انتهج بعض المترشحين من أصحاب «الشكارة» أسلوب توظيف شباب عاطل عن العمل من المنحرفين لتمزيق بعض صور المترشحين. المال مقابل تمزيق صور المترشحين اغتنم بعض المترشحين من أصحاب «الشكارة» فرصة ضعف الإمكانيات المادية لمنافسيهم الذين لم يتمكنوا من طبع عدد كبير من اللافتات الاشهارية حيث قام أصحاب الشكارة بتجنيد عدد كبير من بعض الشباب وإعطائهم مبالغ مالية وذلك من أجل القيام بتمزيق صور الملصقات الإشهارية للمترشحين ذوي الإمكانيات المادية الضعيفة وهذا من أجل إبعاد صورهم عن أعين البليديين وخاصة منهم الذين يتمتعون بشعبية كبيرة، في حين قام أصحاب «الشكارة» بتجنيد عدد آخر من الشباب الذين يقومون بإلصاق عدد كبير من اللافتات الإشهارية وفي كل الأماكن وحتى الخارجة عن دائرة المواقع المخصصة لذلك، حيث تم إلصاق بعض صور المترشحين على مستوى مدخل ولاية البليدة بجوار حاجز الدرك الوطني ببني مراد على حائط الطريق الاجتنابي المجاور للطريق السسيار. كما تم إلصاق بعض الصور على بعض جدران سكنات الحي الإسلامي بحي 19جوان، الأمر الذي تذمر منه أصحاب هذه السكنات وقاموا بتمزيق كل صور المترشحين، هذا وقد اغتنم بعض الشباب المكلف بإلصاق اللوحات الإشهارية ظلام الليل، حيث تقل الحركة في الشوارع الكبرى وتنعدم في الشوارع الصغرى من أجل إلصاق لافتات المترشحين في كل مكان كما قام بعض المترشحون ضمن بعض الأحزاب السياسية بالاستحواذ على أماكن الإشهار المخصصة لأحزاب أخرى، إذ يقومون بإلصاق صور مترشحيهم في كل لافتات الاشهار دون احترام الإطار المخصص وحتى فوق ملصقات بعض المترشحين الآخرين. من جانب آخر، توجه بعض أصحاب المال من المترشحين نحو الفرق الرياضية، حيث قاموا بشراء لهم بذلات رياضية وتمويل بعض الدورات الرياضية عن طريق شراء كؤوس للفرق الفائزة وهذا كله من أجل لفت انتباه الجمهور الرياضي ودعوته إلى التصويت لصالحهم. صراع الخيارات يتحول إلى حلبة لكل التجاوزات خلف الانقسام في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني بولاية البليدة خلافا كبيرا بين المناضلين، حيث أدى إلى نشوب عدة شجارات بين أنصار القائمة التي يتصدرها النائب السابق جلوط أحمد وكذا الساخطين على تلك القائمة، مما أدى إلى اشتباكات بين الجهتين حيث ظهر الاشتباك الأول بين أنصار القائمة وبعض مناضلي الأفلان بمدينة بوفاريك، حيث حاول بعض المناضلين منع أنصار جلوط من تنظيم تجمع شعبي وصل إلى حدود استعمال القوة، مما دفع برئيس المجلس الشعبي الولائي رابح طيببي إلى إيداع شكوى لدى مصالح الأمن يتهم فيها مير بوفاريك جاري عبد القادر بتحريض مناضلي الأفلان ضده وضد أنصار قائمة الأفلان والوقوف خلف منعهم من عقد تجمع شعبي. في حين أنكر رئيس بلدية بوفاريك تلك التهم. وفي المقابل، نشب شجار بين أنصار جلوط وبعض المناضلين بمدينة موزاية، حيث عبر بعض مناضلي الأفلان رفضهم لتلك القائمة. وفي المقابل فضل بعض مناضلي الافلان الترشح ضمن أحزاب أخرى وفي مقدمتهم رئيس بلدية حمام ملوان سحلي علي، الذي ترأس البلدية لعهدتين متتاليتين ليتصدر قائمة الحزب التقدمي الجمهوري معولا على شعبيته للفوز بمقعد برلماني. من جهة أخرى، رفض عدد كبير من أنصار حركة التغيير بمدينة بوفاريك دعم القائمة التي أعدها عبد المجيد مناصرة بولاية البليدة، تعبيرا منهم عن رفضهم لتلك القائمة وكذا سخطهم على التهميش الذي يعانونه من قبل المكتب الولائي لحركة التغيير والذي -حسبهم- لم يستشرهم في إعداد القائمة والتجمعات الشعبية بالولاية، وقد أكد بعض مناضلي حركة التغيير ل«البلاد» أنهم سيدعمون قوائم أخرى خاصة تلك القوائم التي يتصدرها أصحاب الشهادات والكفاءات، انتقاما منهم لأنفسهم التي تعاني الاقصاء والتهميش. هذا ولم تعرف ولاية البليدة أي مشادات بين مختلف التشكيلات السياسية بحيث لم تسجل أية خسائر مادية سوى تمزيق الملصقات الإشهارية.. كما لم تسجل أية خسائر بشرية أثناء التجمعات الشعبية. للإشارة يتوقع الملاحظون أن المشاركة في تشريعيات العاشر ماي ستكون أكبر من التشريعيات الماضية بسبب ارتفاع عدد التشكيلات السياسية المشاركة وكذا إعطاء المرأة كوطة إلى جانب تحسن الأوضاع الأمنية بالولاية. كما يتوقع الملاحظون أن عدد الأحزاب السياسية التي ستلقى هزيمة ولن تكسب أي مقعد برلماني ستكون في حدود الثلاثين قائمة من مجموع أربعين قائمة، وأن الأصوات ستتشتت وأكبر قائمة ستحصل على مقعدين فقط. ولن تحصل أي قائمة على 3 مقاعد.