أكد كمال رزاق بارة المستشار برئاسة الجمهورية المكلف بالشؤون الدبلوماسية على أن جميع المؤشرات توحي بأن مجلس الأمن سيوصي بإيفاد مجموعة عسكرية إفريقية، غدا، بخصوص هذه المسألة لمساعدة الحكومة المالية على مكافحة الإرهاب، مع أن الكل يعرف أن عملية مكافحة الإرهاب لها وسائل معروفة ولا تستدعي التدخل العسكري كما يتم الترويج له. وأوضح مستشار رئيس الجمهورية في كلمته خلال الندوة العلمية لجامعة العلوم السياسية ببن عكنون بالعاصمة، أمس، حول الإشكالية الأمنية في منطقة الساحل، أنه لا يتوقع إمكانية ترخيص مجلس الأمن للتدخل العسكري في مالي في شكل توصية أممية، بل سيكون في شكل تصريح رئاسي للأمين العام للأمم المتحدة لهذا التدخل الذي سيفتح بشأنه غدا نقاش من قبل وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وأعاب المكلف بالشؤون الدبلوماسية برئاسة الجمهورية على مسؤولي هيئة الأممالمتحدة ابتعادهم عن مبادئ الهيئة الأممية المعروفة، وهي احترامها ودفاعها عن مبدأ سيادة الدولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل أصبحت تدّعي بأن المجموعة الدولية يقع على عاتقها مسؤولية التدخل العسكري في شؤون البلدان بحجة فرض السلم وحماية السكان، وتبنت مبدأ إجبارية وإلزامية التدخل لحماية الأهالي مع تأكيدها على أن الأزمة في الساحل ومالي أزمة إنسانية، وهي من الأزمات التي تدخل ضمن التزاماتها. وطرح مسؤول إشكالية إستخدام الأممالمتحدة لمفاهيم قانونية غير صحيحة، متسائلا هل التدخل العسكري بمفهومه المطروح من قبل هذه الهيئة الأممية وفي حال ما رخص له مجلس الأمن الأممي، يمكنه أن يكون تحت توصية. وبالنسبة للجزائر، يضيف بارة، حتى وإن كان الأمريكيون الذين توافدوا على بلادنا يعيبون على الجزائر تضخيمها للأمور، من خلال رفضها الحل العسكري، وفي شرحها لموقفها لهم، إلا أنها ملزمة بعدم العمل على تعقيد الأزمة في الساحل، ويجب أن تقدم القضية على أنها قضية بين إرهابيين إسلاميين ضد إرهابيين مسيحيين، ولا يمكنها أن تقدم القضية على أنها قضية توارق، لأن هذه الفئة موجودة في كل دول منطقة الساحل وإفريقيا بما فيها الجنوب الجزائري. وفي تحليله لتطورات الوضع في حال قبول التدخل العسكري الإفريقي في مالي من قبل الأممالمتحدة، فإن قوات هذه العملية العسكرية ستُجلب من دول إفريقية أغلبها من خارج دول الميدان لقمع ومجابهة أهالي “محڤورين" وأصحاب مطالب شرعية منذ سنوات باعتبارها من المخلفات الإستعمارية لفرنسا التي ترعى اليوم هذا التدخل العسكري حفاظا على مصالحها. ودعا المتحدث الدولة المالية إلى احترام حقوق مواطنيها باعتبارها خطوطا حمراء، وضرورة أن تفرق بين الجماعات الإرهابية والسكان المتمردين، علما أن سلطات باماكو كانت تدعم هذه الجماعات الإرهابية لحصولها على جزء من الفديات التي تقدمها الدول الأجنبية لهذه الجماعات مقابل الإفراج عن رهائنها المختطفين، وهو ما حذرتها منه الجزائر وقتها، إلى درجة كادت أن تؤدي إلى نشوب أزمة دبلوماسية بينهما، انتهت بالطلب من سفيرها في مالي مغادرة البلاد. وعاد ذات المتحدث إلى التأكيد على ضرورة عدم العمل على “عنصرة" الوضع في مالي وتشجيع العسكرة الدولية لمكافحة الإرهاب فقط لأن وسائل محاربة الإرهاب معروفة ولا تستدعي تدخلا عسكريا دوليا، بل يجب يقول بارة استعمال وسائل مكافحة الإرهاب المعروفة من قبل مجموعة دول الميدان مع وضع شراكة لتبادل المعلومات قد تصل إلى دول خارج إفريقيا، وذلك تزامنا مع تطوير الحوار بين الأطراف في مالي مع الأخذ بالحسبان أننا لا نؤمن لا بالدولة الإثنية ولا بالدولة الدينية، بل بالدولة الجمهورية القائمة على احترام القانون، وهو الأمر حسب المتحدث الذي نريد أن نُفهمه لحركة أنصار الدين وحركة تحرير الأزواد، مشددا على ضرورة عدم التعدي على وحدة مالي، وبعد كل هذه الإجراءات يمكن قطع الروابط بين الجماعات الإرهابية والحركات المطلبية الشرعية. وجدد مستشار رئيس الجمهورية دعوة الجزائر إلى ضرورة مكافحة التطرف العنيف الذي يعمل على حشد الأفكار المدمرة في أذهان الأجيال والشباب، والتي تحولهم إلى إرهابيين، والمهمة في هذا المجال تقع على رجال الدين الذين ندعوهم إلى تطوير خطابات تحذر من هذا التطرف القاتل للشعوب والمدمر للدول.