أفضت المفاوضات المعمقة التي أجراها في جنيف نائبي وزيري الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والأمريكي وليام بيرنز، إلى قرار عودة المبعوث العربي الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، قريبا إلى دمشق. وتقاطعت مصادر ديبلوماسية أوروبية وأمريكية في القول إن اجتماع جنيف الأخير انعقد كتتمة للقاء دبلن بين الوزيرين سيرغي لافروف وهيلاري كلينتون والإبراهيمي نفسه. ويذهب الإبراهيمي إلى دمشق لطرح مجموعة من الأسئلة، جرى التوافق عليها أمريكيا وروسيا في جنيف، لمعرفة ما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد مستعدا لقبول “خطة جنيف" معدلة، تمهد لوضعه خارج المعادلة بإيلاء صلاحياته كلها إلى حكومة انتقالية تشرف عليها شخصيات من المعارضة وبعض شخصيات النظام ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولكنها تضع حدا للقتال، وذلك سواء عبر إيجاد خروج آمن ل “آل الأسد" أو طرق أخرى تم تداولها. وحسب مصادر ديبلوماسية، فإن الروس أصبحوا يأخذون بعين الاعتبار المتغيرات السياسية والعسكرية على الأرض واستمرار خسارة الجيش السوري مواقع استراتيجية في الشمال، وعملية الاستنزاف المنهجية التي يتعرض لها الجيش السوري، وبالتالي أضحوا أقل استعدادا للدفاع عن الأسد. أكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن الشعب السوري لم يعد بحاجة إلى تدخل قوات دولية للإطاحة بنظام بشار الأسد خاصة مع تقدم مقاتلي المعارضة نحو وسط العاصمة دمشق، يتزامن ذلك مع تصريحات روسية ومن قبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) أجمعت على قرب انهيار النظام السوري وأنه يفقد السيطرة على البلاد تدريجيا. فقد أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب، أن الشعب السوري لم يعد بحاجة إلى تدخل قوات دولية بسوريا، خاصة مع تقدم مقاتلي المعارضة نحو وسط دمشق، مشيرا إلى أن المعارضة لن تعطي أي ضمانات للأسد إلى أن ترى عرضا جادا لحل الأزمة. وقال الخطيب إنه يأمل أن يدرك الأسد أنه ليس له دور في سوريا أو في حياة الشعب السوري، وأن الأفضل له أن يتنحى. وحمل قوى عالمية وإقليمية المسؤولية عن صعود من سمّاهم المتشددين الإسلاميين في سوريا، وقال إن تقاعس العالم عن منع قوات الأسد من قتل محتجين مسالمين منذ مارس 2011 هو السبب الأساسي. ومع احتدام القتال في العاصمة قرب قصر الأسد وتحقيق المعارضة مكاسب سريعة في أنحاء البلاد، قال الخطيب إنه ربما لا يزال من الممكن التفاوض بشأن خروج الأسد. وقال إن هناك وعودا بتقديم مساعدة عسكرية للمعارضة، “لكن الشعب السوري سيقتلع النظام حتى بيديه العاريتين". وخص الخطيب روسيا بالذكر قائلا إنه يعتقد أن الروس أفاقوا ويشعرون بأنهم ورطوا أنفسهم مع النظام السوري “لكنهم لا يعلمون كيف يخرجون". ورسم الخطيب سيناريوهات لسقوط الأسد، أولها أن يختار القتال حتى النهاية، والثاني هو أن يحدث شيء داخل النظام نفسه، إما انقسام أو تغيير من الداخل. وقال إن هذا يمكن أن يمنع إراقة المزيد من الدماء. والخيار الثالث أن يخرج الأسد من خلال مفاوضات. روسيا استفاقت متأخرة.. أم زلة لسان؟ في ذات الصعيد المتفاعل مع ما يحدث في سوريا، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل باغدانوف إن النظام السوري يفقد السيطرة على البلاد أكثر فأكثر، ولم يستبعد احتمال انتصار المعارضة. ونقلت قناة روسيا، أمس، عن باغدانوف قوله أول أمس الخميس - في كلمة ألقاها أمام الغرفة الاجتماعية الروسية - “يجب النظر إلى الوقائع، النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر"، وهو ما اعتبر أنه بمثابة “استفاقة متأخرة" من قبل المتابعين للشأنين السوري والروسي، وقد رحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتصريحات نائب وزير الخارجية الروسي، ودعت موسكو إلى العمل سويا لتحقيق انتقال سياسي سلس في البلاد. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند - في لقاء صحفي - “نريد من روسيا أن تقر أخيرا بأن أيام النظام السوري باتت معدودة". وأضافت “بإمكان روسيا أن تسحب دعمها للنظام السوري.. كما أنها تستطيع مساعدتنا للتعرف على مسؤولين داخل سوريا لديهم الرغبة في العمل في إطار مرحلة انتقالية". وأكدت المسؤولة الأمريكية أن العمل مع موسكو سيكون من خلال قناة الإبراهيمي -بيرنز- بوغدانوف لاستكمال ما وضع في إعلان جنيف. كما رحبت قوى المعارضة السورية بهذه التصريحات التي تعبّر عن تطور نوعي، في رؤية “روسيا" للحقائق على الأرض السورية - حسب قولها - سيما وأنها أتت بعد انتصارات ديبلوماسية كبرى حققها الائتلاف السوري المعارض، وذلك إثر تمكنه من انتزاع اعتراف أكثر من 120 دولة حول العالم، ك “ممثلا وحيدا للشعب السوري"، وذلك عقب مشاركة تلك الدول في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي انعقد الأربعاء في مدينة مراكش المغربية. إلا أن وزارة الخارجية الروسية عقبت على تصريحات مسؤولها، من خلال بيان صحفي أصدره المتحدث باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفتش قائلا، “نريد أن نعلق بأنه (بوغدانوف) لم يدل بأي بيانات أو مقابلات خاصة مع صحافيين في الأيام الأخيرة". وأكد لوكاشيفتش حصول الاجتماع مع اللجنة البرلمانية، إلا أنه قال إن بوغدانوف “أكد مجددا على الموقف المبدئي لروسيا حول عدم وجود بديل لحل سياسي في سوريا". ولم يتضح ما إذا كان بوغدانوف على علم بأن تصريحاته التي أدلى بها الخميس ستسجل وستنقلها وكالات الأنباء الروسية. الناتو: رحيل الأسد مسألة وقت لا أكثر من جهته، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن، أول أمس الخميس، عن اعتقاده بأن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد توشك على الانهيار، وأدان استخدام القوات السورية لصواريخ سكود في مهاجمة المعارضة المسلحة. وقال راسموسن للصحفيين - بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في مقر الحلف ببروكسل - “أعتقد أن النظام في دمشق يوشك على الانهيار.. أعتقد أنها أصبحت الآن مسألة وقت فحسب"، وأضاف راسموسن أن استخدام الحكومة السورية لصواريخ سكود ينمّ عن “عدم اكتراث مطلق" بأرواح السوريين. وفي حديثه عن إمكانية تضرر تركيا من الصراع السوري، حث راسموسن دمشقوأنقرة على توخي ضبط النفس، معربا عن أمل الحلف ألا يضطر للتدخل في الصراع السوري بناء على طلب من تركيا العضو فيه. وأضاف إن الطريق الصحيح للمضي قدما في سوريا هو الحل السياسي. كما أثنى راسموسن على أنقرة لإبدائها ضبط النفس حتى الآن في أعقاب “الهجمات السورية غير المقبولة تماما عليها". لكنه أكد في الوقت نفسه قائلا “بكل وضوح يمكن أن تعتمد تركيا على تضامن الناتو، ولدينا كافة الخطط الضرورية لحماية تركيا والدفاع عنها إذا اقتضى الأمر، ونأمل ألا يكون ذلك ضروريا". الأسعد: أتوقع أن يستخدم الأسد السلاح الكيميائي وعلى مستوى الجيش السوري الحر، توقع قائده العقيد رياض الأسعد، أن يلجأ النظام السوري لاستخدام الأسلحة الكيميائية، بعد أن فقد سيطرته على معظم مناطق البلاد، وتحدث في مقابلة صحفية عن تطورات المشهد السوري منها أن الجيش الحر بات على وشك “السيطرة على العاصمة دمشق ومطارها". وقال الأسعد إن قطع خدمات الإنترنت، مؤخرا، عن أغلب أنحاء سوريا كان هدفه التغطية على نقل كميات من هذه الأسلحة من مواقعها الراهنة لمناطق أخرى وتجميعها تمهيدا لاستخدامها. وسخر من تأكيدات أطلقها النظام السوري، مؤخرا، عن استحالة إقدامه علي استخدام هذه الأسلحة ضد شعبه، بقوله “هذا النظام كاذب ونحن تعودنا على كذبه، ونتوقع أن يلجأ لاستخدام كل ما في جعبته ومنها السلاح الكيماوي". ويرى رياض الأسعد أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) قام بنشر صواريخ باتريوت على الحدود بين تركيا وسوريا لتخوفه من لجوء النظام السوري للسلاح الكيميائي، ونفي أن يكون ذلك بمثابة احتمال لتدخل عسكري في سوريا. ويرى الأسعد أن “النظام أصبح بالموقف الضعيف ونحن بالموقف الأقوى"، وقال إن “معركة دمشق هي لصالح الجيش الحر في كل مراحلها إلى الآن" وهي تعني سقوط النظام ونهايته، ويشير إلى أن النظام لا يسيطر إلا على منطقة القلمون بالشمال الغربي من دمشق، حيث تتمركز قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة المكلفة بحماية العاصمة بقيادة ماهر الأسد. مصادر : مفاوضات بوساطة روسية لإخراج الأسد وعائلته الى ايران من جهته، نقل المركز السوري للإعلام والاتصال الكائن بأمارة دبي، عن مصادر خليجية رفيعة المستوى، أن مصير بشار الأسد سوف يتحدد خلال 72 ساعة القادمة، حيث بدأ بالتفاوض للخروج مع عائلته إلى دولة أخرى، بمشاركة روسية. ورجحت المصادر أن يتجه بشار إلى إيران في المرحلة الأولى على أن ينتقل لاحقا إلى دولة أخرى في أمريكا اللاتينية في حال حصوله على موافقة إحداها. وكشفت المصادر أن بشار لم يضع أي شروط سوى الخروج مع عائلته، مستثنياً كبار مسؤوليه وضباطه الذين سيتركون لمواجهة مصيرهم. ورجحت أن يتولى الرئاسة بصفة مؤقتة في حال رحيل بشار المفاجئ نائبه فاروق الشرع على أن تبدأ على الفور مرحلة انتقالية تنتقل فيها مقاليد الحكم إلى المعارضة التي حظيت باعتراف دولي كممثل شرعي للشعب السوري.