نفت روسيا بصفة قطعية، أمس، أن تكون قد غيرت موقفها قيد أنملة من النظام السوري بدعوى أنه بدأ يفقد السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد. ودحضت الخارجية الروسية مضمون تصريحات ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير خارجيتها، قبل يومين والذي لم يستبعد من خلالها إمكانية انتصار المعارضة السورية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي قال إنه لم يعد يتحكم في الأوضاع الميدانية في بلاده. وسارع ألكسندر لوكاشيفيتش، المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، إلى التأكيد، أمس، أن موقف بلاده من الأزمة السورية لم ولن يتغير. وجاءت تصريحات المسؤول الروسي ردا على الموقف الذي أبدته الإدارة الأمريكية تعقيبا على تصريحات بوغدانوف الخميس الأخير. وتعد هذه المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول روسي رفيع المستوى بصورة واضحة بإمكانية انتصار المعارضين السوريين على نظام الرئيس الأسد، الذي تعتبر موسكو أحد أهم حلفائه. وتميز رد الولاياتالمتحدةالأمريكية على هذا الاعتراف بنوع من الاستهزاء، حيث قالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم كاتبة الدولة الأمريكية "نريد تهنئة الحكومة الروسية لأنها استفاقت أخيرا وأقرت أن أيام النظام السوري أصبحت معدودة". وردا على هذا التصريح، قال لوكاشيفتيش "إن المتحدثة باسم كتابة الدولة الأمريكية تحدثت بنوع من الحماس الزائد عندما أكدت أن موسكو استفاقت وغيرت من موقفها"، مضيفا "لم ننم أبدا ولم نغير موقفنا". وذهب المتحدث باسم الخارجية الروسية إلى إعطاء قراءة أخرى لتصريحات نائب وزير الخارجية وقال إن "بوغدانوف جدد التأكيد على موقفنا والعمل على الإسراع في تطبيق الاتفاقات المعلن عنها في جنيف نهاية جوان الماضي". ويأتي التضارب في الموقف الروسي في الوقت الذي أعلنت فيه الولاياتالمتحدة نشر بطاريات لصواريخ باتريوت و400 جندي من وحداتها في تركيا في إطار حلف الناتو بهدف تعزيز الأنظمة الدفاعية لتركيا، العضو في المنظمة الأطلسية. ووقع وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، رسميا على قرار نشر هذه القوات في خطوة انتقدتها روسيا وأكدت أنها عامل توتر آخر في العلاقات بين دول الجوار. ومن المقرر أن يتوجه وزير الدفاع الأمريكي إلى تركيا في مهمة لمعاينة قاعدة "أنسرليك" الواقعة جنوب تركيا قرب الحدود مع سوريا. وإلى جانب الولاياتالمتحدة، أعلنت كل من ألمانيا وهولندا استعدادهما للمشاركة في هذه القوة. ويأتي نشر هذه الصواريخ وهذه القوات بطلب من تركيا العضو في المنظمة الأطلسية والتي سبق وأن طالبت قيادة حلف الناتو بالتدخل لحمايتها من تهديدات سورية محتملة، خاصة في ظل التوتر الذي شهدته المنطقة الحدودية بين البلدين إثر إسقاط الجيش السوري لطائرة تركية قال إنها اخترقت المجال الجوي السوري. يذكر أن المجموعة الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت قد صعدت من تحذيراتها في الفترة الأخيرة من مغبة لجوء نظام الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن "اللجوء إلى السلاح الكيماوي أمر غير مقبول تماما". وفي ظل استمرار التطاحن السياسي بين القوى الكبرى حول آليات إنهاء الأزمة السورية، يتواصل الصراع الدامي في هذا البلد بحصد مزيد من الأرواح، حيث أكدت آخر الإحصائيات مقتل ما لا يقل عن 43 ألف شخص، من بينهم 30 ألف مدني منذ اندلاع الأزمة في مارس 2011.