سجل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بالجزائر، تراجعا كبيرا في نشاطه لسنة 2012، وتلقى ضربات متتالية قوية وموجعة تسببت في فقدانه للعديد من العناصر من بينهم أمراء وقياديون بارزون لهم وزن ثقيل في التنظيم الإرهابي، وهذا بفضل نجاح اللستراتيجية الأمنية التي انتهجتها الأجهزة الأمنية في إطار مكافحة ا لإرهاب، فضلا عن ظهور المشاكل والخلافات الداخلية بسبب الصراعات القائمة حول «الزعامة». يشير تقرير أمني نشر مطلع شهر ديسمبر، إلى أن القائد العام للدرك الوطني الجنرال أحمد بوسطيلة، أعلن أن الجزائر سجلت 175 عملية إرهابية سنة 2012، مقابل 201 عملية إرهابية في سنة 2011. وحسب ما أكده مصدر على صلة بمكلف مكافحة الإرهاب، فإن أغلب العمليات الإرهابية المسجلة سنة 2012 هي عمليات خفيفة تعتمد أساسا على زرع القنابل التقليدية وتفجيرها عن بعد وتنفيذ بعض الكمائن التي استهدفت مواكب مصالح الأمن وعناصر الجيش تطبيقا لما يعرف «حرب العصابات» أو «أضرب واهرب». واختفت خلال هذه السنة العمليات الإرهابية الكبيرة والدموية التي تم تسجيلها سنوات 2009، 2010 و2011 وخصوصا اختفاء كلي للمواجهات المباشرة مع قوات الأمن، ما يؤكد تراجع قوة التنظيم الإرهابي ميدانيا وعسكريا وكذا من حيث التعداد البشري وتراجع العمل اللوجيستيكي. القضاء على أكثر من 200 إرهابي خلال سنة 2012 تلقى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي سنة 2012، ضربة مؤلمة سببت له نزيفا حادا في التعداد البشري، حيث تشير الأرقام التي قدمها مصدر على صلة بملف مكافحة الإرهاب إلى أن الأجهزة الأمنية بالجزائر تمكنت من وضع لأكثر من 200 إرهابي خلال هذه السنة على المستوى الوطني من بينهم أمراء وقياديون بارزون فضلا عن وضع حد لأكثر من 120 عنصر ينشطون في شبكات الدعم والإسناد. وكشف مصدرنا، حصيلة الأجهزة الأمنية المسجلة بين الفترة الممتدة بين شهر جانفي إلى غاية شهر أكتوبر، تم تسجيل وضع حد ل 158 إرهابي، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية بمختلف التشكيلات من قوات الجيش، الدرك الوطني ومصالح الأمن نجحت خلال شهري نوفمبر وديسمبر، إلى رفع الحصيلة إلى أكثر من 200 إرهابي. وأكد مصدرنا أن منطقة القبائل بكل من تيزي وزو، بجاية، البويرة وبومرداس تعتبر من أكبر المناطق التي سجلت عملية أمنية أسفرت عن أكبر عدد من الإرهابيين المقضى عليهم، مشيرا إلى أن أكثر من 100 إرهابي تم القضاء عليهم بهذه المنطقة. وتشير حصيلة الأجهزة الأمنية بتيزي وزو إلى القضاء على أكثر من 70 إرهابيا بهذه الولاية لوحدها، 30 منهم تم القضاء عليهم بين الفترة الممتدة من ال 19 ماي إلى غاية 20 جوان. وصرح مصدرنا، أن منطقة الجنوب الجزائري وخصوصا على الحدود المالية والليبية تأتي في المرتبة الثانية من حيث أكبر عدد من الإرهابيين المقضى عليهم لما تعرفه هذه المنطقة بسبب الأزمة الأمنية التي تعرفها منطقة شمال مالي. درودكال يفقد أمراء وقياديين بارزين بمنطقة القبائل تعتبر سنة 2012، كابوسا حقيقيا للتنظيم الإرهابي بمنطقة القبائل وسنة «النحس» والفشل، حيث تكللت الاستراتيجية الأمنية المنتهجة بالمنطقة بنتائج جد إيجابية ألحقت التنظيم الإرهابي بضربة قوية وموجعة مسته في الصميم. ففي الفاتح من جانفي 2012، نجحت الأجهزة الأمنية بتيزي وزو، من وضع حد لأكبر وأخطر عنصر إرهابي بالمنطقة وهذا على مستوى قرية لعزيب أحمد على بعد 2 كلم من عاصمة جرجرة، ويتعلق الأمر بأمير سرية ثاخوخث المدعو (محند أورمضان) والمكنى (الخشخاش)، الذي يعتبر من العناصر الدموية القريبة من درودكال ويعرف أنه مختص في التخطيط للعمليات الانتحارية والهجمات الإرهابية والاختطافات. وفي ال 21 جوان، نجحت قوات الجيش من القضاء على أميرين آخرين خطيرين في كمين عسكري سري بمنطقة ثاخوخث، ويتعلق الأمر بأمير سرية عين الزاوية المدعو (محمودي أحسن) والمكنى (الحارث)، وكذا أمير سرية سيدي نعمان المدعو (خطاب محمد الشريف) والمكنى (موح البوكسور)، هذا رفقة 12 عنصرا إرهابيا آخر. وفي الفاتح من شهر أكتوبر، قرر أمير الفروق المدعو (حداد فوضيل) والمكنى (أبو دجانة) إطلاق العمل المسلح وتسليم نفسه لمصالح أمن واضية، كما ساهم في توقيف 6 إرهابيين وتفكيك 3 شبكات وإسناد الجماعات الإرهابية بكل من واضية، ثيزي نسلاثة، آث عبد المومن، آث بوادو، بني زمنزر وبني دوالة وتوقيف 17 عنصرا. وفي 12 أكتوبر، تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي على مستوى غابات إيعكوران، من القضاء على الأمير المدعو (بكاي بوعلام) والمكنى (خالد الميغ)، وهو نائب عبد المالك درودكال والمسؤول العسكري في التنظيم الإرهابي، حيث سبق له وأن تولى منصب أمير لكتيبة أكفادو. وفي ال 22 أكتوبر، قرر أمير سرية بوغني المدعو (نجار عبد القادر) والمكنى (أبو أنس) وضع حد للعمل المسلح وتسليم نفسه لمصالح أمن ولاية البويرة، معترفا لمصالح الأمن خلال عملية التحقيق أن العمل الإرهابي بالجزائر مجرد تلاعب بأمن ومستقبل البلاد ولا مخرج له، مصرحا أن الهدف الوحيد للقيادة الإرهابية هو البحث عن المصالح الشخصية وكسب المال بالمتاجرة بالأسلحة والمخدرات وممارسة التهريب وابتزاز المواطنين من أموالهم. وفي ال 16 نوفمبر وبفضل عملية التنسيق بين وحدات الجيش لولايتي بجاية وتيزي وزو، تم القضاء على المسؤول العسكري بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بمنطقة أغولاذ بأدكار، ويدعى (مخفي رابح) ويكنى (الشيخ عبد الناصر). وفي شهر ديسمبر، تواصلت الأجهزة الأمنية بمنطقة القبائل من استهداف الرؤوس الصلبة ونواب القاعدة، حيث تمكنت مصالح أمن ولاية البويرة في ال 16 ديسمبر، من توقيف الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة والمكلف بالاتصال المكنى (محمد أبا صلاح) وهذا ببلدية شرفة شرق البويرة. وقد أثمرت الاستراتيجية الأمنية بمنطقة القبائل بثمارها بعد نجاح الأجهزة الأمنية في استغلال الميدان وخلق خناق وطوق حقيقي للتحركات الإرهابية على مستوى المناطق الحضرية والمناطق الريفية، فضلا عن خنق عمليات تموين الجماعات الإرهابية بالمعلومات اللوجيستيكية والمواد الغذائية، مما أدى إلى عزل الإرهابيين في الجبال، وهو الأمر الذي دفع بالعديد من العناصر إلى تسليم أنفسها وإطلاق العمل المسلح. وضع حد لقياديين بارزين بالجنوب ومنطقة الساحل لم تمر سنة 2012، على تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بمنطقة الجنوب والساحل بخير، فرغم تحول النشاط الإرهابي إلى هذه المنطقة التي توصف ب «الحساسة» ورغم سهولة التحرك للعناصر الإرهابية لما تمليه الطبيعة الجغرافية، إلا أن تنظيم درودكال تلقى ضربات موجعة، حيث فقد العديد من العناصر الإرهابية بهذه المنطقة وخصوصا على الحدود مع ليبيا، مالي والنيجر. وتعتبر عملية توقيف الأمير الإرهابي المدعو (نسيب الطيب) والمكنى (عبد الرحمان أبو إسحاق السوفي» من أكبر الخسائر التي سجلها درودكال هذه السنة، نظرا لوزنه الثقيل في القاعدة، كونه يشغل عدة مناصب حساسة ومسؤولية في التنظيم وأنه الضابط الشرعي ورئيس اللجنة القضائية وعضو مجلس الأعيان في تنظيم القاعدة، حيث تم توقيفه بمنطقة بريان بغرداية، يوم ال 20 أوت. وفي شهر سبتمبر، خسر درودكال عنصرا ثانيا بارزا يدعى (نبيل صحراوي) واسمه الحقيقي (نبيل مخلوفي) ويكنى (أبو علقمة)، وهو نائب أمير القاعدة بالصحراء المدعو عبد الحميد أبو زايد، والملقب ب«أمير الجنوب» واسمه الحقيقي «عبيد حميدو»، حيث أصدر تنظيم القاعدة بيانا يؤكد فيه وفاة «أبو علقمة» في حادث مرور بينما نقلت تقارير أمنية معلومات بأنه تعرض إلى تصفية من طرف بعض مرافقيه بسبب خلافات حول الزعامة. وقد أخلطت وفاة هذا القيادي أوراق درودكال في الساحل وتسبب في خلق صراع داخلي حاد بعزل مختار بلمختار. بلعور ينشق عن القاعدة ويؤسس كتيبة «الموقعون بالدماء» ويحدث نزيفا في صفوف القاعدة طفت في سنة 2012، إلى السطح الصراعات والخلافات الداخلية التي عصفت بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وظهر للعيان أن «الزعامة» أصبحت الهدف الرئيسي لأغلب العناصر الإرهابية. ويعتبر قرار عبد المالك درودكال، المتمثل في عزل الأمير «مختار بلمختار» المعروف باسم بلعور والملقب ب«خالد أبو العباس» وإسقاطه من كتيبة الملثمين القطرة التي أفاضت الكأس، وهي التغييرات التي جاءت بعد قرار إعادة الهيكلة لتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل بعد التغيرات الأمنية التي شهدتها المنطقة، إلا أن بلمختار، رفض كعادته الانصياع لأوامر القيادة، وأكد في تسجيل فيديو أنه لا يزال أميرا عن كتيبة الملثمين، لكن قرر الانسحاب والانشقاق عن تنظيم القاعدة وأعلن عن تأسيس كتيبة تدعى «الموقعون بالدماء»، حيث سارع إلى تأسيس مجلس الشورى بمنطقة غاو بالتنسيق مع حركة الجهاد والتوحيد ونجح في إقناع العديد من العناصر الإرهابية التي كانت تنشط معه في كتيبة الملثمين للانخراط معه في التنظيم الجديد، محدثا من خلال ذلك نزيفا حادا في تنظيم درودكال. وجاء مخطط عزل بلعور وقرار هذا الأخير الانشقاق عن القاعدة بعد الصراعات الداخلية الحادة التي نشبت منذ أكثر من ثلاث سنوات بين بلمختار وأمير كتيبة «طارق بن زياد» والمعروفة ب«كتيبة الصحراء» المدعو عبد الحميد أبو زايد، حول مناصب الزعامة وأخذ القرارات واتهام بلمختار بالتعامل مع مخابرات غربية، حيث أعلن أبو زايد، عن رفض تعامله عسكريا مع بلمختار بسبب خلافات نشبت حول التهريب واختطاف الأجانب بمنطقة الصحراء واختفاء أموال الفدية. ويرى متتبعون للشأن الأمني بمنطقة الساحل، أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ستتلقى ضربة قوية لم تتلقاها من قبل، وهذا في حالة تجسيد تهديدات وقرارات التدخل العسكري الأجنبي بشمال مالي. وفسروا الوضع بأن كل بلدان الجوار استنفرت قواها الأمنية لحماية حدودها لاسيما الجزائر التي وضعت ألف حساب للوضعية.