عندما شرعنا معا بالتفكير بتعضيد الجهد الثقافي العربي في التعريف بنشاطات أبدية القدس كعاصمة للثقافة العربية في الجزائر كنا نعرف - مثل بقية أعضاء اللجنة الإعلامية وكتّابها - أن الأمر ليس نزهة ظرفية أملاها علينا واجب الاستجابة لحدث ثقافي عربي يُراد له أن يكون ظرفياً أو موسميا على نمط أسواقنا العرب في عكاظ والمربد أو مهرجانات الجنادرية وأصيلة وقرطاج وبعلبك وإربد المعاصرة وغيرها من الفعاليات والمهرجانات الفنية والأدبية، كان ومازال يقيننا أن الوليد الإعلامي الذي تبنته اللجنة الإعلامية لاحتفالية القدسبالجزائر وأعضاؤها لن يقنع بالتعريف الإعلامي بأنشطة الثقافة العربية وما تتناوله المؤسسات العربية حول القدس، بل سيأخذ منحى وطموحا أبعد من النشر والتعريف الإعلامي القطري أو حتى القومي· وقد أتاحت اللجنة الإعلامية فرصة الالتحاق بها لكل من يرغب، دون اشتراط لجنسية أو بطاقة تعريف إلا الانتماء لوطن عربي واحد مزقته الجغرافية السياسية الاحتلالية فضيعت قدس عواصمه وشتّتت عناصر ثقافته العربية الإسلامية وحضارته، دون أن تتمكن من النيل من إيماننا بأن القدس هي عاصمة عواصمنا، وأنها قدسية روحنا، وتوازن فكرنا، وأن مأساتها، مأساتنا ستبقى ما بقي قصورنا وكسلنا عن التصدّي للمخطط الصهيوني الذي يهدّد كلَّ وجودنا القومي، إذ لن تكون عاصمة عربية بمنأى عن هذا الخطر، هذا إن لم يكن قد نالها فعلاً شيء من هذا الخطر، فاحتلالُ بيروت وقصف سوريا والوصول إلى تونس لاغتيال أبو جهاد كان مقدمةً لسقوط بغداد وشرطاً للإيغال في تهويد القدس مقدّمةً لتهويد كلّ العواصم، من هنا تكرست رؤية اللجنة الإعلامية ونشاطها، لا كحاملة أفكار وناقلة لها، بل كآليّةٍ فاعلة، ومنتجة للإبداع الثقافي، ودافعة للحراك الفكري، ومن الجزائر كانت الانطلاقة التي أضحت لنا واحة للفكر وعنواناً للجهد الإعلامي الثقافي الداعم للحق في القدس وفلسطين، فتحركت ظلالها لتمسح ملامح التصحر، لقد انطلقت اللجنة رغم تواضع عدد إفرادها وشح إمكانياتها، متسلحة بإرادة مناضليها المنتسبين إليها طوعاً بلا أطر بيروقراطية أو تكليفات وظيفية ودون التورط بتوظيف العمل لأيّ هدف إلّا الطريق إلى القدس، دافعها الإيمان بقدرتها على الفعل والإبداع والنصر، وأنّ القدسَ هي هدفٌ ومنهجٌ وطريق نهوض، وكان يكفينا رضا أن نسمع صدى حجرنا الصغير وجهدنا المتواضع النامي يوما على صدر يوم، يتجاوز القطرية ويصل إلى مواقع وصحف على امتداد الوطن العربي، أو عندما تتشكل لجان إعلامية وثقافية أخرى مثيلة تتقدم بنفس روح المبادرة والإيمان، مثبتةً جدوى الفعل وصدق التوجه، كاشفةً صواب البوصلة، بوصلة القدس رافعةً لتحرر الإنسان والأرض، وكاشفة أيضاً عطشَ الإنسان العربي لحجرٍ مهما كان صغيراً، لبصيص نورٍ يضيءُ ما في أعماقه من طاقاتِ فعلٍ وإبداع·