منذ أن درجت مجموعة من البلدان العربية إلى تقليد ثقافي أخذ يعم كل العالم العربي، بتحديد مدينة من المدن العربية كعاصمة للثقافة العربية في سنة معينة،أعطى كل بلد أهمية فائقة في حياة المدينة المذكورة والبلد العربي المعني لعدد من الانشطة والتبادلات الثقافية بينه وبين البلدان العربية الاخرى وهذا الحدث الثقافي ربما يتفرد في خصوصيته عندما يدرك العرب ان عاصمة العواصمالقدس تحتفي بهذا العام وهي محتلة. وتبني الفلسطينيون لهذا المشروع الثقافي الهام في ظل ظروف معقدة يمر بها الكفاح الفلسطيني إنما يترجم الارادة الوطنية الفلسطينية والعربية معها على اعتبار الاحتفالية المتواصلة في عدد من العواصم العربية الى انها شكل من أشكال المقاومة ضد تهويد القدس وتجزئتها بالجدران العازلة ومحاولة استلابها؛ بل الى محاولة العدو الصهيوني إنكار تاريخها العربي وثقافتها وحتى الادعاء بصهينة وتهويد الكثير من تراثها الشعبي ومعالمها التاريخية. كما ان التعريف بهذه المعالم وتقريب أوجه الحياة الثقافية والتراث الغني لشعب فلسطين إنما هي عملية تفاعلية وتواصلية بين الاجيال العربية في البلدان العربية التي تقطعت بها السبل وحاد بها الاعلام السياسي اليومي الى التشويش وعدم الوضوح حول الدور المركزي للقدس في حياة العرب والمسلمين وباتت اخبار المجازر والحروب العدوانية هي الشغل الشاغل للاعلام على حساب تغييب الحدث الثقافي وتناسي الجبهة الثقافية للنضال الفلسطيني ورمزية حضور القدس في كل هذه الجوانب. ان التواجد للحدث الثقافي الفلسطيني في عواصم العرب، ومنها الجزائر خاصة، ضروري ويجب تواصله واستعادة الكثير من الصفحات المنسية منه في مجال التاريخ والتراث والمستقبل والمعاصرة والحداثة واستشراف الرؤى المستقبلية الهامة منه. ان تبني المشروع ودعمه من وزارة الثقافة الجزائرية يعبر عن الموقف الثابت لهذا البلد من قضية فلسطين، والجزائر البلد العربي الأكثر تحسسا من غيره فهو قد كابد من ويلات الاحتلال الفرنسي واستهدفت ثقافته ولغته وحضوره القومي وهو البلد الذي اعتمد شعبه المقاومة الثقافية لدحر الاحتلال واستعادة الاستقلال. ونجاح عام القدس الثقافي في الجزائر لا يعتمد على الدور الرسمي للدولة ووزارة الثقافة الجزائرية فقط إن لم يتحول الى فعالية وطنية وشعبية تفاعلية واسعة مع منظمات المجتمع المدني والجامعات ومراكز البحوث وهيئات وأقلام المثقفين الجزائريين أنفسهم، وخاصة من خلال ما يسهمون به من جهد فكري وثقافي خلاق لإثراء هذه الفعالية وطوال العام 2009 وما بعده. واذا كانت احتفالات العواصم العربية بسنوات ثقافتها إتخذت جانبا قطريا رغم الرابط الثقافي القومي العربي للشعار فإن القدس لها من الخصوصية انها بحق ستكون الرابط الاشمل لجميع مرتكزات الثقافة العربية وسيحتفى بها في جميع العواصم العربية. نعم ان القدس تستحق منا رفع شعار القدس عاصمة العواصم وزهرة المدائن العربية