بعد سنوات من الغربة والموت بعيدا عن الأهل والأحباب، تواجه جثامين المغتربين الجزائريين في مختلف الدول عبر العالم صعوبة كبيرة في العودة إلى أحضان أهلها لإلقاء النظرة الأخيرة عليها ودفنها في مسقط رأسها، بسبب عوائق عديدة، تأتي مستحقات الترحيل التي يتحملها أهل الميت على رأسها، ناهيك عن إجراءات إدارية معقدة زادت البيروقراطية وتخلي الجهات المختصة عن تأدية مهامها من حدّتها... عبد الغاني عياض، غاسول عبد القادر، دنداني رشيد، مجاهد عبد الكريم، بوخالفة ياسين وغيرهم أسماء لمغتربين جزائريين وافتهم المنية خلال السنة الماضية خارج حدود وطنهم الأم، وأسالت قصصهم الكثير من الحبر وانتشرت عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية، وهذا ليس لأنهم شخصيات معروفة أو وجوه لها وزن بل لأن وصول جثامينهم إلى أهلهم قطع أشواطا طويلة وعريضة وشكّلت حدث كان من الواجب تسليط الضوء عليه إعلاميا على غرار قصة المرحوم دنداني رشيد وأصدقائه الثلاثة الذين توفوا شهر أوت من السنة الماضية بسويسرا التي دخلوها بطريقة غير شرعية، حيث ظلت جثامينهم حبيسة ثلاجات أحد مستشفيات جنيف لأيام بسبب غياب جهة تتكفل بنقلها إلى الجزائر إلى غاية تدخل منظمة الهجرة الدولية التي قامت بكل الإجراءات الإدارية قبل أن تصطدم بعائق مستحقات ترحيل الجثامين المقدرة ب 20 ألف أورو، الأمر الذي اضطرها إلى طلب المساعدة من الجمعيات الخيرية وأهالي الضحايا لتوفير ما هو مطلوب لجمع ثمن تذاكر الشحن. فوالد الشاب الذي توفي بليبيا صباح عيد الأضحى الماضي وينحدر من ولاية قسنطينة، وجد نفسه وحيدا بعد أن رفضت سفارة الجزائر بليبيا تقديم المساعدة المادية له لنقل جثمان ولده إلى الجزائر بحجة أنها في أزمة مالية قبل أن يتوجه إلى أصدقائه وأهله ويعرض عليهم مشكلته لمساعدته، وهي المسيرة التي تحدث عنها بالتفصيل والد الضحية ل “الجزائر نيوز"، حيث قال “بعد استفاقتي من فاجعة وفاة ابني صباح عيد الأضحى المبارك، وجدت نفسي أمام مصيبة أخرى وهي كيف أجمع مبلغ 10 ملايين سنتيم من أجل نقل جثمان ابني بعد أن أخبرني أصدقاؤه في ليبيا أن سفارتنا هناك رفضت منحهم تذكرة طائرة لنقله أو المساهمة في تكاليفها بحجة أنها لا تملك المال، الأمر الذي اضطرني إلى الاستنجاد بأهلي وجيراني من أجل جمع المال الكافي، بعدها قمت بإرساله لصديقه الذي تكفل بباقي الإجراءات"، والأدهى من هذا كما أضاف والد الضحية هو الطريقة التي تم بها نقل جثمان ابنه حيث أضاف “ولأن تكاليف الطائرة باهضة، اضطررنا إلى الاستعانة بكلوندستان ليبي من أجل نقل جثمان ابني على متن شاحنة صغيرة، حيث استغرقت رحلته قرابة اليومين وذلك بعد أن دخل إلى تونس قبل أن يصل إلى الجزائر أين تمكنا من استلام جثة ابننا بعد أيام عديدة من وفاته في الوقت الذي لم تقدم فيه السلطات الجزائرية لا الخارجية منها ولا الداخلية أية مساعدة لنا". هذه الوضعية وبعد أن فشلت جميع السبل في معالجتها والحد منها، تعالت، مؤخرا، العديد من الأصوات التي تدعو المغتربين في الدول العربية والإسلامية إلى تقديم طلب دفنهم في البلدان التي تستضيفهم في حال وفاتهم بها، لتجنيب عائلاتهم مشقة وعناء ذلك.