بغض النظر إذا ما كانت الأحداث التي تشهدها منطقة إن أمناس موجهة من طرف القوى الإرهابية (القاعدة) أو بإشراك وإيحاء وتخطيط من قوى خارجية معنية بما يجري في الساحل، يرى “الأستاذ أحمد لشهب" أن قرار السلطات الجزائرية بتحرير الرهائن بهذه السرعة سوف يطرح عدة تساؤلات من طرف المحضرين للعملية. ماهي القراءة التي يمكن تقديمها عن الأحداث المتسارعة التي ميزت الوضع الأمني في أن أمناس؟ أولا، أقول إن الأمور لم تكن في الحسبان، خاصة مع تسارع الأحداث وظهور عناصر خطيرة جدا، وهي المساس بالسيادة الاقتصادية لدولة مستقلة، وهذا الأمر قد لا يكون قد أخذ بعين الاعتبار من قبل صناع القرار السياسي في الجزائر، والذي يتمثل في الفعل الكبير الذي قامت به المنظمات الإرهابية، سواء كانت موجهة من طرف القوى الإرهابية (القاعدة) أو باشراك وإيحاء وتخطيط من قوى خارجية معنية جدا بما يجري في المنطقة (الساحل)، حيث تقوم هذه المنظمة الإرهابية بإرسال بضعة عناصر لا تتجاوز 30 فردا وتستولي وتحتل على أهم مورد اقتصادي وطني وهو قاعدة “تيغتورين" للغاز، وكذا السرعة التي تمت بها العملية وتأديتها لمهمتها كاملة بالرغم من أنه يفترض على السلطات الجزائرية أن تحصن جميع مواردها الاقتصادية المتواجدة بالمنطقة منذ أن ظهرت القاعدة في دول الساحل، وكذا أعمالها وتهديداتها للدولة الجزائرية. على ضوء الانتقادات التي وجهت للطرف الجزائري في كيفية معالجته للأزمة، كيف تقدرون قرار السلطات الجزائرية؟ بالنسبة لي كمحلل ومقيم، أرى أن قرار السلطات الجزائرية بتحرير الرهائن بهذه السرعة وبهذه الدرجة من الاحترافية والنتائج السياسية والعسكرية التي حققتها، وحتى للسياسة الجزائرية الفعالة في محاربة الإرهاب، فإن هذا بالطبع سوف يطرح عدة تساؤلات من طرف - ربما المحضرين للعملية -، ومنها عملية التدخل في دول الساحل، وأظن أن المقرر الجزائري في هذا الشأن يعي جدا ذلك، من خلال إقدامه على أخذ القرار في الأزمة. كما أعتقد أن الرأي العام الجزائري الواعي بالموضوع، سوف يقف مع السلطات ويبارك هذا العمل السياسي الناجح الذي يبين مدى قوة الدولة الجزائرية وقدرتها على السير بعيدا في سياستها الأمنية بدول الساحل وإصرارها وعزمها في الدفاع عن سيادتها مهما كان. لقد أنتجت الأزمة عدة ردود أفعال من طرف بعض الدول المعنية، هل ترون بأنها تزيد تأزيم الوضع؟ أعتقد أن ردود فعل بعض الدول مثل بريطانيا، الولاياتالمتحدة واليابان... ستخدم كلها الحكومة الجزائرية وتدفع الرأي العام الوطني والإفريقي وحتى الأوروبي للتعاطف أكثر مع ما أقدمت عليه الجزائر، لأن النتائج التي تحققت لحد الآن مشجعة وجد إيجابية، سياسيا، عسكريا واقتصاديا، ودبلوماسيا. حيث أننا نلاحظ أن فرنسا نفسها لم تجد لحد الآن ما تقوله، ولو كانت مكانتها في الأزمة مثل مكانة بريطانيا لأقامت الدنيا وأقعدتها وألبت الرأي العام الأوروبي كله ضد الجزائر. بالنظر إلى المجرى الذي أخذته الأمور، كيف تتوقعون التجاذبات القادمة؟ بعد الضربة التي تلقتها القاعدة على يد الجيش الجزائري في قاعدة الحياة بإن أمناس، قد لا يؤدي ذلك إلى اتساع الأزمة وإطالة عمر الحرب في هذه المنطقة، لأن الجزائر سوف تجند نفسها أكثر من أي وقت مضى من خلال انتهاج سياسة احترازية لكي لا يحدث ما حدث، مؤخرا، بإن أمناس مجددا، وهذا السيناريو هو الذي سيتم اختياره وتجسيده من طرف صناع القرار في الجزائر.