لم يهدأ بعد الحراك السياسي في مصر على النحو الذي يمكن هذا البلد، الذي وصل فيه الإخوان إلى الحكم، من تحقيق الإقلاع الاقتصادي والتخفيف من حدة الأزمة المعيشية للمواطنين، وكشف مصدر قريب من مؤسسة الرئاسة المصرية عن بوادر مرونة من جانب هذه الأخيرة في اتجاه تشكيل حكومة جديدة كواحد من المواضيع التي سيتم مناقشتها ضمن حوار وطني ينتظر الدعوة إليه في الأيام القليلة القادمة. فجر قرار النائب العام المصري طلعت عبد الله، مؤخرا، بمنح الضبطية القضائية للمواطنين جدلا واسعا في هذا البلد الذي يعيش انفلاتا أمنيا كبيرا منذ ثورة ال 25 جانفي 2011، ويفسر بعض المحللين قرار النائب العام، المحسوب على الإخوان المسلمين، بكونه يأتي في سياق محاولات تدعيم سلطة الجماعات الإسلامية في المجتمع لا سيما بعد الإضراب والعصيان المدني الذي نفذه رجال الشرطة في عدد من المحافظات، وقد أثار هذا القرار، الصادر عن النائب العام المصري، موجة سخط كبيرة لدى المعارضة المصرية، ولا سيما أقطاب جبهة الإنقاذ، حيث اعتبرته مدخلا لتكريس حكم جماعات موازية. ولكون المصاعب التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي، سواء كانت أمنية من خلال انتشار الجرائم وتفاقم الاحتجاجات أو اقتصادية من خلال أزمة الوقود أساسا، تجد جذورها في الواقع السياسي للبلاد، فقد كشف مصدر قريب من مؤسسة الرئاسة المصرية عن بوادر مرونة قوية من أجل التراجع عن موقفها السابق المتمسك باستمرار الحكومة الحالية التي يقودها هشام قنديل، حتى إجراء انتخابات مجلس النواب. ذكر ذات المصدر، أن تشكيل تلك الحكومة سيكون بتوافق القوى السياسية المختلفة، مع العلم أن حكومة قنديل تلقى انتقادات شديدة من قوى المعارضة، حيث كان تغييرها من أبرز شروط هذه الأخيرة من أجل الجلوس على طاولة الحوار الذي طرحته الرئاسة المصرية أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة. وكشف ذات المصدر، الذي لم يكشف عن اسمه لوكالة أنباء “الأناضول" التركية، أن هناك دعوة للحوار ستطلقها مؤسسة الرئاسة المصرية مع القوى السياسية في مصر خلال الأيام القليلة القادمة لمناقشة الأوضاع الراهنة، وتتضمن أجندته تشكيل حكومة جديدة وأزمة قانون الانتخابات وتعديل الدستور الجديد فضلا عن أزمة النائب العام الذي تطالب المعارضة بإقالته. جاء ذلك بعد ساعات من تصريح أيمن علي مستشار الرئيس لشؤون المصريين بالخارج والمشرف على الحوار الوطني، مساء أول أمس، قال فيه إن اقتراح تولي الرئيس مرسي لحكومة مصغرة هو أمر قابل للمناقشة. على صعيد آخر، بدأت لجنة برلمانية إعداد قانون جديد للانتخابات الخاصة بمجلس النواب بهدف تجنب تأجيلها وذلك بعد أن أوقفت محكمة القضاء الإداري تنفيذ قرار الرئيس مرسي بالدعوة إلى الانتخابات في شهر أفريل المقبل، وهو التأجيل الذي رحبت به المعارضة المصرية واعتبرته فرصة لمناقشة قانون جديد لا يكون “معيبا"، وفق التعبير، الذي استعمله معارضون في هذا البلد. وكانت آخر مواجهات عنيفة عاشتها مصر هي تلك التي حدثت مؤخرا في بورسعيد، بين مشجعي “ألتراس" الأهلي وبين قوات الأمن بعد إصدار الحكم بالإعدام في حق متهمين بالتسبب في مجزرة أثناء مقابلة كرة قدم وتبرئة عدد من رجال الشرطة في هذه القضية.