- مشكلة تسرب المياه موجودة لكن لا تشكل تهديدا ولا كارثة - نعم.. مس الماء بعض الأرصدة الأرشيفية - مدير الأرشيف تلقى إنذارا من مسؤوليه في الرئاسة يكشف مدني بن رحمون عن خبايا وأسرار كثيرة ينام عليها الأرشيف الوطني، من خلال عودتنا معه في هذا الحوار إلى ما سبق أن نشرته “الجزائر نيوز" حول وضع الذاكرة الأرشيفية للأمة. لقد نشرت “الجزائر نيوز" مستندات وصور تبيّن وضع الأرشيف سواء كأرصدة أوكأضرار لحقت بالبناية، هل تنفون وجود هذه الحقائق؟ الصور التي نشرتموها حقيقية ونسخ منها بحوزتنا، وهي صور التقطتها مصالحنا لكي تحرر تقارير بشأنها ثم تهب إلى العمل. لكن السيد المدير العام عبد المجيد شيخي نفى ذلك في اتصال معه عبر الهاتف، بعد نشرنا للمقال والصور؟ ربما كان القصد من نفي السيد المدير العام، هو الهالة الكبيرة والسياق الذي كتُب وفقه المقال على جريدتكم. وسأكون حياديا في إجاباتي، هناك من أراد تغليطكم، لأننا نعلم أن مصادركم هي من داخل الأرشيف الوطني، ومنطلقها فيما نُشر كان لدواع شخصية وليس شيئا آخر، وأنا أتحدث ومن ورائي خبرة تقدر ب 25 سنة. لكن حتى نكون واضحين اليوم أمام الرأي العام، ما دام المدير العام عبد المجيد شيخي قد انتدبكم لتنوبوا عنه في هذه المقابلة الصحفية، سأعيد طرح السؤال.. هل يعاني الأرشيف الوطني من تسرب المياه؟ المشكلة موجودة، لكن ما أحاط بالموضوع مجرد تكهنات وفرضيات. لقد اطلعت بأم عيني وأنا بقاعة الانتظار على مذكرة إعلامية موقعة من طرف القهري جمال، مدير الإدارة على ما أعتقد، يأمر فيها بعدم التواني في تكسير أبواب الأرشيف في حالة تسرب المياه خارج أوقات العمل.. معناه الأرشيف في حالة استنفار وطوارئ مستمرّين؟ المذكرة هنا تتحدث عن طوارئ وليس عن حالات عادية. لكن المذكرة لا تتضمن مصطلحا واحدا حول الطوارئ، وبإمكانكم التحقق من ذلك؟ ربما المدير لم يعرف كيف يعبّر عن ذلك بالكتابة، ولكن أؤكد لك أن المسألة تخص الطوارئ.. وحتى أصدقك القول فإن ما نشرتموه أضّر بنا وبالمؤسسة ولقد عوقبنا بسببه. لأن هناك الحرس الجمهوري والأمن الوقائي التابعين لرئاسة الجمهورية، وهناك الإدارة، وقولكم في الجريدة أنكم تسللتم جلب علينا المشاكل، إذ لم يهضموا وقوع ذلك مع وجود كل تلك الإجراءات الأمنية التي تُشرف عليها المؤسستان سابقتي الذكر. والمطلوب؟ المطلوب لو نعرف منك كيف تم ذلك، خاصة والبناية مزودة بنظام مراقبة عبر الكاميرات؟ هل أنا الآن أخضع لتحقيق من قبلكم أم بصدد إجراء مقابلة صحفية؟ لا تأخذ الأمر بحساسية ولا تنظر إليه من هذه الزاوية من فضلك، ثم أنا لست قاضيا كي أحكم عليك، وصدقني أنا أتحدث معك بسبب الضجة التي أثارها موضوعكم على مستوى المؤسسات المعنية. أنت تدري، سيدي، أن الإعلام حق مكفول دستوريا، وما قمنا به لم يكن خارجا عن هذا الحق، خاصة أن الأرشيف الوطني ذاكرة الأمة. أما عن كيفيات التسلل والمصادر، فهذا خط أحمر لا يمكنني تجاوزه. نحن نريد الرد وبالتالي نحن الإطارات بإمكاننا أن نطلعك على ما شئت، ولا مانع من أن يقابلك السيد المدير العام الذي استاء كثيرا مما نشرتموه، مع العلم أنه تعرض للعقوبة. أي نوع من العقوبة؟ عقوبة إدارية بطبيعة الحال، وهذه المؤسسة يجب أن تدافع عن نفسها، وقد قال لي شيخي إنه تلقى إنذارا من مسؤوليه. هل لديكم تعليمات بهذا الخصوص؟ بعيدا عن التعليمات، إذا تعرض أحدنا للضرب لا يتوقع أحد أنه لن يدافع عن نفسه، ومقالاتكم كانت توحي وكأن صاحبها كان يقوم بتصفية حسابات معنا، وأصدقك القول أننا تساءلنا عن مدى حيادك في الموضوع. ما رأيك في تلقي الجريدة العديد من المكالمات التي تؤكد صحة ما تطرقنا إليه، وإعلان أصحابها استعدادهم للإدلاء بشهاداتهم إذا فتحت رئاسة الجمهورية تحقيقا في الموضوع؟ يجوز ذلك، ونحن لا ننكر مراعاة مختلف المواقف. ولكن أريد فتح قوس فقط، أنا أعرف عمال الأرشيف جيدا وكنت رئيس قسم، وأنا من قام بتوظيفهم جميعا ويمكنك أن تسألهم. قمت بتوظيف كل عمال الأرشيف، أنت شخصيا؟ ربما 80 بالمائة منهم، رجالا ونساء، فقد خرجت من الإدارة منذ 10 سنوات، وقبل هذه الفترة أنا من كان يُشرف على مقابلات التوظيف، لأن تكويني الجامعي كان في اختصاص علم النفس، وحتى بعض العمال الذين لجأوا إليكم، نعرفهم، وأنا شخصيا أعرفهم جيدا، وما نشرتموه كان عبارة عن روبورتاج أنجزته المؤسسة لكي نضعه في ملف إلى وزارة المالية لتضع بين أيدينا الميزانية المناسبة لإصلاح الوضع. كنتم ذكرتم قبل قليل وجود نظام كاميرات عبر أرجاء الأرشيف. من الكاميرات ما يثير استياء بعض العمال وخاصة العاملات، إذ منهن من يعتبرن من غير المعقول أن تكون مداخل المراحيض في الأروقة مشمولة بتغطية الكاميرات.. أولا من حق العمال أن يعبروا على يشاؤون، وثانيا تصميم نظام الكاميرات على ذلك النحو يتجاوزنا، فالتصميم وضعته مصالح الأمن الوقائي. السيد مدني، كنتم أنتم أول من تلقى التقرير التقني الذي يتحدث عن خطورة تسرب المياه وتهديده للبناية سنة 1995، لماذا لم تتحركوا منذ ذلك الوقت لإنقاذ الأرشيف؟ هذا لب الموضوع. مشكل تسرب المياه لبناية الأرشيف الوطني بدأ في مرحلة التدشين سنة 1988. مشروع مؤسسة الأرشيف الوطني مشروع جزائري مائة بالمائة، من تصميم المهندس بوشامة رحمه الله. ولكن رغم أن البناية متضررة من تسرب المياه فإن الأرشيف لا يغرق كما كتبتم. لنكن أدق، نحن كتبنا أن الماء مسّ بعض الأرصدة الهامة، هل لحق الماء بعض الأرصدة أم لا؟ نعم وقع ذلك، ولكن ليس بالكارثة التي تحدثتم عنها. البناية شُيّدت في عهد الشاذلي ين جديد والعربي بلخير ومولود حمروش، وأرادوا تدشينه قبل أوانه، إذ لم تكن مصارف المياه جاهزة بعد. كما أن البناية شُيدت على منابع للمياه، وبما أن المشروع كان جزائريا مائة بالمائة أرادوا لرئيس الجمهورية أن يدشنه بسرعة، فرموا التراب من تحت وغرسوا الورود.. هذه حقيقة جزائرية في ذلك الوقت، والآن هناك تسرب مياه جوفية بسبب انعدام مصارف منذ البداية وهناك تسربات من السقوف وهذه معلومة أمنحها لك لأنك صحفي فالمهندس المصمم للبناية كان ينبغي أن يُنسق مع أرشيفيين، وفي تلك الفترة لا أرى من كان في الجزائر خبيرا في الأرشيف. إذن مادام الأرشيف تابعا لرئاسة الجمهورية، فهل يتحمل مولود حمروش بصفته أمينا عاما آنذاك المسؤولية؟ في الإدارة تحميل المسؤولية ليس تشخيصا، وعندما تتبوأ منصبا ما تتحمل مسؤوليتك تجاه أمور سابقة ولاحقة، وبالتالي نقول المشروع منذ البداية تم استلامه بشكل سيء لأسباب سياسية أو لست أدري. ما دامت المسؤولية يتم تحمّلها بالسابق واللاحق، لماذا لم تستدركوا أنتم ما وقعت فيه الرئاسة؟ لقد حاولنا ذلك وجلبنا مكاتب دراسات متخصصة ووضعنا حلولا، ومن بينها وضع المضخات كلما صعدت المياه من تحت البناية، وإلا فلنغلق الأرشيف إذا طُلب منا حل غير ذلك. ولكن صعود المياه تنتج عنه رطوبة واهتراء للأعمدة وكلاهما يؤثر على الأرشيف وعلى البناية في حد ذاتها بسبب التآكل على مر الزمن، وهذا مدون على التقرير؟ أولا في الطابق الأرضي 3 الذي تقصدونه لا يوجد أرشيف، ثم إننا نقوم بإجلاء المياه كلما صعدت عن طريق الضخ. واطمئنوا لن تتحطم البناية ولن تسقط. هل لديكم ما يثبت كلامكم، فنحن نحوز تقريرا يقول عكس كلامك؟ نعم لدينا ما يُثبت وسنُطلعكم عليه ( في نهاية الحوار لم يطلعنا السيد مدني على أي شيء). المشكلة أن مصادركم تفتقر للمعلومات الحقيقية لمعالجة الموضوع، ولهذا قلت إن منطلق ما نشرتموه كان شخصيا، فعندما تنذر موظفا في يوم من الأيام لقدومه إلى العمل متأخرا يمكن أن يجلب عليك قرارك، الويل مستقبلا.. فيُمكن أن يشاع عنك أنك تجري وراء المال وأنك زير نساء إلخ.. على ذكرك النساء، أنت متهم بالتحرش الجنسي ضد موظفات في الأرشيف الوطني ومن قبل في مركز إسعاف المعاقين المسمى سليم وسليمة، وقد تم توقيفك من هناك على هذه الخلفية؟ أولا لم يتم إيقافي بل قمت بطلب انتداب قدمته لوزارة العمل، والمعلومات التي بحوزتك تدخل في إطار تصفية حساب عمال ضد مسؤول ملتزم وصارم في العمل لا غير. لكن العاملات في هذا المركز وقّعن عريضة ضدك يؤكدن أنك تحرشت جنسيا ببعضهن؟ أنا على علم بما يقولون، وقلت لك إنه انتقام من صرامتي في العمل بذلك المركز، رغم أن كل تلك الموظفات أنا من قام بتوظيفهن. لنفترض أن ما تقوله صحيح وأنه تم الانتقام منك في مركز إسعاف المعاقين. ماذا عن اتهامك على مرتين من طرف موظفتين أخريين بمؤسسة الأرشيف الوطني، ووصل الأمر لغاية التحقيق معك من طرف رئاسة الجمهورية في الموضوع؟ نعم لقد استمعت رئاسة الجمهورية لأقوالي، ولكن عليك أن تسمع أنت أيضا حقائق الأمور. المشكلة الأولى تتعلق بموظفة كانت تعمل معي بمصلحة المحاسبة. وبحلول فترة الجرد السنوي للحسابات لاحظت أن بعض الحسابات ناقصة، فلما تصرفت معها بصرامة اتهمتني بالتحرش ضدها، وكان ذلك في 2004. أما التي اتهمتني في 2001 فلاتزال معنا وهي (...) حاشاك.. لقد قالوا لي في رئاسة الجمهورية عليك أن تبعدوها عنكم 100 كلم، وإذا أردت أن أعرفك عليها سأعرّفك، لم أتحدث معها منذ 15 سنة. إذن تريد القول إن اتهام 16 امرأة لك بالتحرش في مركز المعاقين بالدويرة لا أساس له من الصحة، وأن اتهام الموظفتين لك في الأرشيف أمر واهي كذلك؟ لأنني شخص ظريف ولطيف، ولأنني مختص في علم النفس، وبالله العظيم كلها اتهامات ضدي. بأي حق قال لك المسؤول الذي قابلته في الرئاسة عليكم بإبعاد الشاكية ضدك بالتحرش، على ماذا استند قانونا؟ لقد ذهبت إليه بلباس غير محترم. هذا المسؤول حكم عليها من مظهرها إذن؟ لكل شخص نظرته في الحكم، ثم إن هذه المرأة كانت تغني مع تاكفاريناس، وهي امرأة متفتحة. في يوم من الأيام وقعت في أزمة نفسية فخرجت إلى الرواق وبدأت تصرخ وأنا غائب، بأنني أطاردها، وأنا من رخصت لها رؤية المسؤول في الرئاسة. أما الثانية فقد أخفت وثائق فثارت ثائرتي وقلت لها حرفيا إنها تجلس على كرسي قابل للنسف، وأنني سأتفرغ لها. أنت مختص في علم النفس، وما قلته لها تهديد صريح، هل يتصرف مختص نفساني بهذه الطريقة؟ في بعض الأحيان لا نتحكم في ردود أفعالنا، ونحن من بني آدم، خاصة عندما نعرّض أنفسنا لمسؤوليات جسيمة، فما كان إلا أنني عبرت عن غضبي بانتفاضة ضدها، وقد أنجزت العمل الذي كان يُفترض أن تنجزه، مع صديقها. تقصد زميلها في العمل؟ نعم.. نعم.. كان هناك عندنا ممثل عن الأمن الوقائي في المؤسسة، ولم يكن يطيقني، وبالتالي أعتقد أن التقرير الذي حُرر ضدي وأُرسل إلى الرئاسة كان مبنيا على هذه المعطيات، وتم اتهامي أنني أردت مراودتها، بينما أنا الذي وظفتها وكوّنتها عند دخولها إلى الأرشيف قبل أن تتزوج.. عندما يكون الإنسان مسؤولا كل الأنظار تتجه نحوه، وأظن أنني أتعرض لحملة. أنا اليوم أتعرض لعدة ملامات بسبب ما أعانيه، فهؤلاء الذين تحولوا إلى أعداء سبق أن فعلت معهم إلا الخير.