تكشف وثائق جديدة تحصلت عليها “الجزائر نيوز"، أن مجموعة من الأرشيف الخاص بأرصدة المجلس الدستوري والمعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد قد تضررت من تسربات المياه بمخزنين رئيسيين بمركز الأرشيف الوطني مثلما أبلغ بذلك قسم حفظ الأرشيف ومعالجته، المدير العام عبد المجيد شيخي في تقرير رسمي (نسخة منه بحوزتنا)، إلا أن الأخير في اتصالنا به، أمس، ينفي ذلك. بالمقابل، يؤكد بدر الدين بورزاق عامل سابق بمؤسسة الأرشيف الوطني أنه جرى، بحر الأسبوع الماضي، أول اتصال بديوان مكافحة الفساد الذي يسيره عبد المالك سايح لإبلاغه عن التجاوزات وسوء التسيير الحاصلين بمؤسسة الأرشيف الوطني، فطلب منه مسؤولوه تزويدهم بها لمباشرة التحقيقات كما تخوله له القوانين. تفيد مستندات ومحررات رسمية جديدة تابعة لمؤسسة الأرشيف الوطني، تحصلت عليها “الجزائر نيوز"، مؤخرا، أن المدير العام عبد المجيد شيخي كان على علم تام بالوضعية الخطيرة للبنايات التي تحفظ الأرشيف الوطني بسبب ما ألحقته تسربات المياه عليها. فإذا كان التقرير التقني المنجز في 1995 الذي يتحدث عن الوضع الهش للبنايات التي تخزّن الأرشيف وسبق ل “الجزائر نيوز" أن نشرته، قد لا يشكل مرجعا بالنسبة لمديرية عبد المجيد شيخي، فإن قسم حفظ الأرشيف ومعالجته، أشعر مدير عام الأرشيف بوضعية تسرب مياه الأمطار من السقف، وأنه تم معاينة التسرب بالمخزنين رقم 711 و713 بالطابق الثالث لمركز الأرشيف الوطني، وعلى إثر ذلك التقطت صور فوتوغرافية للمادة الأرشيفية المتضررة، لإحاطة المدير العام بخطورة الوضع. وتحدث التقرير الذي بحوزتنا عن تضرر أرصدة تابعة للمجلس الدستوري ومؤسسة الجيش. وبشيء من التفصيل ورد بالمستند المنشور أن هناك تضرر ما لا يقل عن “10 علب من مدفوعات المجلس الدستوري التي تحتوي على أوراق الاقتراع، وكذا مجموعة من الخرائط التابعة للجيش ملك للمعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد". مرجع التقرير المؤرح في 15 مارس 2012، هو مرقم كالآتي 078/ق.ح. أ. م/ م.أ.و/2012. وتقول مصادرنا إن تضرر تلك العلب، هو تضرر لرصيد ذاكرة الأمة ، “خاصة وأن أوراق اقتراع المجلس الدستوري تشكل مرجعا حقيقيا لأية دراسات مستقبلية قد تتقرر حول طبيعة السلوك الانتخابي من الناحية السياسية في مرحلة من المراحل التي مرت بها الجزائر، حيث غالبا ما تكون النتائج مفسرة لكثير من التساؤلات"، أما خرائط الجيش الوطني الشعبي يقول مصدرنا المتخصص فهي تتعلق بالأمن القومي وسر من أسراره، وتضررها يعد ضررا بهذين المحورين الاستراتيجيين السياديين. بعد نشر “الجزائر نيوز" في عدد سابق ما يجري في الأرشيف الوطني، تلقت قاعة التحرير عديد المكالمات من عمال حاليين وسابقين، منهم مسؤولين، يؤكدون استعدادهم للإدلاء بشهاداتهم أمام أية جهة كانت تشرع في التحقيق حول تسيير الأرشيف الوطني من رئاسة التحرير إلى هيئات أخرى. وقد لجأ بعض العمال في الأرشيف إلى تزويد الجريدة بوثائق جديدة، منها التقرير التقني الذي أنجزه قسم حفظ الأرشيف ومعالجته، كما زودتنا هذه المصادر بمراسلات رسمية مختومة تتحدث عن سوء تسيير وتجاوزات وخرق للقوانين خاصة فيما يتعلق بميزانيتي التسيير والتجهيز، إذ تثير التقارير الجديدة على الصعيد الإداري، مسألة “إسناد عبد المجيد شيخي مهام الإدارة إلى نائب مدير بالمديرية العامة لمتابعة كل ما يجري بمصالحها، وإسناد السهر على ميزانية التجهيز إلى رئيس دراسات بالمديرية، بعد إقالة مسؤولة قسم الإدارة والمالية، لرفضها الانصياع لأوامره غير القانونية". وتفيد التقارير أيضا أن “تسيير الأرشيف وقع تحت مسؤولية أشخاص لا علاقة لهم بمركز الأرشيف الوطني". ومن مظاهر هذا التسيير الإداري الذي يطعن فيه عمال وإطارات حاليون وسابقون، أنه أنتج تجاوزات خطيرة تستدعي الذهاب إلى تحقيقات عميقة، ويثير البعض مسألة السرقات التي سجلها الأرشيف الوطني دون أن تنال العقاب، كقضية سرقة وصلات البنزين التي رفعها شيخي ضد مجهول، بالرغم أن المصلحة التي تحفظها كانت تقع تحت مسؤولية شخص معلوم لدى الإدارة، “ومما يُثير الشكوك أكثر هو التحويل الشفهي لمسؤول القسم المعني من منصبه إلى قسم آخر عند انفجار القضية والشروع في التحقيق فيها ثم إعادته لاحقا عند تقادمها"، وتؤكد معلومات من مصدر موثوق بمؤسسة الأرشيف الوطني، أن مفتاح تلك المصلحة لم يكن يملكه سوى رئيس المصلحة الحافظة لوصلات البنزين والمدير العام عبد المجيد شيخي. كما أن تاريخ السرقات سجّل أيضا قضية اختفاء آلات ناسخة في ظروف غامضة، ويُشير تقرير حول هذه القضية أنه بعد إجراء عملية جرد، تبيّن أن المخزن فقد أربع آلات ناسخة وطابعتين إلا أنه في 13 نوفمبر 2008، أكد المكلف بالمخزن أنه لم يعثر عليهما بعد عملية بحث بين مصالح وأقسام مؤسسة الأرشيف الوطني، مؤكدا أنه لم يتم توزيعها أو منحها لأية مصلحة من المصالح التابعة لمديرة أو مركز الأرشيف. كما يطعن بعض من الإطارات في الأرشيف الوطني، في مسألة وجود عبد المجيد شيخي على رأس اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء لموظفي مركز الأرشيف، كما يبيّنه قرار صادر عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية المؤرخ في 19 نوفمبر 2012. ويعتبر الرافضون لهذا القرار أن “عبد المجيد شيخي بهذا التنصيب يُعتبر طرفا وصاحب قرار في الوقت ذاته وهو ما يضعف مصداقية أي قرار تدرسه اللجان خاصة إذا لم يكن في صالحه". وأصبحت علاقة عبد المجيد شيخي بكاتبته حديث الجميع داخل مؤسسة الأرشيف، بعد توظيف زوجها ثم شقيقتها، إشراف تقنيين وليس إداريين على مقابلة التوظيف في منصب لا يتطلب أن يكون المترشح حائزا على ليسانس في علم النفس، كما هو الشأن بالنسبة لشقيقة كاتبة شيخي. وتسترسل مصادرنا في موضوع تحويل المؤسسة إلى مصدر للانتفاع الشخصي، بجعل حظيرة السيارات تحت تصرف المقربين منه من الموظفين على رأسهم أبناؤه وكاتبته، ويذكر الموظفون أن “مثل هذه المسائل ليست غريبة على شيخي، إذ سبق للصحافة ونشرت قضية منح تكاليف بمهمة للسائقين ليحضروا عرس ابنه في ولاية بشرق البلاد". ويبقى موضوع الجزائري المقيم بكندا صاحب مشروع إنشاء شبكة الإعلام الآلي لمؤسسة الأرشيف، موضوع الساعة داخل المؤسسة، إذ يشتبه في الأخير حسب بعض التعليقات التي نسخها عمال من شبكة الأنترنت، أن صاحب الشبكة، مشتبه في تعامله مع المخابرات الكندية، وكانت تقارير رسمية من مسؤولين في الأرشيف قد أثارت القضية في مراسلة لرئاسة الجمهورية (الأمين العام) إلا أنه لم يتبعها أي تحرك. في اتصال معه هاتفيا البارحة، بدا عبد المجيد شيخي في حديثه مع “الجزائر نيوز" “هيستيريا" للغاية، مؤكدا أنه يتحدى أية جهة تثبت تضرر الأرشيف، رغم الوثيقة الرسمية التي تؤكد ذلك. لكنه أوضح بعد أن شرعنا نسأله عن تفاصيل ما سننشره اليوم، بأنه لن يعتبر حديثه في الهاتف محادثة رسمية “ما لم تتقدموا إلى المكتب"، لكننا ذكرناه أنه سبق وفعلنا، لكنه لم يكن موجودا وأنه تعين علينا الاتصال به مباشرة هذه المرة لتجاوز أية مسألة تتعلق بإمكانية حجب موقف مؤسسة الأرشيف الوطني عن الرأي العام .