الدولة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة في محاربة الفساد والمفسدين    عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية    ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات    هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!    اختتام أشغال الملتقى الوطني حول أمن الذاكرة الوطنية    الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز    بوجمعة يجتمع ببن مولود    الجزائر ملتزمة بدعم تحقيق أهداف الطاقة النظيفة إقليميا ودوليا    4 معطيات تفرض إحياء "الحرب الدوليةّ" على الإرهاب    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    الاحتلال المغربي يطرد ثلاثة إسبان من مدينة الداخلة المحتلة    سوسطارة في الصدارة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية: ''مباريات مثيرة منتظرة في الدور ربع النهائي''    توقيف طالب جامعي بغرداية    رئيس الجمهورية ينهي مهام والي بشار    رئيس حزب صوت الشعب يؤكد على أهمية تقوية الجبهة الداخلية    مواقف شجاعة في مناهضة الفكر الاستعماري    كرة اليد الجزائرية "مريضة" منذ سنوات    أولياء تلاميذ متوسطة "جعبوب" بقسنطينة يناشدون الوزير التدخل    استشارة الأبناء تأسيسٌ لأسرة متوازنة    الدرك الوطني.. انتشار في الميدان لفك الاختناق وتأمين السياح    ارتفاع في منسوب المياه الجوفية والأودية والينابيع    الصحراء الغربية : صحفيون وناشطون عرب يتبرؤون من موقف اتحاد الصحفيين العرب    "الكناري" لتعزيز الصدارة وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    توقع داربي جزائري ومواجهة بين المولودية وبلايلي    تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما    البطولة الوطنية العسكرية للعدو الريفي : تألق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    نص القانون الجديد لتسيير النفايات: تحويل مفهوم النفايات من إشكالية إلى مواد أولية قابلة للتثمين    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري    المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة    وهران..ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير    ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    منظمة أطباء بلا حدود تدعو إلى زيادة سريعة وواسعة النطاق للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع    سكان غزّة يحتفلون ببدء الهدنة    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    الجزائر تخسر أمام تونس    مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    صهاينة يدنّسون الأقصى    رمضان في القصر خلال مارس    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطنان النفايات الطبية يخلّفها المستشفى الجامعي نذير محمد مرمية في العراء.. فضيحة إيكولوجية وصحية بواد فالي في تيزي وزو
نشر في الجزائر نيوز يوم 15 - 04 - 2013

- اقتناء جهاز متطور للتخلص من النفايات ب7.6 مليار لم يتم استغلاله إلى اليوم!
- إدارة المستشفى تعمدت خلط مئات الأطنان من النفايات بالأتربة للتخلص منها
- مدير البيئة: “إدارة المستشفى انتهكت القوانين وقمنا بكل الإجراءات اللازمة"
- لجنة الصحة والبيئة للمجلس الشعبي الولائي تدون تقريرا أسود عن الوضعية
- أراض فلاحية ومساحات الرعي مهددة والقاطنون بالمدينة الجديدة في خطر
عشرات الأطنان من النفايات الطبية السامة التي يخلّفها المستشفى الجامعي نذير محمد وضعت في الهواء الطلق وعلى أرض عارية بمنطقة واد فالي - تبعد ب2 كلم جنوب غرب مدينة تيزي وزو- ومئات الأطنان الأخرى من هذه النفايات الخطيرة تم خلطها بالأتربة بطريقة متعمدة بهدف التخلص منها، دون احترام أدنى الإجراءات الوقائية التي تنص عليها القوانين المعمول بها في تسيير النفايات.. ما ينذر بكارثة إيكولوجية وصحية، لاسيما أن منطقة وادي فالي فلاحية تحتوي مساحات كبيرة وشاسعة من حقول البرتقال ومزارع للرعي وواد متدفق بالمياه. وأكثر من ذلك تشكل هذه المواد خطرا على الوادي بالمنطقة، كما أنها لا تبعد إلا بعشرات الأمتار عن الموقع الذي يحتضن أكبر مشروع سكني بولاية تيزي وزو، وهو مشروع المدينة الجديدة الذي برمجت فيه إنجاز 14 ألف وحدة سكنية، والتي ستأوي أزيد من 70 ألف نسمة.
رغم أن وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والمدينة انطلقت في تجسيد برنامج “2013.. سنة من أجل البيئة والتنمية المستدامة" على المستوى الوطني. وشهدت ولاية تيزي وزو الأسبوع المنصرم نشاطات مكثفة في هذا المجال، إلا أن لا أحد من المسؤولين، وعلى جميع مستوياتهم، حذّر من القنبلة الموقوتة المخفية بمنطقة وادي فالي جراء الرمي الفوضوي والعشوائي للنفايات الطبية.
«الجزائرنيوز" قامت بتحقيق معمق في القضية وتوصلت إلى نتائج كثيرة، أهمها تعمد إدارة المستشفى الجامعي نذير محمد الرمي العشوائي للنفايات الطبية منذ سنتين، رغم إدراكها الجيد للخطورة، وعلم المسؤولين بالعملية، وعلى رأسهم والي الولاية ومديرية البيئة ومديرية الصحة.
عشرات الأطنان من النفايات الطبية في الهواء الطلق منذ ماي 2011
الكل يعلم أن مهمة المستشفيات هي تقديم العلاج للمرضى ومواجهة الأمراض بكل أنواعها، لكن إدارة المستشفى الجامعي نذير محمد أضحت تتسبب في كارثة إيكولوجية وصحية من العيار الثقيل. وتشير المعلومات التي بحوزتنا مستندة على وثائق رسمية - تملك “الجزائرنيوز" نسخا منها - إلى أن المستشفى الجامعي نذير محمد بتيزي وزو، ينتج بين 600 و800 كلغ من النفايات الطبية السامة والمعدية في اليوم الواحد، وهذه النفايات ترمى بطريقة عشوائية وفوضوية دون احترام أدنى الإجراءات الوقائية المنصوص عليها في قانون تسيير النفايات، حيث خصص لها مكان بمنطقة وادي فالي يفتقد كليا للتدابير الوقائية ولا يحترم دفتر الشروط.
وتعود بداية استغلال هذا الموقع إلى شهر ماي 2011، حيث تنقل إليه النفايات إلى يومنا هذا، ولاتزال هذه النفايات الخطيرة مرمية بطريقة عشوائية. وأخطر من ذلك تعمدت إدارة المستشفى الجامعي نذير محمد ارتكاب “جريمة" في حق البيئة وتنذر بكارثة ايكولوجية وصحية خطيرة العواقب، حيث قامت بخلط مئات الأطنان من النفايات الطبية السامة مع الأتربة بآلات الأشغال العمومية (بحوزتنا صور تثبت ذلك) بهدف التخلص منها بطريقة منافية تماما للقوانين، وتم تحويل هذه النفايات السامة الممزوجة بالأتربة إلى خارج المركز ورميها بطريقة عشوائية في الهواء الطلق وعلى سطح الأرض. وأكدت مصادر طبية مطلعة على هذا الملف أن مستشفى نذير محمد سجل مخزونا يزيد عن 500 طن من النفايات الطبية السامة والمعدية. وفشلت الإدارة في التخلص منها رغم أنها أبرمت صفقة مع أحد الخواص بسي مصطفى في ولاية بومرداس. وكشفت مصادرنا أن هذه النفايات كانت تحرق في السابق بمستشفى “بالوا" بمنطقة رجاونة في أعالي مدينة تيزي وزو، إلا أن السكان انتفضوا في سنة 2011 وشنوا عدة حركات احتجاجية مطالبين بوقف “إيذاء السكان" ونقل النفايات الطبية للتخلص منها في مكان آخر.
وذكرت مصادرنا أن إدارة المستشفى الجامعي عجزت عن إيجاد حلول لذلك، قبل أن يتم تخصيص مكان بمنطقة وادي فالي بمحاذاة المركز التقني لردم النفايات المنزلية، حيث منحت لها مديرية البيئة ترخيص استغلال مؤقت بداية شهر ماي 2011. وكشفت مصادر مطلعة أن تخصيص هذا المكان لرمي النفايات الطبية السامة جاء بطريقة متسرعة ودون إجراء دراسة، وهذا ما يؤكده مدير البيئة بولاية تيزي وزو، صالح كابش: “إلى يومنا هذا لم نستقبل الدراسة ونحن لا نزال ننتظرها". نفس المعلومة أكدها أعضاء لجنة الصحة والبيئة بالمجلس الشعبي الولائي، التي يترأسها محمد مسالة، خلال معاينتهم للموقع:«الأمر الذي يحير في هذا الملف والذي نعتبره بخطيرا هو عدم إجراء دراسة رغم الأخطار الناجمة من هذه النفايات". يحدث هذا رغم أن القانون رقم 19/01 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، والمتعلق بتحديد كيفيات تسيير النفايات ومعالجتها ومراقبتها يقر بمعاقبة كل من يقوم بإيداع النفايات الخاصة الخطيرة أورميها أو طمرها أوغمرها أو إهمالها بطريقة منافية للقوانين.
اقتناء جهاز متطور للتخلص من النفايات الطبية ب7.6 مليار دون استغلاله.. وإدارة المستشفى تفتح صفقة للتعامل مع الخواص
الأمر الذي يحيّر كثيرا في ملف النفايات الطبية السامة التي يخلّفها المستشفى الجامعي نذير محمد، هو اقتناء إدارة هذا المستشفى جهازا متطورا في شهر أفريل 2012 للتخلص من النفايات الطبية بقيمة مالية تقدر ب7.6 مليار سنتيم، وهذا ما كشف عنه مدير المستشفى بالنيابة، عباس زيري، في ندوة صحفية عقدها يوم 10 أفريل 2012، مؤكدا أن ولاية تيزي وزو تعتبر الأولى عبر التراب الوطني التي اقتنت مثل هذا الجهاز الذي يتمتع بتكنولوجيات عالية ومتطورة (Banaliseur). لكن خلال تنقلنا إلى منطقة واد فالي لمعاينة الموقع المخصص لهذه النفايات، لمسنا أنه حقا تم إنجاز بناية لاحتضان هذا الجهاز لكن لم يتم استغلاله إلى حد الآن، وهذا ما يؤكده أحد العمال الذين التقينا به في عين المكان. وهذه المعلومات يؤكدها تقرير مفصل - بحوزة “الجزائرنيوز" نسخة منه - أعدته مديرية الصحة والسكان لولاية تيزي وزو وأرسلته إلى الوزارة الوصية، وأبلغت والي الولاية بذلك.
ورغم عدم الانطلاق استغلال الجهاز المتطور الأول، إلا أن إدارة المستشفى قامت بإطلاق مشروع ثان يتمثل في اقتناء جهاز آخر بقيمة مالية تقدر ب3.6 مليار سنتيم بأقل قوة واستيعاب من الجهاز الأول، وهذا ما تؤكده الوثيقة رقم 11/13 المودعة في تاريخ 11 مارس 2013، حيث تم الترخيص للصفقة من طرف لجنة الصفقات العمومية، وينتظر اقتناء الجهاز في الأيام القليلة القادمة. وتثبت الوثيقة الرسمية أن الصفقة عقدت بين المستشفى الجامعي نذير محمد وشركة “جازي" (Gesi)، وهي نفس الشركة التي مولت المستشفى بالجهاز الأول. والأمر الذي يؤدي إلى طرح عدة تساؤلات هوأنه رغم صرف 11.2 مليار سنتيم في اقتناء أجهزة متطورة للتخلص من النفايات الطبية السامة، إلا أن وثيقة أخرى رسمية - بحوزتنا نسخة منها - تشير إلى أن إدارة المستشفى أعلنت عن مشروع صفقة من أجل التعاقد مع خواص من أجل التخلص من هذا النوع من النفايات، حسب ما تؤكده وثيقة دفتر شروط المتعلق بحرق النفايات الطبية السامة والمعدية والمؤرخة في 28 فيفري 2013، والتي تحمل توقيع مدير المستشفى عباس زيري.
وتؤكد مصادر طبية مختصة ومطلعة بدقة على الملف، أن إدارة المستشفى تنتهك كل القوانين وتتحايل على المسؤولين بالاعتماد على جهازين لحرق النفايات (Incinérateurs)، أحدهما قديم والثاني جديد، تم نقلهما من “بالوا" إلى منطقة وادي فالي، ويسيران حاليا بوتيرة أقل وأضعف من القوة اللازمة التي من شأنها أن تتكفل بالكميات التي يخلفها المستشفى الجامعي نذير محمد في اليوم الواحد، والمقدرة بين 600 و800 كلغ. وأكد مصدرنا المختص أن بإمكان هذين الجهازين التكفل بهذه الكميات، كاشفا أن أحد هذه الأجهزة له قدرة حرق 200 كلغ من النفايات في الساعة، والجهاز الثاني له قدرة حرق 50 كلغ في الساعة.
المواد السامة والمعدية تهدد حقول البرتقال والمراعي والآبار وقاطني المدينة الجديدة مستقبلا
أكد مصدر طبي مختص بمستشفى نذير محمد، أن الأخطار الناجمة من النفايات الطبية السامة والمعدية كثيرة ولا يمكن حصرها، وحسبه تتسبب في تلويث البيئة والمناخ والأشجار والمياه والنباتات والأتربة، وتمس بصحة الإنسان:«هذا النوع من النفايات يتضمن مواد سامة ومعدية بين 20 و25 بالمائة"، مشيرا إلى أنه يتطلب التعامل معها بحذر شديد، لاسيما خلال عملية التخلص منها". وكشف مصدرنا أن هذه النفايات تتسبب بصفة أكثر في أمراض السرطان و«الأيدز" والالتهابات على غرار التهاب الكبد الوبائي بنوعيه “B" و«C" والالتهابات الموضعية ومرض “التيتانوس".
والزائر للموقع الذي خصص للنفايات الطبية بواد فالي يقف على حجم الكارثة الإيكولوجية والصحة، حيث أن الموقع يتوسط مساحات زراعية شاسعة وأراض مخصصة للرعي، كما لا يبعد عنه حقول البرتقال والعديد من المحاصيل الفلاحية، إضافة إلى وجود واد فالي وعدة آبار تستخدم للري والشرب. وأخطر من ذلك، توجد هذه النفايات الطبية السامة والمعدية على بعد عشرات الأمتار من الموقع الذي يحتضن أكبر مشروع سكني بولاية تيزي وزو، وهو مشروع “المدينة الجديدة" الذي برمجت فيه إنجاز 14 ألف وحدة سكنية، والتي ستأوي مستقبلا أزيد من 70 ألف نسمة، وهو المشروع الذي بدأت به الأشغال.
ويرى طبيب مختص أن المدة التي استغرقتها هذه النفايات بالمنطقة منذ شهر أفريل 2011 إلى يومنا هذا، من شأنه أن يفجر قنبلة إيكولوجية وصحية من العيار الثقيل في حالة عدم تدخل الجهات المعنية لوضع حد لهذه القضية التي تعرفها ولاية تيزي وزو لأول مرة في تاريخها. وتزداد الخطورة بعدم إنجاز قاعدة إسمنتية مثلما ينص عليه دفتر شروط والقوانين، فضلا عن الانتشار الكثيف للقطط والكلاب المتشردة بالمنطقة التي تدخل وتخرج بكل حرية إلى الموقع، وتتجول فوق الكميات المتراكمة من النفايات الطبية.
مدير البيئة: “إدارة المستشفى انتهكت القوانين والمديرية قامت بكل الإجراءات اللازمة"
أكد مدير البيئة لولاية تيزي وزو، كابش صالح، خلال لقائنا معه بمكتبه، أن النفايات الطبية المرمية بمنطقة وادي فالي “تم تخزينها من طرف إدارة مستشفى نذير محمد". وكان المدير واضحا في رده على أسئلتنا، حيث أقر بالتجاوزات التي قامت بها إدارة المستشفى في حق البيئة وانتهاك القانون رقم 19/01 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001 المتعلقة بتسيير النفايات ومعالجتها ومراقبتها والتخلص منها “إدارة المستشفى انتهكت القانون". واعتبر مدير البيئة طريقة تسيير هذه النفايات الطبية بمنطقة وادي فالي ب«غير المقبولة"، قائلا:«لا يمكن قبول هذه النفايات المسببة للأمراض أن تكون مرمية على أرض عارية وخلطها بالأتربة بهدف إخفائها عن الأعين"، موضحا أن مثل هذه التجاوزات يتم إحالتها على العدالة. وفي رده عن سؤال حول سماح مديريته بارتكاب إدارة المستشفى لهذه التجاوزات رغم خطورة الوضع واستغلال الموقع بطريقة غير شرعية، أكد صالح كابش أن “مديرية البيئة رخصت لاستغلال الموقع مؤقت"، مضيفا أن “مديرية البيئة اتخذت كل التدابير والإجراءات اللازمة حول انتهاك قوانين الجمهورية في تسيير النفايات الخاصة". وكشف أن وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والمدينة على علم بالقضية، مشيرا إلى أن مديريته قامت بعدة مراسلات بصفة متكررة لمدير المستشفى الجامعي نذير محمد لإبلاغه بخطورة الوضع الناجمة عن الطريقة غير القانونية التي يعتمدها في تسيير النفايات الطبية بمنطقة وادي فالي: “أخطرته أنه يتطلب إنجاز قاعدة إسمنتية لمنع تسرب السموم إلى الأتربة". وحسب محدثنا فإن إنجاز القاعدة الإسمنتية تم الاتفاق عليها خلال تخصيص الموقع لاستقبال النفايات الطبية. وأضاف أن مديرية البيئة طالبت إدارة المستشفى بضرورة التخلص من مخزون هذه النفايات أو الإسراع في وتيرة العمل بأجهزة الحرق، أونقلها وتحويلها إلى مؤسسات خاصة للتخلص منها. وتأسف صالح كابش كون “مدير المستشفى الجامعي لم يرد على كل المراسلات".
“مير" تيزي وزو ونوابه يجهلون القضية، ولجنة الصحة والبيئة للمجلس الشعبي الولائي تدوّن تقريرا أسود
قصد معرفة تفاصيل ملف النفايات الطبية بتيزي وزو، التقت “الجزائرنيوز" بعض المسؤولين المحليين. فمن جهته رئيس بلدية تيزي وزو، وهاب آيت منڤلات، أكد أنه يجهل تماما رمي هذه النفايات بوادي فالي، قائلا :«لست على علم بهذه القضية"، مضيفا “اطلعت على القضية الآن".!! مبررا ذلك أنه لم يمر على ترأسه للبلدية سوى ستة أشهر، مؤكدا في نفس الوقت: “لن نصمت على مثل هذه التجاوزات وسنفعل ما يجب فعله".
نواب رئيس البلدية، محمد مالكي ونقاش أعمر ونسناس محمد، الذين قابلناهم في مكتب “المير"، أكدوا أنهم ليسوا على علم بالقضية، وكلهم أجمعوا أن الأمر خطير جدا ويجب التحرك. وفي سياق هذا التحقيق، استقبلنا نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي، محمد كلالاش، في مكتبه، وأكد أنه على علم أن النفايات الطبية تنقل إلى واد فالي، لكنه يقول:«لم أكن أعلم أنها ترمى في الهواء الطلق ولا بكيفية معالجتها". ونظرا لأنه لم تكون بحوزته معلومات دقيقة، وعدنا بإيفاد أعضاء لجنة الصحة والبيئة في اليوم الموالي إلى وادي فالي لإجراء المعانية والتحقيق في القضية. وفي اليوم الموالي اتصل بنا محمد كلالاش، ليخبرنا أن اللجنة انتهت من مهامها، حيث قابلنا أعضاء اللجنة بمكتبه بمقر المجلس الشعبي الولائي في نفس اليوم، وقدموا لنا كل نتائج المعاينة، حيث أعدوا تقريرا مفصلا وأسود عن الكارثة الإيكولوجية والصحية. وأكد رئيس اللجنة محمد مسالة أن “الوضعية خطيرة جدا ولا يمكن تقبلها، وجدنا النفايات الطبية مرمية بطريقة عشوائية في أرض عارية"، مشيرا إلى أن المسؤولين تحججوا على التأخر في استغلال الجهاز المتطور للتخلص من النفايات إلى غياب الكهرباء بالمنطقة.. “قالوا لنا إن استغلال هذا الجهاز يتطلب ضغطا كهربائيا يزيد عن 400 كيلوفولط أمبير". واستنكر محدثنا إقدام إدارة المستشفى على خلط النفايات الطبية بالأتربة للتخلص منها وإخفائها:«نعتبر ذلك جريمة حقيقية". وصرح محمد كلالاش أن التقرير سيرفع إلى الجهات المسؤولة على غرار الوالي ومديرية و الصحة.
هل والي تيزي وزو متورط في هذه القضية؟
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا التحقيق هو: هل والي تيزي وزو متورط في هذه القضية؟ كونه المسؤول الأول عن الولاية، فمن الصعب أن تحدث مثل هذه الأمور دون علمه. واستنادا إلى مصادر مطلعة فإن والي تيزي وزو، عبد القادر بوعزغي، قام بكل ما في وسعه في سنة 2011 لإيجاد حل نهائي لمشكل النفايات الطبية التي يخلفها المستشفى الجامعي نذير محمد، خصوصا بعد تمسك سكان قرية رجاونة بمعارضة إنجاز مركز للتخلص من هذا النوع من النفايات بمنطقتهم، وإلحاحهم على ضرورة نقل جهاز الحرق من مستشفى “بالوا" إلى منطقة أخرى. وهناك معلومات لم نتمكن من التأكد منها تفيد أن والي تيزي وزو تدخل لدى مديرية البيئة، وأمرها بتسهيل مهمة تخصيص مكان لاستقبال النفايات الطبية بمنطقة وادي فالي رغم معارضة المديرية للأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.