- بن بلة جعل كافي يدفع ثمن وقوفه مع شرعية الحكومة المؤقتة يعتقد المؤرخ محمد عباس، في هذا الحوار مع “الجزائر نيوز"، أن الرئيس الراحل علي كافي قال الكثير في مذكراته التي أثارت ردود أفعال كبيرة حول الحركة الوطنية وقادتها، متسائلا حول مصير مذكراته عن مرحلة ما بعد الاستقلال، التي كان وجها بارزا عبر عدة محطات.. ونلفت النظر إلى أن المؤرخ تحفظ على الرد عن بعض الأسئلة بداعي “إننا في ظروف وفاة واحتراما لها لا يمكن الخوض في قضايا جدلية وخلافية"، قد نعود إليها مستقبلا في حوار معه. في كل مرة يغادر فيها الجزائر وجه سياسي أو تاريخي يتوجه الحديث نحو المذكرات، والمعروف أن الرئيس علي كافي قال الكثير في مذكراته، لكن العديد من المتتبعين يؤكدون تحفظه على أجزاء مهمة، هل هذا صحيح؟ المبدأ الأساسي الذي يجب الانطلاق منه في الحديث عن هذا الأمر، هو أن الرئيس علي كافي كتب وترك مذكرات، كما يجب الاتفاق أنه ليس كل ما يعرف يمكن أن يقال، لكن من المهم جدا أنه حاول وكتب شيئا موثقا، ولا يجب أن نغفل أن ما كتبه أثار الكثير من الجدل وردود الأفعال، وكان ينتظر أن يكتب مذكراته الخاصة بالمرحلة المتعلقة بما بعد الاستقلال لأن شهادته في غاية الأهمية، لكن لا نعرف مصيرها الآن؟ هل تقصدون شهادته كرئيس للمجلس الأعلى والمنظمة الوطنية للمجاهدين، أم دوره في العشريات السابقة لهذه المرحلة بشكل عام؟ الجميع يختصر دور الرئيس الراحل علي كافي في المجلس والمنظمة، فيما يتم إغفال جوانب أخرى من مساره كدوره كدبلوماسي مثلا، فهو تولى منصب سفير في عدد من الأقطار العربية كسوريا ولبنان وغيرها، كما أنه كان من المقربين من الرئيس هواري بومدين الذي كان يحترمه كثيرا ويتعامل معه بشكل مباشر. نقطة أخرى في غاية الأهمية عن مسار الرئيس كافي بعد الاستقلال، وهي وقوفه مع شرعية الحكومة المؤقتة من القاهرة وموقفه من الاستفتاء الشعبي، وهذا ما دفع ثمنه غاليا فيما بعد من قبل الرئيس بن بلة الذي اتخذ منه موقفا بشأن ذلك.. هذه النقاط وغيرها كثير لا يجب أن تغفل في مسار كافي. لكن يبقى وجود كافي على رأس المجلس الأعلى للدولة هو أبرز منصب تقلده في جزائر ما بعد الاستقلال، وتعرض للكثير من الانتقادات بخصوصه؟ بالنسبة للمجلس الأعلى، كانت الظروف صعبة، كما أنها فترة انتقالية، ومع هذا كان رجل حوار لكنه لم يلق تجاوبا من منظومة الحكم آنذاك. لكن ألا تعتقدون أن هذا لا يغير حقيقة أنه كان على رأس المجلس؟ نعم، لكن يجب أن ننظر إلى الأمور من عدة جوانب، كما سبق أن أشرت كانت مرحلة انتقالية وصعبة، اغتيال الرئيس بوضياف وتوقيف المسار الانتخابي وغيرها من الملفات، إضافة إلى أنه لم يمتلك السلطة الفعلية والوقت الكافي (قرابة السنة ونصف)، وبالنسبة لعدم امتلاكه السلطة الفعلية والرسمية، ربما الجميع يتذكر تصريحات بلعيد عبد السلام التي كانت فيها إشارة إلى أنه لم يعين من قبل كافي على رأس الحكومة.. رغم الانتقادات التي توجه لأداء الراحل على رأس المجلس الأعلى، ليس هو الواقع بالنسبة لوجوده على رأس المنظمة الوطنية للمجاهدين، التي يقال إنها عرفت عصرها الذهبي مع كافي؟ هذا حقيقي، كافي حاول أن يجعل من المنظمة وجها تاريخيا وسياسيا، وعمل أن يكون لها وزن على مستوى صناعة القرار ويتم استشارتها والعودة إليها في القضايا الأساسية، والدليل أنه دخل المجلس الأعلى كممثل عنها، إلى جانب أنه حاول فتح باب الحوار والتواصل مع القادة التاريخيين التقليديين. وأعتقد أنه لم يكن من السهل دعوة وجوه كآيت أحمد ومهري وبن خدة ويستجيبون للدعوة، لولا ما كان بقوم به.