أصبح بالإمكان رؤية مظاهر تدخين “الشيشة" في كل مكان تقريبا من الجزائر، ورغم أن هذا النوع من التبغ والذي يسمى عادة ب “المعسل" تعود أصوله إلى دول الخليج والمشرق العربيين، إلا أن حضوره في يوميات الجزائريين أصبح واقعا خلال السنوات الأخيرة. هناك عدة أسباب أدت إلى إقبال الجزائريين على “الشيشة “ خلال السنوات الأخيرة، ويكاد يكون هناك إجماع لدى مسيري “صالونات شاي" تحدثنا إليهم بأن قدوم “الشيشة" إلى بلادنا كان من خلال التجار الذين كانوا ينشطون على محور الجزائردبي، الجزائر، سوريا، وفي خضم تأصل هذا النوع من التبغ في سلوك المدخنين بالجزائر وسيادة اعتقاد لدى العديد منهم بكون “الشيشة" ليست مضرة مثل التدخين، هناك تقارير صدرت عن المنظمة العالمية للصحة تشير إلى خطأ هذا الاعتقاد فضلا عن دراسات أجريت في الخليج العربي، حيث يكثر استهلاك “الشيشة"، تشير إلى أن عدد الجراثيم الموجودة في مياه “الشيشة" يتراوح بين 8 و10 مليون جرثومة في حين أن العدد المقبول، وفق هذه الدراسة، لا يتجاوز 200 جرثومة. لم يعد استهلاك “ الشيشة “ مقتصرا على شهر رمضان فقط كما أنه لم يعد مقتصرا على المشارقة الذين يعيشون في الجزائر، وخلال السنوت الأخيرة أصبح من المألوف رؤية الجزائريين، وحتى جزائريات، يدخنونها في مقاهي و صالونات “الشيشة" على غرار تلك الموجودة في حي سيدي يحيى الراقي ، إلى درجة أنهم صبحوا “ينافسون" المشارقة، من سوريين وفلسطينيين وغيرهم، وهم الذين تشكل “الشيشة"، بالنسبة للمدخنيين منهم، جزءا متأصلا من حياتهم الاجتماعية. ولا يتردد القائمون على مطعم “الخيمة" في رياض الفتح بالعاصمة في التأكيد على أن “الشيشة “ أصبحت مطلوبة لدى الزبائن، وفي هذا المطعم الذي عادة ما يقدم المشروبات الباردة والساخنة أيضا، يتم الإشارة إلى كون الكثير من الجزائريين والأجانب الذين يتوافدون على المطعم يطلبون “الشيشة"، حيث تقدم لهم في الغالب “رانجيلة “ بنكهتي “الكوكتال" أو “النعناع" على اعتبار أن “الشيشة" تضم عدة نكهات، منها إضافة إلى ما تم ذكره، نكهات البرتقال والتفاح والعنب أيضا. وتؤكد نفس المصادر أن الرعايا التونسيين واليمنيين متعودون على تدخين “الشيشة" في هذا المطعم الواقع في باحة “رياض الفتح" بالعاصمة كما أن الأتراك، وفق نفس المصادر، يقبلون عليها بكثرة في هذا المكان الذي كثيرا ما يقصده الأجانب من أجل وجبات تقليدية وفق ذات المصادر دائما التي تشير أيضا إلى كون الشباب الجزائري أصبح مقبلا على “الشيشة “ بشكل لافت للانتباه، حيث تقوم مجموعات من الشباب بتدخينها إما فرادى أو في شكل شلل من الأصدقاء. ويعتقد هشام قاضي وهو صاحب “صالون شاي" راق في سيدي يحيى بالعاصمة أن هذا النوع من التبغ انتشر منذ حوالي 4 أو 5 سنوات وذلك بالرغم من أن مسيري مطاعم وصالونات آخرين يعتقدون أن شيوعها بدأ في الجزائر قبل هذا التاريخ بكثير، ومن وجهة نظر هذا الشاب فإن “الشيشة “ بدأت في الانتشار في نواحي سعيد حمدين بالعاصمة، حيث كان يعيش رعايا مصريون بكثرة فضلا عن كونها بدأت تظهر، على نحو لافت، من خلال الرعايا المشارقة الآخرين عموما وعلى أيدي الجزائريين الذين “كانوا مقيمين في دبيبالإمارات العربية المتحدة “. ويقول نفس المصدر إن “الشيشة “ تحولت إلى “موضة" لأنها “أكثر نقاء وتنطوي على حياء أكثر" قياسا بالسجائر، وهذا ما يجعل البعض يدخنون “الشيشة “ ولا يدخنون السجائر وفق ذات المتحدث. ويشير هشام قاضي، من خلال تجربته، إلى أنه لا توجد فئة بعينها، دون أخرى، تقوم بتدخين “الشيشة" في بلادنا وأن “كل الفئات" في الجزائر تقوم بتدخين “الشيشة" وهذا الأمر ينطبق حسبه على الإطارات والبطالين وإلى درجة أن البعض “يدخنونها في المنازل". ويقول هشام أيضاك: “الشيشة يتم التعود عليها وأعتقد أن النكهات التي توفرها هي التي تقف وراء ذلك" قبل أن يتكلم عن عامل إخر بقوله: “البخار المنبعث من الشيشة يتسبب أيضا في ذلك على اعتبار أن الشيشة لا يتم تدخينها مثل السجائر فهي تدخن بسرعة وتفضي إلى عامل نفسي بفعل البخار المنبعث منها". تمثل “ الشيشة “ عدة نكهات مختلفة وفي الجزائر فإنها تستهلك وفقا ل7 أو 8 نكهات على غرار التفاح والبرتقال والعنب أما في الخارج فإنها تستهلك، حسب نفس المصدر، على امتداد 12 أو 13 نكهة. يتم تدخين “الشيشة" في العاصمة وفق أثمان مرتفعة، وعلى مستوى الصالون الذي يديره هشام قاضي والذي يدعى “وات ساب “ فإن ثمن"الشيشة" يصل إلى 500 دينار لكن ثمنها في أماكن أخرى يصل إلى 800 دينار وفق ما لاحظته “الجزائر نيوز" في الميدان، أما خلال شهر رمضان فإن ثمنها، وفق هشام، يصل إلى 2000 دينار غير أن بعض المناطق، خارج العاصمة، يتم فيها تدخين “الشيشة" بسعر أقل يصل إلى “حدود 200 دينار" مثلما هو الحال في مدينة العلمة شرق الجزائر. ويؤكد ذات المصدر أنه لا يعرف السبب على وجه التحديد عندما يتحدث عن كون نكهتي “التفاح و النعناع “ هما أكثر النكهات من حيث الإقبال، مشيرا إلى أن استعمال “الشيشة" بدأ أساسا في رمضان من خلال ما يعرف ب “الخيمات" التي كان يتم إنشاؤها خلال الشهر المعظم في أماكن الكثير من المطاعم، حيث بعد أن كان يكثر استهلاك “الشيشة “ من رمضان إلى رمضان .. انتشرت بقوة بعد سنوات من استهلاكها على النحو المحدود الذي تمت الإشارة إليه. وتلعب النكهة الموجودة في “الشيشة “ دورا معتبرا في الإقبال على هذا النوع من التبغ ومواصلة تدخينه، كما أنها تسبب نوعا من الآلام في الرأس بالنسبة للذين هم ليسوا متعودين عليها وذلك خلال المرات الأولى التي يتم فيها تدخينها، غير أن هشام قاضي صاحب صالون الشاي “وات ساب" يقول إن “الشيشة" لا تنطوي بقوة على التعود مثل السجائر، حيث يمكن “الاستغناء عليها يومين أو ثلاثة أيام متتابعة بسهولة، كما يتم أيضا التعود على النكهة التي قد تكون نعناعا أو نكهة أخرى". هناك اعتقاد سائد لدى بعض مدخني “الشيشة" بكونها “غير مضرة" وبأن الماء الموجود في قاع الشيشة يقوم بدور “ المصفاة" للمواد السامة التي قد توجد في هكذا نوع من التبغ، ولا يتردد نفس المصدر في التأكيد على أن السبب في هذا الاعتقاد هو كون “الشيشة" جديدة نوعا ما على المجتمع وليس هناك حالات ثابتة بعد، من حيث الأضرار التي تسببها و ذلك فضلا عن “غياب المعلومات الصحية" بشأن الموضوع، كما أن “الشيشة" لم تشكل لحد الآن أي موضوع بعينه يتم التحذير منه “من جانب السلطات الصحية في بلادنا" وفق ذات المصدر دائما الذي يضيف أن ذلك يحدث رغم أنه “في حالة تدخين الشيشة كثيرا فإن ذلك قد يسبب آلاما في الصدر وهناك عبارة شائعة تشير إلى كون شيشة واحدة تساوي 30 سيجارة “في تلميح إلى حجم الضرر الذي قد تسببه الشيشة" . يعتبر تبغ شيشة “الفاخر"، والذي مصدره من دبي في الإمارات العربية المتحدة، نوعا يتم استهلاكه بكثرة في الجزائر كما أن هنا ك نوعا خر يدعى “شيخ البلد" يتم استقدامه من تونس، يتم استهلاكه مثلا في ولاية الوادي - ومعروف لدى البعض بكونه “لا يتضمن نكهة معينة" وبالتالي هو أرخص من حيث الثمن قياسا بنوع “الفاخر"، وحسب هشام قاضي فإن “الاختلاف بين النوعين يكمن في النكهة وهذه الأخيرة هي التي تصنع الشيشة في نهاية المطاف" قبل أن يضيف بأن “الشيشة تعممت فعلا وزيادة على صالونات الشاي هناك بعض المساحات في العاصمة خاصة بالشيشة وحتى بعض النساء أصبحن يدخنها رغم أنهن لا يدخن السجائر على اعتبار أن الناس ينظرون إلى الشيشة على أنها، وبخلاف السجائر، ليس عيبا". لقد وصلت “الشيشة" إلى المطاعم أيضا والتي أصبح القائمون عليها يخصصون مساحات بأكملها لتدخين هذا النوع من التبغ وهذا ما يجعل “الشيشة" تتعمم بشكل كبير ومن يوم لآخر. قد يجهل الكثيرون المكونات الحقيقة للشيشة والتي هي في الواقع آلة تدخين بسيطة تتضمن تبغا معسلا يوضع للتدخين مع استعمال ما يعرف ب “الجمرة" والتي هي في الأساس قطعة فحم يتم شراؤها ب 100 دينار لعلبة واحدة تضم عشر قطع من الفحم، أما التبغ المعسل من نوع “الفاخر"، والذي مصدره مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة، فإن علبة واحدة منه، تسمح بتحضير ثلاث شيشات وفق هشام قاضي، يصل سعرها إلى 250 دينارا على مستوى محلات التبغ في بلادنا. ويعبر ذات المصدر عن بعض المخاوف عندما يقول إن “هذه الفحمة المستعملة عندنا خطيرة على الصحة لكونها اصطناعية، وفي أماكن بمصر ودبي رأ يت المدخنين يستعملون فحما طبيعيا" في إشارة ضمنية منه إلى كون الفحم الطبيعي لا يحمل نفس الأضرار التي يحملها الفحم الاصطناعي، ودائما بخصوص الفحم الطبيعي فإن ذات المصدر يقول إنه “موجود ولكنه أغلى ثمنا، حيث يتم استيراده من دبي ويصل ثمنه إلى 400 دج للعلبة الواحدة" قبل أن يضيف بقوله: “ لكن الناس لا يحبونه لكونه ثقيل الاحتراق لا سيما وأن مدخني الشيشة في الجزائر يحبون تدخينها بسرعة". منذ سنوات أصدرت المنظمة العالمية للصحة تقريرا تنفي فيه ما يسود من اعتقاد لدى الناس بكون “الشيشة “ لا تتضمن أية مضار على غرار ما يحدث مع السجائر، والعلبة التي تتضمن تبغ “الشيشة" والتي يتم ابتياعها في محلات التبغ في بلادنا تتضمن، وفق ما لاحظته “الجزائر نيوز" ، ملاحظة تقول “ليس هناك إيزو أو طريقة لمعرفة كميات القطران و النيكوتين" في المعسل وهي عبارة غريبة لم نجد لها أي تفسير لحد الآن، كما أننا لم نستطع معرفة المقصود منها على وجه التحديد، غير أن عدم قدرتنا على الوصول بعد إلى عدد من أسرار هذا العالم المترامي الأطراف للشيشة وتبيان مخاطرها المحتملة لا يبدو وأنه سيقف حائلا، على الأقل في الوقت الحالي، في وارد انتشارها أكثر بين الجزائريين وهي التي أصبحت شائعة فعلا في دول المشرق والخليج العربيين وحتى في دول أخرى مثل تونس وتركيا. أراء ... حول “الشيشة “ أصبح للشيشة مكان فعلي في حديث الجزائريين وهي التي كانت، قبل سنوات قليلة ، شبه مجهولة لديهم، وفي الواقع فإن تأثيرات الأفلام القادمة من المشرق العربي ومن تركيا، وبعد ذلك حركة التجارة النشطة التي كان يقوم بها الجزائريون نحو سوريا وتركيا ودبي .. كان لها فيما بعد تأثيراتها في اتجاه شيوع “الشيشة “ و “مزاحمتها “ للسجائر في عالم “الرغبة" تجاه التبغ. ويقول “فريد . ل"، وهو إطار بالعاصمة، إنه سبق له تدخين “الشيشة “ حوالي عشرين مرة في بعض مساحات “الشيشة “ وفي فنادق فخمة معروفة في العاصمة تقدم “الشيشة “ ضمن خدمات أخرى. ويقول ذات المتحدث أن آخر مرة دخن فيها “الشيشة" كانت في حدود سنة 2011 حيث شعر ببعض الوجع تسبب له في التقيؤ ومن دون أن يعرف السبب إلى حد يومنا هذا. وحول إمكانية التعود على “الشيشة “ قال ذات المتحدث إنه وبالرغم من كون تدخينه لها، لم يكن على نحو متتابع إلا أنه، ومن خلال تجربته مع تدخين هذا النوع من التبغ، شعر بقوة “الشيشة" ومخاطر التعود عليها بالنسبة للذين يتعاطونها كثيرا وعلى الدوام، حيث قال إنه “يمكن التعود عليها أكثر من السجائر والسبب الأول في ذلك هو القطران والنيكوتين المجودين فيها" وفق اعتقاد ذات المتحدث دائما. ويقول أحد بائعي التبغ ومواد التجميل بالعاصمة إن ألة “شيشة" صغيرة عنده يتم بيعها في حدود 1400 دينار وأخرى يصل ثمنها إلى 1250 دينارا أما آلة “شيشة" كبيرة فيصل ثمنها بالمحل إلى حدود 2200 دينار مع إشارته إلى أن كل آلات “الشيشة “ التي يبيعها هي من صنع صيني ضمن معطى يشير ضمنيا إلى أن الصينيين يحسنون “ترصد" الفرص بالنسبة للمواد التي تشكل حاجات معتبرة للناس في كل دول العالم. ويشير بائع تبغ ومواد تجميل آخر في العاصمة إلى أنه سبق له بيع آلتي “شيشة “ اثنتين منذ حوالي عام واحد لفائدة زبونين جزائريين، مشيرا إلى أنه باع كل آلة على حدة من الحجم الصغير ومن صنع هندي وفقه دائما بثمن يصل إلى 120 دينارا. ويضيف ذات المتحدث بقوله إن “الجزائريين يميلون نحو الآلات الصغيرة للشيشة على اعتبار أنه يمكن نقلها بسهولة من مكان إلى آخر، وما أستطيع قوله هو أن الشيشة أصبحت شائعة بينهم ولو كان لي مكان كاف لعرضها في المحل لكنت استمريت في عرضها وتسويقها" كما أشار أيضا، في نفس الاتجاه من تأكيده على الإقبال على “الشيشة “ ولواحقها، إلى أنه قام بتسويق صفيحة كاملة أيضا من الفحم المستعمل في تدخين “الشيشة".