انتشرت مقاهي الشيشة ببعض أحياء العاصمة خاصة الراقية منها وأدمنت عليها النساء بنفس القدر أو أكثر للاعتقاد السائد بأنها أقل خطرا من السجائر ،أوربما كنوع من التقليد الأعمى لما تعرضه علينا الفضائيات العربية التي لا تتوانى عن تصوير بنات البلد وهن يدخن الشيشة ، ورغم أن عدوى الشيشة وصلت متأخرة إلى الجزائر لأنها سبق وأن طالت بلدان الخليج والشام قبله دون نسيان مصر التي تعد مهد الشيشة والحجر ،إلا أنها عرفت انتشارا قياسيا في أوساط طلبة الجامعات والإناث بصفة خاصة . أول محلات الشيشة شهدها حي بالأبيار وكذا حيدرة ،حيث كانت تقتصر على الفئات الميسورة وبعض الأجانب العرب المقيمين في الجزائر . ومع دخول المستثمرين من البلاد الشقيقة شاعت صالونات الشيشة والحجر بالكثير من الأحياء الأخرى .قبل أن تطال طلبة الجامعات أيضا .إلى درجة أنها صارت موضة ومفخرة لمدمنيها الذين قد يجهلون مضارها الكثيرة والتي يحذر منها الأخصائيون اليوم في كل مناسبة لأنها بوابة الأمراض التنفسية والرئوية الأخيرة ومهد السرطانات لأن تدخين الشيشة يعادل شرب 20 سيجارة في جلسة واحدة . أنور 23 سنة طالب لبناني في معهد الإعلام والاتصال يقول أنه كان يدخن الشيشة في مقاهي لبنان منذ كان في سن المراهقة وبغير علم أهله . في حين أنه اشتاق لجلسات الشيشة و"المعسل" والجو المبهج الذي يغمره رفقة الأصدقاء وسماع موسيقى فيروز أو أنغام شرقيةأصيلة تحلي جلسة الشيشة رفقة الخلان . إلى أن سمع عن بعض الصالونات التي فتحت مؤخرا والتي تقدم لزبائنها الشيشة فطار فرحا ولم يتردد في أن يصبح أحد زبائنها الأوفياء .وأضاف بأنها تذكره ببلده مشيرا إلى أنه لم يلمس أضرارها التي صار يتحدث عنها الأخصائيون مؤخرا قائلا أنه حين يتقدم به العمر و يشعر بأن شرب الشيشة يتعبه فسيتوقف فورا. وفعلا فإن زبائن الشيشة كان جلهم من المشارقة المقيمين في الجزائر في أول عهدها بالجزائر ، إلا أن فئة زبائنها توسعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بعد أن تفشت في أوساط الجزائريين .وخاصة النساء والفتيات . تقول فريال ذات السابعة عشر ربيعا أنها ما أن سمعت من زميلاتها في العمل عن أحد الصالونات التي يقدم صاحبها الشيشة لزبائنه حتى قصدته رفقتهن . ومنذ أن ذاقتها بنكهاتها المختلفة والمغرية صارت تتردد من حين إلى آخر على المحل حتى وهي وحدها . فالشيشة عوضت السجائر لديها وقد شعرت بجرعة دخانها الزائدة . لهذا لم تعد السيجارة لوحدها تؤثر فيها . لذا فكرت في اقتناء واحدة بالبيت .وهذا برضا والدتها التي تعلمت تدخينها هي الأخرى . أما صفيان الذي يعمل في شركة مستثمرين عرب فيقول أنه تذوق الشيشة بالصدفة في إحدى الجلسات فإذا به يتحول إلى مدمن لا يستغني عنها رغم أنه يشعر بثقل في صدره بعد كل جلسة . وهو متأكد بأن آثارها ليس على الصدر فقط بل على الدماغ والمزاج بصفة عامة كبير ويفوق أضعاف المرات دخان السجائر .وأضاف أن الشيشة لا يقدر عليها سوى كبار المدخنين وأصحاب "الصدور الصحيحة" لأن دخانها الكثيف كفيل بأن يخنق المدخنين الصغار وغير المتعودين على السجائر بصفة مكثفة . في حين أكدت دليلة الزوجة الشابة بأنها وجدت الشيشة في بيتها وزوجها مدمن عليها ليس من اليوم ،بل منذ أن درس بمصر ونال شهادة الدكتوراه من هناك .وهو اليوم يحضر لزملائه القدامى وأصدقاءه جلسة شيشة ويجلب كل معداتها من الخارج ،لكنه لم يتناولها قط في الصالونات خارج البيت ،بل فقط في بيوت بعض أصدقائه من المثقفين الذين يفضلون الشيشة على السجائر في بعض أمسياتهم . الدجاجة التي تبيض ذهبا اكتشف أصحاب الصالونات الخاصة التي تقدم لزبائنها الشيشة و" المعسل "بأن زبائن هذه الأخيرة كثر .وأنها انتشرت بشكل لم يتوقعوه في البداية ، إلا أن التجربة أثبتت لهم عكس ذلك بعد فترة قصيرة من التجربة . يقول س /ك صاحب صالون بالأبيار أن تجربة الشيشة جلبت لمحله الشهرة في زمن قياسي .إذ توافد عليه هواة تدخين الشيشة من كل الجنسيات العربية وحتى الجزائريين الذين جربوها لأول مرة بعد أن قادهم فضولهم لاستكشافها فراقت لهم وأدمنوا عليها . ومنهم من كان قد اعتاد عليها أثناء تنقله إلى البلاد الشقيقة لأن كل البلاد العربية دون استثناء تقدم في مقاهيها الشيشة حتى تلك القريبة منا كتونس والمغرب وليست دول المشرق والشام فحسب .لكن يضيف صاحب المحل لجأت محلات أخرى في بعض الأحياء الراقية إلى تقديمها حتى تحظى بنفس الشعبية وتجذب زبائن جدد غالبيتهم من النساء والأجانب والطلبة أيضا. وبعد فترة خرجت من الأحياء الراقية وانتشرت أكثر فأكثر في أغلب صالونات الشاي، في المركبات السياحية و الفنادق ولم نعد نحتكرها كما كنا في أول الأمر لكن هذا لا يمنع بأننا من روادها هنا بالجزائر.وزبائننا من الأوفياء الذين لم يغادرونا . لكن اتساع شريحة مدخني الشيشة بالجزائر جعلت المحلات الأخرى تستقطب زبائن جدد . البروفسور نافثي... مخاطر الشيشة مضاعفة أطلق البروفيسور سليم نافثي صيحة تحذير من أضرار الشيشة التي بدأت تعرف إقبالا معتبرا في العاصمة وبعض المدن الكبرى .موضحا لمدمنيها أن آثارها وخيمة على الصحة أضعاف مرات السيجارة العادية .وحذر نافثي من جهل بعض الشباب لأضرار الشيشة التي اتخذت لها مكانة مميزة بينهم هذه الأيام .مشيرا أن أغلبهم لا يعون مخاطرها الحقيقية وأنها تعادل تدخين عشر سجائر . مستشهدا بنتائج آخر دراسة ميدانية في المجال والتي أثبتت بأن النيكوتين هي المادة الوحيدة التي تقتل نصف مستهلكيها سنويا .مضيفا بأن معطيات وزارة الصحة تشير إلى أن أكثر من نصف الرجال في الجزائر من المدخنين . و40 بالمائة منهم من فئة المراهقين والشباب .وهي أرقام تنذر بالخطر المحدق بصحة الشباب الجزائري من الجنسين جراء التدخين . بحيث بلغت نسبة النساء المدخنات 9 بالمائة .محذرا في ذات الوقت من أضرار التدخين السلبي الذي لا تقل أخطاره عن الأول ، إذ تشير الدراسات العلمية الأخيرة في المجال بعض الأحيان إلى أنه أمر وأدهى . إلى درجة أنه يسبب الموت المفاجئ للرضع . "15 ألف وفاة سنويا بسبب التدخين تسجل الجزائر سنويا 15 ألف وفاة في أوساط المدخنين ، ومع اقتحام الشيشة قاعات الشاي وحتى المقاهي الشعبية وولوجها بيوت بعض الجزائريين ، فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع أكثر باعتبار أن أضرار الشيشة مضاعفة خمس مرات على الأقل . وأشار البروفيسور سليم نافثي أنها تتسبب في الإصابة بسرطان الرئة و الحنجرة بخمس مرات أكثر من تدخين السجائر العادية وناد البروفيسور نافثي بضرورة الابتعاد عن السجائر والشيشة معا مع التأكيد على أن الشيشة أخطر من التدخين العادي بخمس مرات، ناهيك عن احتمال متزايد لنقلها لكثير من الأمراض المعدية الأخرى كالسل . حيث يؤدي استعمالها المتكرر وتنقلها من شخص الى آخر في تفشي عدوى الأمراض التنفسية . وما ينبغي أن يعرفه الكثير من الناس وخاصة الشباب يضيف البروفيسور أن هذه الأدوات لا تخضع لأية مراقبة ولا يتم تنظيفها إلا في مرات نادرة وهو ما يتسبب حتما في كوارث صحية نحن في غنى عنها . وشدد في الأخير على إدمان النساء للشيشة بشكل كبير . فالكثيرات تستهو يهن نكهاتها المختلفة و أخريات يدخنها من باب التقليد الأعمى لبطلات المسلسلات العربية واللبنانية ، في حين أن أضرارها مضاعفة على النساء بصفة خاصة . وأنها تضاعف الإصابة بالسرطانات المختلفة بأنواعها , كما تضاعف خطر الإجهاض لدى الحوامل وتشوه الأجنة . مضيفا إلى أن استهلاك النساء للشيشة هو انتحار فعلي .لأن الشيشة الواحدة تعادل استهلاك علبتين من السجائر في وقت واحد. سموم بنكهة الفواكه حذرت منظمة الصحة العالمية من الأخطار الصحية لتدخين الشيشة (النارجيلة) التي قالت أنها تحمل نفس أخطار السجائر. وأضافت أن أبحاثا لاحقة ينبغي أن تجرى لدراسة العلاقة بين «التدخين عبر الماء» وبين عدد من الأمراض القاتلة. وقالت المنظمة في وثيقة نشرت مؤخرا من أن«استخدام الشيشة لتدخين التبغ لا يعتبر بديلا آمنا لتدخين السجائر وبعكس التصورات القديمة والاعتقادات الشعبية، فإن الدخان المنبعث من مبسم الشيشة يحتوي على عدد من المواد السامة التي يعرف عنها تسببها في حدوث سرطان الرئة وأمراض أخرى». وحذرت مذكرة المنظمة من أن استخدام الشيشة لتدخين التبغ المطعم بأنواع «المعسلات» وبطعم الفواكه، يعرض الشخص المدخن إلى كمية أكبر من الدخان على مدى أطول، مقارنة بالزمن الذي يقضى في تدخين السجائر. وأظهرت الأبحاث الأولية أن تدخين الشيشة له أخطار مماثلة لتدخين السجائر، بل أنه يمكن أن يشكل مخاطر صحية «فريدة» في نوعها. وظلت الشيشة تستخدم لقرون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى. وازدادت شعبيتها أخيرا في الولاياتالمتحدة وأوروبا والبرازيل، خصوصا بين صفوف طلاب الجامعات من عشاق القهوة! وقالت المنظمة إن هذه التوجهات استندت جزئيا الى «افتراضات ليس لها أي أساس» حول سلامة تدخين الشيشة.